هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تصاعدت خلال الأسابيع الماضية، التهديدات الأمريكية تجاه منصة "تيك توك" الصينية للفيديوهات القصيرة، وسط تلميحات إلى إمكانية حجبها داخل أمريكا.
حجب "تيك توك" بالولايات المتحدة، يعني حرمان نحو 80 مليون مستخدم من المنصة، من أصل 2 مليار حول العالم، بحسب بيانات موقع "سينسور تاور"، وهو ما دفع بمستثمرين أمريكيين إلى العمل بشكل جدّي لشراء الشركة من مالكها الصيني "مجموعة ByteDance"، والتي أبدى رئيسها التنفيذي زانغ ييمينغ مرونة في بيعها، بحسب صحيفة "ذا انفورميشن".
ويأتي هذا التصعيد مواكبا لتوتر العلاقات بين الجانبين خلال الفترة الماضية، بدءا من أزمة كورونا، ثم احتجاجات هونغ كونغ، ووصولا إلى دعم واشنطن لدلهي في مواجهاتها مع بكين.
أسباب الأزمة
على وقع المناوشات التي جرت على الحدود الصينية الهندية، حظرت دلهي تطبيق "تيك توك" و"ويشات" إضافة إلى نحو 59 تطبيقا صينيا، لتوجه ضربة قوية للتكنلوجيا الصينية التي تعتمد بقوة على المستهلك الهندي، والذي يأتي أولا بعد الصين في العالم.
تزامنت هذه الخطوة مع تصعيد أمريكي تجاه "تيك توك" بسبب ما تصفه واشنطن بـ"التهديد الأمني" الذي يشكله البرنامج، في إشارة إلى مخاوف استخدامه للتجسس من قبل الصين.
وقررت الولايات المتحدة كخطوة أولى، منع جميع موظفيها الفيدراليين من استخدام "تيك توك"، إضافة إلى تصريح وزير الخارجية مايك بومبيو، بأن بلاده تفكر جديّا في حظر جميع التطبيقات الصينية في البلاد.
ليست مزحة
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، قالت إن ما تقوم به واشنطن تجاه "تيك توك" ليس أمرا عاديا، حتى وإن بدت القضية للوهلة الأولى بسيطة.
وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21"، أنه "للوهلة الأولى، قد يبدو من السخف أن لجنة الخزانة الأمريكية للاستثمار الأجنبي (CFIUS) ستحقق في نشاط "تيك توك" والذي يغلب عليه فيديوهات الرقص السخيفة من قبل المراهقين.
وبحسب المجلة، فإنه وبرغم عدم وصول "تيك توك" إلى درجة الخطر على الأمن القومي الأمريكي، إلى أن توظيف المنصة لأهداف سياسية تخدم الصين، وآخرها حجب المظاهرات في هونغ كونغ، وحجب تقارير تدين سجل بكين في انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أن الإدارة الأمريكية تبدو جادة في شن الحرب عليها.
وأوضحت المجلة أن الأمريكيين مؤمنون بوجود تهديد قادم من "تيك توك"، إلا أنهم لم يضعوا يدهم على نقطة الخطر بعد، ولم يحددوا بشكل قطعي ماهية هذا التهديد.
وقالت المجلة إن من الأسباب المحتملة لهذا الخطر، هو قدرة "تيك توك" على جمع قاعدة بيانات مهولة من مستخدميها الذين يتفاعلون مع بعضهم بشكل كبير جدا، ويصل معدل استخدام الفرد الواحد للمنصة يوميا 45 دقيقة.
فيما ذكرت شبكة "بي بي سي"، أن قانون الأمن القومي الذي أصدرته الصين في 2017، يجبر أي منظمة أو شركة صينية، على تسليم بيانات مستخدميها الأجانب للحكومة في حال طلبت الأخيرة ذلك.
وأوضحت "بي بي سي" في تقرير للخبير في الأمن السيبراني جوي تيدي، ترجمته "عربي21"، أن هذا القانون يلزم أي شركة في تقديم معلومات تجسسية للدولة.
اقرأ أيضا: موظفو "أمازون" ممنوعون من استخدام "tiktok" لأسباب أمنية
"تيك توك" تدافع
نقل تقرير "بي بي سي" عن مسؤول السياسة العامة بـ"تيك توك" في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ثيو بيرترام، قوله إن "الاتهامات بأننا نخضع لسيطرة بكّين، كاذبة تماما".
وقال بيرترام إنه في حال طلبت الصين من "تيك توك" تسليم بيانات للمستخدمين، فإن رد الشركة سيكون الرفض بشكل قطعي.
وعلق جوي تيدي بأنه في حال رفضت "تيك توك" فعلا طلبات الحكومة الصينية، فإن عليها تحمّل غضب الحزب الشيوعي الحاكم.
وتقول "ByteDance" التي تملك "تيك توك" إنها تخلصت من الرقابة الرسمية في وقت سابق، وذلك ردا على تقرير لواشنطن بوست، نقل عن موظفين سابقين بالمنصة، قولهم إن الفيديوهات تخضع لرقابة مسؤولين صينيين.
أطماع أخرى
صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية، ذهبت إلى تحليل آخر حول أهداف الصين من هذا التطبيق، بالقول إن بكين قد تستفيد من "تيك توك" بتطوير تقنية التعرف على الوجوه.
وأوضحت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" نحو 800 مليون مستخدم نشط يغذّون تيك توك بالفيديوهات بشكل مستمر، وهو ما يساعد على استغلال هذا الأمر بتطوير تقنية التعرف على الوجوه.
وذكرت الصحيفة أن "ByteDance" تمكّنت من كسب بعض المقربين من دائرة ترامب، بهدف مواصلة الضغط على استمرار "تيك توك" بالولايات المتحدة وعدم حجبه.
ذكاء الأطفال لمصلحة الصين
بحسب "فايننشال تايمز"، فإن الولايات المتحدة قد تكون قادرة على تجاوز عقبة الاستياء الواسع المتوقع في حال حجبت "تيك توك"، وذلك بفضل قدرتها على تطوير تطبيق مشابه تكون ملكيته أمريكية وليست صينية.
ولفتت الصحيفة إلى أن "تيك توك" يعتمد بالأصل على تطبيق أمريكي يسمّى "Musica.ly" والذي اشترته "ByteDance" ودمجته مع آخر لتطوير "تيك توك".
إلا أن الأمر الأسهل من ذلك بالنسبة للأطفال، وهم المستخدم الأول لهذا التطبيق، هو الدخول إلى المنصة بأرقام كندية، عبر البرامج المختصة بتوليد أرقام وهمية، أو عبر استخدام "VPN" لتفادي الحجب.