هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توصف "الكانيات" بأنها المليشيا الأكثر دموية بين أذرع وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والتي كانت في طليعة الهجوم على العاصمة طرابلس في الرابع من نيسان/ أبريل عام 2019، الذي انتهى أخيرا بالفشل والخسارة.
ويطلق عليها الليبيون مليشيا "الكانيات" نسبة إلى عائلة "الكاني" التي شكلت نواة المليشيا في ترهونة تحت مسمى اللواء التاسع، والذي مارس أشكالا من البطش والقتل والترهيب منذ تشكيله قبل سنوات في المدينة التي تبعد عن العاصمة نحو 90 كلم جنوبا.
ظروف تشكيل المليشيا
كانت ظروف تشكيل مليشيا الكانيات مثيرة للغاية، وتحاكي قصص الحروب الدموية بين العصابات الإجرامية، والتي جسدتها السينما العالمية، فبعد مقتل "علي الكاني"، على يد عصابة إجرامية بترهونة عام 2012 قرر أشقاؤه الستة (عبد الخالق، ومحمد، ومعمر، وعبد الرحيم، ومحسن، وعبد العظيم) الانتقام لشقيقهم "علي"، فقاموا بقتل جميع أفراد العصابة، وعائلاتهم بشكل كامل، ثم سرعان ما شكلوا مليشيا تحت مسمى اللواء التاسع بعد أن سيطروا على كافة المراكز الأمنية والعسكرية في المدينة، واستولوا على كافة الأسلحة فيها، وضموا إلى المليشيا عناصر من فلول القذافي.
اقرأ أيضا: تسريب صوتي يؤكد مقتل برلمانية مختطفة على يد قوات حفتر
وعمدت "الكانيات" إلى إخضاع المدينة بقوة السلاح، ففرضوا إتاوات، وشاركوا تجار المدينة في أرزاقهم، ولاحقوا المعارضين ومارسوا عمليات القتل والتهجير ضد كل من وقف في وجههم، حتى أصبحت المدينة خاضعة لسيطرتهم بالكامل.
هجوم طرابلس
كانت مليشيا الكاني ناقمة على حكومة الوفاق في طرابلس، حيث ساد اعتقاد لديها أنها مهمشة، ومحرومة من المناصب، ولم تأخذ نصيبها من الاهتمام والوظائف بعد ثورة 17 فبراير.
وكانت هذه مبررات قوية ساقتها "الكانيات" للتحالف مع حفتر فيما بعد، حيث أن الأخير وعدهم بالسلطة والمناصب الرفيعة فور الانتهاء من السيطرة على طرابلس. بحسب مسؤولين ليبيين تحدثت معهم "عربي21".
وبدأت طلائع "الكانيات" بالزحف نحو المحاور الجنوبية للعاصمة طرابلس فجر الرابع من نيسان/ أبريل 2019، ضمن قوات حفتر المتحالفة معها، في حين كانت ترهونة مصدرا وقاعدة خلفية للإمدادات العسكرية لجبهات القتال جنوب العاصمة طرابلس، ولاحقا انتقلت إليها غرفة العمليات المركزية لحفتر، بعد أن طرد الأخير من مدينة غريان نهاية العام الماضي على يد قوات الجيش الليبي.
وهاجمت المليشيا بالاشتراك مع المرتزقة الروس ضواحي جنوب العاصمة، طوال فترة الهجوم، وأحدثوا في تلك المناطق دمارا هائلا في الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة، حيث تعتبر مناطق جنوب العاصمة من أكثر الأحياء تضررا من الحرب على صعيد البنى التحتية والممتلكات الخاصة والعامة.
ولم تكتف "الكانيات" بالهجوم على طرابلس، فبالتزامن، كانت تقوم بحرب داخل مدينة ترهونة ضد كل من يعارضها أو يقف في وجهها، حيث ارتكبت أبشع المجازر بحق المدنيين ممن اتهمتهم بمعارضة الهجوم على العاصمة.
اقرأ أيضا: MEE: مشاهد بشعة ومزيد من المقابر الجماعية في ترهونة
وتقول مصادر ليبية متطابقة إن عمليات القتل زادت حدتها في ترهونة على يد المليشيا بعد مقتل "محسن وعبد العظيم الكاني" وآمر اللواء التاسع عبد الوهاب المقري في قصف جوي للوفاق يوم 13 من كانون الأول/ ديسمبر 2019.
جرائم حرب
وفي أعقاب تحرير ترهونة يوم الخامس من حزيران/ يونيو الماضي، أزيح الستار عن جرائم حرب فظيعة ارتكبتها المليشيا في المدينة، حيث قتلت المئات من الليبيين في المدنية، وصلت حد القضاء على عائلات بالكامل، كعائلة النعاجي التي قتل منها أكثر من 20 شخصا بحسب إحصائيات رسمية ليبية، وعائلة أبو سنينة التي قتل منها ثلاثة أشقاء وصهرهم في التاسع عشر من كانون الأول ديسمبر/ 2019، وغيرهم من عائلات ترهونة، ممن وجدت جثثهم في مستشفى المدينة، أو في مقابر جماعية.
وعلى إثر اكتشاف هذه الجرائم قررت المحكمة الجنائية الدولية، إرسال لجنة للتحقيق في الجرائم بعد أن قبلت طلبا تقدم به رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج.
وليست محكمة الجنايات الدولية وحدها من يحقق في هذه الجرائم، بل إن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قرر في حزيران/ يونيو الماضي، إنشاء بعثة تقصي الحقائق في جميع أنحاء ليبيا، وتوثيق الانتهاكات والتجاوزات منذ بداية 2016.
وشنت قوات حفتر، بدعم من دول عربية وأوروبية، عدوانا على العاصمة طرابلس في نيسان/ أبريل من العام الماضي، قبل أن يحقق الجيش الليبي انتصارات عليها، أبرزها تحرير كامل الحدود الإدارية للعاصمة، ومدينتي ترهونة وبني وليد، وكامل مدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية الجوية، وبلدات بالجبل الغربي.