ملفات وتقارير

في ذكرى توقيع "أوسلو".. ماذا قدمت للأسرى الفلسطينيين؟

في 4 أيار/مايو 1994 تم توقيع اتفاق القاهرة، وأفرج آنذاك عن حوالي 5 آلاف أسير خلال أسبوع واحد- تويتر
في 4 أيار/مايو 1994 تم توقيع اتفاق القاهرة، وأفرج آنذاك عن حوالي 5 آلاف أسير خلال أسبوع واحد- تويتر

منذ مضي نحو 27 عاما على توقيع اتفاقية أوسلو، لا تزال قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال رهن التعنت الإسرائيلي بعد الإفراج عنهم، ما يثير تساؤلا حول ما قدمته الاتفاقية للقابعين خلف القضبان.

ورغم أن توقيع اتفاقية أوسلو في الثالث عشر من أيلول/ سبتمبر عام 1993 بين الاحتلال الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية جاء في ظل وجود أكثر من تسعة آلاف أسير فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية بعد الانتفاضة الأولى، إلا أن الفلسطينيين تفاجأوا بعدم وجود أي بند فيها يقضي أو يطالب بالإفراج عنهم، ما أشعل موجة من الاحتجاج على الاتفاقية.

 

تجاهل الأسرى

ويؤكد وزير شؤون الأسرى الأسبق وصفي قبها لـ"عربي21" بأن اتفاقية أوسلو تجاهلت الأسرى بشكل كامل.

ويقول إن قضيتهم لم تكن أصلا ضمن بنودها ولم يكن هناك أي بند يتعلق بهم، لافتا إلى أن المفاوضين الممثلين عن السلطة تذكروا لاحقا قضيتهم حين انتفض الأسرى بعد مرور توقيع الاتفاقية وعدم وجود أي بند يمثل قضيتهم أو يطالب بحقهم في الحرية.

ويضيف: "كان شمعون بيريس وقتها يحمل في جيبه قوائم الأسرى استعدادا للتفاوض حول جدولة إطلاق سراحهم، ولكنه تفاجأ أن المفاوض الفلسطيني لم يتطرق أصلا لقضيتهم ولم يطالب بالإفراج عنهم".

ويرى قبها بأن المفاوض الفلسطيني تطرق لقضية الأسرى الفلسطينيين متأخرا جدا، حيث حين علم الاحتلال أن ورقة الأسرى ثمينة جدا استطاع من خلالها ابتزاز المفاوضين.


ويتابع: "حين سُئل المفاوض الفلسطيني لماذا تم تجاهل قضية الأسرى في اتفاقية أوسلو قال تركنا الأمر لحسن نوايا الاحتلال الذي سيفرج عنهم بعد الاتفاق عن الأسرى، وكأن المفاوض لا يعلم طبيعة الاحتلال وتجبره على الفلسطينيين، لذلك أصبحت الأمور متأزمة".


ويوضح بأن الاحتلال حين طالب المفاوضين متأخرا بالإفراج عن الأسرى وضع 24 شرطا لذلك؛ وأصبح هناك تصنيف لهم ما بين من يسميهم بالملطخة أيديهم بدماء الجنود والمستوطنين وغير الملطخة، مبينا بأن تجزئة الإفراج عن الأسرى ما زالت مستمرة حتى الآن حيث ما زال 26 أسيرا ينتظرون الإفراج عنهم منذ توقيع الاتفاقية أبرزهم محمود عيسى وكريم وماهر يونس.

 

اقرأ أيضا: اعتقال فلسطينيين حاولوا تهريب هواتف للأسرى بطريقة فريدة

ويصف قبها اتفاقية أوسلو بأنها عامل ضغط وتضييق على الأسرى ولم تقدم لهم شيئا، كما أن دبابات الاحتلال داست الاتفاقية وما زالت القضايا المؤجلة مثل القدس والحدود والدولة غير قائمة بسبب ما أحدثه الاحتلال من تغيير على الأرض والجغرافيا والديموغرافيا، بحيث أصبح قرار حل الدولتين شبه مستحيل.


