سياسة دولية

فوكس: هذه أوجه الشبه بين الإمبراطورية الرومانية وأمريكا

هل تسير أمريكا على طريق السقوط؟ - جيتي
هل تسير أمريكا على طريق السقوط؟ - جيتي


نشر موقع "فوكس" الأمريكي تقريرا قارن فيه بين وضع الولايات المتحدة الأمريكية وبين الإمبراطورية الرومانية، لافتا إلى العوامل التي أدت إلى سقوط الإمبراطورية القديمة وتساءل: "هل أمريكا على نفس المسار؟".

واستهل الموقع تقريره بالقول: "إن كنت مواطناً رومانياً، قبل 200 عاماً من الميلاد، فمن المحتمل أنك كنت تفترض أن روما ستستمر إلى الأبد. في ذلك الوقت كانت روما أعظم إمبراطورية في تاريخ البشرية، وقد أثبتت مؤسساتها صمودها خلال الغزوات وجميع أنواع الكوارث. لكن أسس روما بدأت تضعف وتنهار بعد أقل من قرن، وبحلول 27 قبل الميلاد انهارت الإمبراطورية بالكامل".

وأضاف: "قصة سقوط روما معقدة ولكنها واضحة، أصبحت الدولة كبيرة جداً وفوضوية. فساد تأثير المال والمصالح الخاصة على المؤسسات العامة، والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي الكبير جداً لدرجة أن المواطنين فقدوا الثقة في النظام تماماً وسقطوا تدريجياً في أحضان الطغاة".

وأوضح: "قد يبدو ذلك مألوفاً لأن أوجه التشابه مع الحالة السياسية الحالية في أمريكا مذهلة".

ونشر إدوارد واتس، المؤرخ في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، كتاباً عام 2018 بعنوان Mortal Republic والذي يوضح فيه بدقة الأخطاء التي حدثت في روما القديمة، وكيف يمكن لدروس تدهورها أن تساعد في إنقاذ الجمهوريات مثل الولايات المتحدة.

ويقول الكاتب واتس حول توقيت كتابه عن تراجع روما: "عندما بدأت بتدريس التاريخ الروماني، كانت الأسئلة من الطلاب تدور حول مقارنة نهاية الإمبراطورية الرومانية بالإمبراطورية الأمريكية، في السنوات العشر الماضية، يهتم الطلاب بروما كجمهورية وما إذا كانت الجمهورية الأمريكية تنهار بنفس الطريقة. إنهم يرون الكثير من أوجه التشابه، خاصة في كيفية هيكلة النظامين".

وعن أوجه التشابه يقول واتس: "أولا علينا أن نتذكر أن الولايات المتحدة ديمقراطية تمثيلية. ونميل إلى إسقاط الجزء التمثيلي عندما يتعلق الأمر بالنظام السياسي الذي نعيش في ظله، في الواقع إن الأمر مهم جداً، هذه ليست ديمقراطية مباشرة وهي تشبه تماماً ما كانت عليه روما".

ويوضح: "في كلا الحالتين لديك نظام يتم فيه اختيار الأشخاص من قبل الناخبين، ثم هؤلاء يتخذون القرارات، بعدها يتم محاسبتهم على هذه القرارات. لكن بدأ الناس يلاحظون أنهم توقفوا عن اتخاذ قرارات صائبة أو أصيبوا بالشلل جراء تقلبات الرأي العام. هذه الأمور كانت قد حدثت بالفعل عندما بدأت روما في الانحدار، وكلاهما يحدثان الآن في الولايات المتحدة".

 

اقرأ أيضا: ترامب مستاء من نصائح كوشنر.. ويقرر اتباع حدسه

وطرح كاتب التقرير السؤال التالي على واتس: "لقد اعتقد الرومان أن روما ستستمر للأبد، ما الذي كان بإمكانهم فعله بشكل مختلف، ومتى كان عليهم فعل ذلك؟"، ليجيب واتس: "كان يجب عليهم معرفة ما تم تصميم نظامهم عليه، كان من الأفضل عدم اتخاذ أي قرار بدلاً من اتخاذ قرارات سيئة. ما فشل الرومان في تقديره هو أن عملياتهم كانت بطيئة لأسباب وجيهة للغاية. لمدة 300 عام، عمل هذا النظام جيداً في روما، ولكن بعد قرن من وجوده، تم استخدام أدوات التداول ليس لتسهيل التسوية ولكن لعرقلة ومعاقبة الأعداء السياسيين ومنع أي شيء من الحدوث. مما أدى إلى تدمير النوايا الحسنة داخل النظام وتسميمها في أذهان الناخبين".

