مقالات مختارة

فتشوا عن إسرائيل في مرفأ بيروت

ماهر أبو طير
1300x600
1300x600

الكارثة التي حلت على الأشقاء اللبنانيين، مؤلمة جدا، وهذه هي بيروت القريبة منا، خمسون دقيقة بالطائرة من عمان إلى بيروت تقريبا، فهي على مرمى القلب وأقرب.

تنهمر التحليلات هذه الساعات، حول سبب الكارثة، وإذا كان الكلام عن تحقيق محلي أو دولي، يزاحم الأزمة في ظلالها الإنسانية، إلا أنه من المؤكد ان انفجارا بهذا الحجم، لن يترك خلفه دليلا، فلا أحياء نجوا ليحكوا عن الذي حدث في مرفأ بيروت، ولا أدلة تبقى ولا آثار.

آلاف الأطنان من نترات الأمونيا، مخزنة في ظروف سيئة، منذ سنوات، مع ألعاب نارية ومفرقعات، في ذات المنطقة، واذا كان البعض يتحدث عن تماس كهربائي، أو وجود عمليات لحام بالأوكسجين في تلك المنطقة أدت إلى الحريق أولا، أو ان ارتفاع حرارة الطقس مع سوء التخزين أديا إلى هذه الكارثة، فإن السيناريو الإسرائيلي لا يغيب أيضا.

حسن نصر الله زعيم حزب الله، هدد قبل سنوات، الاحتلال الإسرائيلي بتفجير مخازن الأمونيا على شواطئ حيفا المحتلة وتحدث يومها عن تفجير شبه نووي سيؤدي إلى مقتل عشرات الآلاف، ولأن العرب ينسون فيما الإسرائيليون لا ينسون، بقيت القصة عالقة ولم تتبدد.

على الأرجح أن ما جرى في مرفأ بيروت عمل تخريبي، عبر عميل زرع عبوة ناسفة تم توقيتها، داخل العنبر، فانفجرت دون موعد، ليس ردا على تهديد حسن نصر الله القديم، بل لغايات أخرى، وعملية زرع العبوة الموقوتة ليست صعبة، في بلد يوجد لإسرائيل فيه عملاء، فيما الكلام عن صاروخ موجه من سفينة، أو عبر طائرة لم يثبت حتى الآن، وكل الفيديوهات التي يتم توزيعها إما قديمة لحوادث حدثت في مناطق ثانية، أو على أساس استنتاجات أو روايات شهود عيان يقولون انهم رأوا صاروخا ينطلق نحو المرفأ، لكن لا احد قدم دليلا نهائيا على ما يقول، لتبقى رواية العبوة الناسفة الموقوتة محتملة، وقابلة للتأكيد أو النفي لاحقا.

لكن الخلاصة هنا، أن التفجير كان بفعل فاعل، واذا كان الغضب الشعبي ينصب على مؤسسات الدولة اللبنانية بسبب الإهمال، وترك مدينة بحرية عائمة على شبه قنبلة نووية طوال هذه السنوات، بحيث وجد من أراد بلبنان شرا قنبلة جاهزة للتفجير دون ان يتحمل أي مسؤولية علنية، فإن هذا لا ينفي ان الحادث يصب في إطار آخر، هو المعركة بين حزب الله وإسرائيل، والحاجة لخلخلة لبنان كليا فوق أزماته.

من الطبيعي جدا أن ينفي حزب الله، وجود مخازن أسلحة له، في المرفأ، وهو سيدفع بكل قوته من اجل نفي رواية الحادث التخريبي من جانب إسرائيل حتى لا يتحمل المسؤولية أمام اللبنانيين، وقد اصبحوا بلا ميناء، ولا وقود ولا أدوية ولا قمح كافيا، ولا غذاء بسبب تدمير الميناء، فحزب الله هنا، ليس من مصلحته ان يتحمل الكلفة أمام اللبنانيين، وانه جلب اليهم اللعنات عبر الإسرائيليين، الذين يريدون تدمير لبنان كونه بات تحت حكم حزب الله، فيما من الطبيعي جدا ان ينفي الإسرائيليون علاقتهم بالحادثة حتى لا يتحملوا الكلفة أمام العالم، كلفة الضرر الواقع على الأبرياء، وتدمير مدينة بأكملها، وتجنبا لرد فعل حزب الله، الذي أيضا للمفارقة لن يرد على الحادثة حتى لو تأكد أنها مجرد عمل تخريبي، كون لبنان اليوم في اضعف حالاته، ولا يحتمل الدخول في حرب، ولا جر البلد إلى مواجهة بهذا الشكل.

حادثة التفجير لمرفأ بيروت، غامضة، وهي تذكرنا بعشرات حوادث التفجير والحرائق في ايران، وهي حوادث لم تستطع ايران تفسيرها، تبدأ فجأة وتضرب أهم المنشآت، وكأننا أمام شبكات إسرائيلية تقوم بأعمال تخريبية في كل مكان، أو اختراقات تقنية تؤدي إلى الحوادث وفقا لبعض التفسيرات، والذي يحلل حوادث ايران، وحادثة مرفأ بيروت، يجد شبها غريبا، فالحرائق تبدأ فجأة، ودون سبب واضح، في مؤسسات حساسة وأساسية.

ما يهم هنا، وسط هذا المشهد القابل للتأكيد والنفي، ان نقول ان الشعب اللبناني تعب كثيرا، وحمل أحمالا ثقيلة، فوق الانهيار الاقتصادي، والصراع السياسي، ووباء كورونا، وكل هذا يقودنا إلى السؤال حول الكلفة السياسية التي سنراها في لبنان عما قريب.
ولو تبين لاحقا براءة إسرائيل من الحادثة، إلا أنها المستفيد الأول والأخير.

 

 

(نقلا عن صحيفة الغد الأردنية)
1
التعليقات (1)
علي النويلاتي
الخميس، 06-08-2020 11:52 ص
يعلم الجميع أن إسرائيل تقوم بتدمير مخازن الأسلحة والذخيرة ومصانع ومخابر عسكرية في سوريا بشكل مستمر منذ سنين، ناهيك عن عشرات حوادث التفجير والحرائق في ايران التي تقوم بها إسرائيل من خلال عملائها. ومن المؤكد أنها تعلم عن وجود أطنان نترات الأمونيوم القابلة للتفجير في مرفأ بيروت. ومن المؤكد أن إسرائيل على علم بوجود هذه الكمية من الأمونيوم. إسرائيل تؤمن أن كل شيء يضر بالعرب هو في مصلحتها. والجميع يعلم أن إسرائيل العنصرية لا تقيم أي وزن للعرب بمسيحييه ومسلميه، فهم بالنسبة لقادتها ومتطرفيها ليسوا سوى مخلوقات من الحيوانات خلقهم الله بصورة البشر لخدمة اليهود، وما أفعالها من سرقة فلسطين من شعبها وعشرات المذابح وما قامت به ليس فقط ضد فلسطين والشعب الفلسطيني وإنما ضد لبنان والشعب اللبناني من قتل ودمار وتفجيرات وإغتيالات وحروب في 1982 و 2006 وعشرات الإعتدائات الأخرى سوى أمثلة على مدى وحشية هذا العدو وجرائمه وعنصريته. وحتى ترامب المغرم بإسرائيل ووزير حربيته قالوا أن ذلك ليس حادث وإنما تفجير مدبر. لذلك فإن من يعتقد أن إسرائيل ليست وراء هذا الحادث عليه فحص عقله.