أما عن المطلوب حاليا فيؤكد الوزير الأسبق بأنه إلغاء الاتفاق والنظر إلى معاناة الأسرى وسحب الاعتراف بالكيان الإسرائيلي واجتماع المجلس الوطني والتشريعي الفلسطيني كي يتم إلغاء الاعتراف بالكيان، وكذلك إلغاء كل الاتفاقيات المنبثقة عن أوسلو وليس تجميد العمل بها.


ويتابع: "أصبحت السلطة فقط وظيفية تقوم بأعمال أمنية ليس لحماية الشعب بل المستوطنين وملاحقة الشرفاء تحت مظلة أوسلو وبند التنسيق الأمني".

استدراك متأخر


وفي 4 أيار/مايو 1994 تم توقيع اتفاق القاهرة، وأفرج آنذاك عن حوالي 5 آلاف أسير خلال أسبوع واحد، ولكن هذا الأمر لم يحظ بتأييد الأسرى لأسباب عدة، أبرزها: أن جميع من أفرج عنهم هم من ذوي الأحكام الخفيفة، وتم تجاهل الأسرى المحكومين بأحكام عالية أو مؤبدة.

ولم تشمل الإفراجات أسرى القدس والداخل المحتل ولا أسرى حماس والجهاد، كما لم تذكر اتفاقية القاهرة أي بند يتحدث عن الإفراج عن جميع الأسرى وفق جدول زمني محدد.


وفي اتفاق القاهرة كذلك أفرجت دولة الاحتلال عن الأسرى ضمن عملية "عفو" وليس إفراجا بمنطق السلام مما شكّل إهانة للأسرى وتضحياتهم، وتم ربط الإفراج عن الأسرى بالعملاء الموجودين في الضفة تحت بند "تعزيز الثقة"، أي أن الوفد الفلسطيني المفاوض قبل بمبدأ المساواة بين العملاء والأسرى.


وفرض الاتفاق وثيقة تعهّد على الأسرى المفرج عنهم رضي بها الوفد المفاوض الفلسطيني تتضمن التوقيع على الامتناع عن "ممارسة الإرهاب والعنف" واحترام القانون، إضافة إلى الموافقة على النفي إلى منطقة غزة أو أريحا مدة محكوميتهم ليكونوا تحت إشراف الأجهزة الأمنية الفلسطينية.


بدوره يؤكد مدير مركز حريات للحقوق المدنية حلمي الأعرج لـ"عربي21" أن اتفاقيات أوسلو لم تأت على ذكر قضية الأسرى وحريتهم من سجون الاحتلال.


ويوضح بأن الذي تطرق لذلك فقط هو اتفاق القاهرة المكمل عمليا لاتفاقية أوسلو في أيار/مايو عام 1994 والذي أدى إلى إطلاق سراح خمسة آلاف أسير وأسيرة.


ويعتبر الأعرج أن التحرك الشعبي الذي تلا توقيع الاتفاقية بشأن ضرورة الإفراج عن الأسرى كان محركا رئيسيا لاستدراك قضيتهم في الاتفاقيات المكملة، إلى جانب خوض الحركة الأسيرة إضرابا آنذاك تم على إثره توقيع اتفاق واضح يشير إلى استعداد الاحتلال للإفراج عن أسرى فلسطينيين.


ويضيف: "إسرائيل في ذلك الوقت ونتيجة هذا الضغط الذي تعرضت له وافقت على إطلاق سراح أسرى ممن صنفتهم أنهم (غير ملطخة أيديهم بالدماء)، وتقصد أنهم لم يشاركوا في قتل جنود ومستوطنين، وعليه تم إطلاق سراح دفعات من الأسرى بينهم محكومون بالسجن المؤبد بسبب قتل متعاونين مع الاحتلال، وبقيت حتى الآن دفعة من 26 أسيرا اعتقلوا قبل اتفاقية أوسلو".