وأوضح: "أعتقد أننا في المراحل الأولى من عملية يمكن أن تؤدي إلى ذلك، العملية التي بدأت في روما كان أهمها عدم المساواة الاقتصادية وعدم رغبة الناس في الطبقة العليا من الدولة بمعالجة عدم المساوة. ونظراً لعدم تلبية احتياجات الناس لعقود من الزمن، تصاعدت التوترات حتى اندلعت أعمال العنف. وبمجرد أن بدأ العنف كان من الصعب جداً استعادة السيطرة".

وقال: "في الولايات المتحدة لا أعتقد أننا وصلنا إلى هناك بعد، لكن هناك أسبابا تدعو للقلق الحقيقي".

ويؤكد واتس على أن "مشكلة عدم المساواة هي الأكثر لفتاً للنظر، ترى أن الأثرياء يقوضون النظام الذي جعلهم أثرياء، ويفشلون بشكل تام برؤية الدمار الذي قد يحدث على المدى الطويل".

ويقول: "إنها مشكلة حقيقية اليوم وكذلك كانت في روما. مما يؤدي إلى خلق ظروف اقتصادية تدفع الأشخاص في الطبقة الوسطى إلى الشعور بالإحباط الشديد لأن آفاقهم الاقتصادية محدودة. وما يحدث في النهاية هو أن الأشخاص الذين ينتصرون في هذه الثورة الاقتصادية يحاولون الحفاظ على مكاسبهم بأي وسيلة ممكنة، وهذا يشمل عرقلة السياسة، وتزوير الانتخابات، وعدم الاستعداد لتقديم التنازلات".

ويتابع: "بعدها تبدأ دوامة الموت التي تؤدي إلى القضاء على النظام من الداخل، ومن الأفضل أن نتعلم من ذلك، لأن قصة روما تظهر أنه بمجرد وصولك إلى نقطة الانهيار، فإنه لا يمكنك العودة أبداً".

وفي رده على سؤال: "هل ما حدث لروما كان نتيجة قيام السياسيين الرومان بتفضيل مصلحتهم الذاتية على مصلحة الجمهورية، أم أن هناك شيئا أعمق؟"، يقول واتس: "أعتقد أن تآكل القواعد بدأ عندما أقنع السياسيون الرومانيون أنفسهم بأن طموحاتهم الشخصية ومصلحة الجمهورية هي شيء واحد. بدأوا يتصرفون من أجل مصلحتهم الذاتية لكنهم خدعوا أنفسهم في التفكير بأن ذلك كان من أجل تحسين روما".

وتابع: "كما أن السياسيين الرومان مثلهم مثل السياسيين الأمريكيين اليوم، بدأوا بالاعتقاد بأن كل ما يحتاجونه هو 51% من دعم الناس، وأن 49% الباقية لا تهمهم. ولكن هذه ليست الطريقة التي من المفترض أن يعمل بها النظام الأمريكي. تم تصميم الديمقراطيات التمثيلية لتهدئة عواطف الديمقراطية النقية والعثور على ممثلين يمكنهم التفكير في سياسات طويلة الأمد، وصياغة سياسات تحل المشكلات بطرق تحظى بدعم واسع".

وقال إن قصة روما تظهر أن الناس كانوا يثقون جداً في النظام الجمهوري، حتى ظهر أشخاص مثل دونالد ترامب فوصلت الأمور إلى نقطة تحول. دورات الحياة هذه هي التي يتم فيها إعادة تشغيل النظام، وتصيب الناس بالصدمة، ثم يتراجعون ويسمحون للأشياء بالعودة إلى إيقاعها الطبيعي قبل أن يصابوا مرة أخرى بالإحباط.

وأوضح: "أعتقد أن الأمر الأكثر رعباً هو أن الجمهورية لا يمكن أن تنهار خلال خمس سنوات، بل تستغرق 50 أو 70 أو 120 عاماً، لذا من المحتمل ألا يكون ترامب هو آخر هذه الأنواع من الشخصيات".

وقال واتس: "أنا قلق للغاية بشأن مسار الجمهورية الأمريكية، ولكني على ثقة من أن عدداً كافياً من الناس يدركون أنه من الأفضل أن يكون لديك جمهورية على عدم امتلاك أي شيء على الإطلاق.

إن الأمر مرهون بيد الناخبين، للدفاع عن مؤسساتنا ومعاقبة الأشخاص الذين يسيئون استخدام الأدوات التي من المفترض أن تجعل الدولة قوية عوضاً عن تقويضها".

وختم حديثه بالقول: "كانت هناك لحظات بدت فيها الولايات المتحدة في ورطة خطيرة ولكنها تمكنت من التعافي. لكن علينا أن نكون يقظين وندافع عن سلامة الجمهورية، وندافع عن نزاهة النظام، ونعاقب من يسيء إلى مؤسساتنا وينتهك أعرافنا".

التعليقات (0)