ويشير الناشط إلى أن اتفاقية أوسلو لم تقدم إنجازا عمليا للأسرى، ولم تساهم في دفع الظلم الواقع، أو حتى وضع شروط لتحسين ظروفهم الاعتقالية.


الانقسام بين الأسرى

 

أما الباحثة في قضية الأسرى أمينة الطويل فاعتبرت أن الاتفاقية عززت من مشكلة الانقسام والفصائلية بين الأسرى.


وتقول لـ"عربي21" إن تيار حركة فتح المؤيد للاتفاق بين الأسرى كان يريد ترويض نفسه على الخروج من دائرة الكفاح المسلح والتعايش على مفهوم السلام مع الاحتلال، بينما كان هناك تيار آخر ثوري في الحركة رافض للاتفاق.


وتوضح بأن الأسرى التابعين للحركات المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية كانت لديهم حالة غضب على الاتفاق، خاصة أنه كان بين طرفين غير متكافئين لا سياسيا ولا عسكريا.


وتضيف: "في اتفاقية أوسلو لم يتم طرح قضية الأسرى بل تركت لواقع مجهول وصارت ورقة ابتزاز سياسي للسلطة خلال عقد أي من جلسات الحوار أو تفاوض للسلام".

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يشن حملة اعتقالات ومداهمات في الضفة والقدس

وترى بأن الاتفاقية تجاهلت إنجازات الحركة الأسيرة التي تُركت رهينة للاحتلال، حيث اعتبر الأسرى أن الاتفاقية طعنتهم في الظهر وتجاهلت نضالاتهم وحراكاتهم الدولية الساعية للتعريف بقضيتهم.


أما قدورة فارس رئيس جمعية نادي الأسير الفلسطيني والتي أنشأتها السلطة الفلسطينية عام 1993، فيرى بأن اتفاقية أوسلو كانت مجتزأة في كل تفاصيلها.


ويقول لـ"عربي21" إن الاتفاقية جاءت مجتزأة في كل شيء في ما يتعلق بقضايا الأرض والقدس والمياه والموارد الطبيعية، مبينا أن الاتفاق لم يخل من الأخطاء.


وفي ما يتعلق بالأسرى، يوضح أن اتفاق أوسلو لم يرتق إلى تطلعات الإفراج عنهم، لكن السلطة تداركت هذا الأمر وبدأت تطالب بالإفراج عن الأسرى عام 1994.


ويرى فارس بأن آلية التعامل مع ملف الأسرى لم يكن بناء على مبادئ بل من خلال أرقام فقط، وتم ترك حرية التحكم بالإفراج عنهم للاحتلال الذي بدأ يضع شروطا عليهم ويصنفهم إلى أسرى ملطخة أيديهم بالدماء أو غير ملطخة، وهو ما جعل الأسرى يشعرون بحالة من الاستياء.


ويعتبر أن اتفاقية أوسلو أبقت موضوع الأسرى دون حل جذري حتى الآن، وهذا ما يفسر وجود أسرى في السجون الإسرائيلية ممن تم اعتقالهم منذ ما قبل توقيع الاتفاقية.

التعليقات (2)
محمد يعقوب
الجمعة، 18-09-2020 02:12 ص
عباس مهندس أوسلو، كما يفخر به، عباس هذا عدو الشعب الفلسطيني بلا منازع. ترك ألأسرى على حالهم، وحارب غزة بلا هواده، لأنها تحارب أهله نو إسرائيل. عباس لعنة على فلسطين وشعبها. أفسد كل من حوله بالفلوس التي تفسد النفوس الضعيفة وسيطر عليهم بعطاياه، حتى يسلم ما تبقى من فلسطين للذين يقول عنهم عباس أنهم أصحاب فلسطين ألأوائل.
ابو لؤي التميمي
الخميس، 17-09-2020 07:56 م
الاتفاقيه كلهاقائمة على اخطاء وعدم قدرةعالتفاوض ولذا اهملوا الاسرى وتركوا 65%منرالارض منطقةج في يد اسراىيل امنيا وسكانيا حتى اصبحت مهددة بالتهجير تحت الهدم