هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة
الـ"هافنغتون بوست" تقريرا حول المناعة ضد فيروس كورونا، وأنواعها
وكيفية اكتساب الجسم لها، والاحتمالات المستقبلية بشأن خطورة الفيروس وإنتاج
اللقاح.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الجميع الآن يتساءلون عن كيفية معرفة
ما إذا كانوا أصيبوا سابقا بفيروس كورونا، وما إذا كانت أجسامهم قد اكتسبت حصانة
ضده. وهو سؤال تعتبر الإجابة عنه معقدة نسبيا.
وأوضحت الصحيفة أن
المناعة تعني القدرة على مقاومة مرض معين، وهي بتعريف أدق الحماية ضد مرض عبر وجود
أجسام محددة في الدم.
وأضافت أن هذا يعني أن
من يتمتعون بالمناعة ضد فيروس كورونا، يمكن أن يتعرضوا مجددا للعدوى ولكن دون أن
يؤثر ذلك عليهم أو تظهر أعراض خطيرة.
ما هي الأجسام المضادة
وهل تؤمن لنا المناعة؟
وقالت الصحيفة إن بعض
الناس الذين جاءت نتائج اختبارات إصابتهم بفيروس كورونا إيجابية، قد طوروا الأجسام
المضادة في دمائهم، وهي الجزيئات التي ينتجها النظام المناعي لمكافحة العدوى.
ونظريا يعتقد الأطباء أن الأشخاص الذين يحملون الأجسام المضادة قادرون على مقاومة
الفيروس إذا أصيبوا به مجددا.
ولكن المثير للقلق هو
أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى عدم وجود أي أدلة قطعية على أن الأشخاص الذين
تعافوا من فيروس كورونا ويحملون الأجسام المضادة، يتمتعون بحماية نهائية من
الإصابة مجددا. وهو أمر يؤيده البروفيسور داني ألتمان، خبير المناعة في جامعة
لندن، الذي لم يتوصل هو أيضا إلى أي دليل على ذلك.
رغم ذلك تؤكد الصحيفة
أن هنالك اعتقادا متزايدا بأن الأجسام المضادة قد تحمينا من الفيروس. حيث أن
العلماء في جامعة هارفارد أجروا دراسة على قردة المكاك، حيث قاموا بنقل العدوى إلى
مجموعة من القردة كانت قد أصيبت بالمرض في وقت سابق، وقد أثبتت الملاحظة أنها لم
تصب بالمرض مرة ثانية، بما أنها اكتسبت الأجسام المضادة.
وأضافت أن التجارب
المخبرية، أظهرت أن أنواعا من الأجسام المضادة المحيدة للفيروس، يمكن أن تمنعه من
دخول الخلايا. ولكن ليست كل الأجسام متشابهة، وليست كلها قادرة على الوقوف في وجه
الفيروس.
هذا الأمر يرتبط أيضا
بمدى كثافة وجود هذه الأجسام المضادة في الدم، فكلما زاد عددها زادت فعاليتها؛ إذ إن دراسة أجريت حول هذا الموضوع، شملت أشخاصا متعافين من فيروس كورونا، توصلت إلى
أن 1 بالمائة فقط منهم لديهم مستويات عالية من الأجسام المضادة بشكل يكفي لتحييد
الفيروس.
لماذا نجري اختبار
المناعة؟
تقول الصحيفة إن
اختبار الأجسام المضادة، المسمى أيضا اختبار المصل، مصمم لمعرفة ما إذا كان الدم
يحتوي على الأجسام المضادة، وهو ما يعني أن الشخص أصيب في وقت سابق بفيروس كورونا.
ويعتقد البروفيسور
ألتمان أن هذا الاختبار هو حل فعال لتحديد الناس الذين يتمتعون بنوع من المناعة
ولو بشكل جزئي، باعتبار أن مستوى الأجسام المضادة يمكن أن يتراجع ويصبح غير فعال
بعد مرور أشهر.
هل يطور الجميع
الأجسام المضادة؟
تقول الصحيفة إن
اختبار مسحة الأنف لدى البعض تكون نتيجته إيجابية، وهو ما يعني إصابتهم بالفيروس،
ولكن في وقت لاحق يتبين أنهم لا يحملون أي أجسام مضادة عند القيام باختبار المصل.
هذه الحالة شائعة،
ويعتقد الدكتور ألتمان أنه في حال كانت الشحنة الفيروسية في البداية منخفضة عند
الإصابة بالعدوى، فإن الجهاز المناعي الفطري قد يكون تمكن من محاربتها والقضاء
عليها دون الحاجة لإنتاج الأجسام المضادة.
والجهاز المناعي
في البداية يعمل على محاربة الفيروسات باستخدام كريات الدم البيضاء. وعندما تتعكر
حالة المريض فإن الجهاز المناعي ينتج الأجسام المضادة لقتل الفيروس وهو يعني أن
هذا الحل هو خط الدفاع الثاني، الذي يتم تفعيله بعد أسبوع تقريبا من الإصابة.
إلى جانب الأجسام
المضادة، هل هنالك طرق أخرى لأعرف ما إذا كنت أتمتع بالحصانة؟
وقالت الصحيفة إن
الأجسام المضادة هي واحدة فقط من الطرق لمعرفة ما إذا كان الناس يتمتعون بالمناعة.
هنالك طريقة أخرى وهي الخلايا التائية، التي تمثل خط الدفاع الثاني لمحاربة
الفيروس، وهي عملية تتضمن إطلاق الخلايا البائية التي تنتج الأجسام المضادة، إلى
جانب الخلايا التائية التي تقتل الخلايا المصابة.
وتعد هذه الخلايا
التائية مهمة جدا، حيث أظهرت إحدى الدراسات من معهد كارولينسكا في السويد أن
الكثيرين من الأشخاص الذين كانت حالتهم متوسطة أو بدون أعراض، يحملون المناعة
المعتمدة على الخلايا التائية، رغم أنهم لم تظهر لديهم الأجسام المضادة عند
الاختبار.
وبحسب الباحثين فإن
هذا قد يعني أن نسبة مكتسبي المناعة في صفوف السكان أعلى مما تظهره الاختبارات
المعتمدة حاليا.
وأضافت الصحيفة في هذا
السياق، أن عدد من تمكنت أجسامهم من تطوير مناعة الخلايا التائية هو على الأرجح
ضعف من يحملون مناعة الأجسام المضادة، بحسب نتائج الاختبارات التي أجريت، والتي
دفعت الباحثين لافتراض أن عددا أكبر من الناس يمتلكون القدرة على مقاومة الفيروس
مجددا.
كما يرى الدكتور
ألتمان أن أهمية هذا الاكتشاف تكمن في أن مناعة الخلايا التائية تدوم لعدة سنوات،
على عكس مناعة الأجسام المضادة التي تبقى لبضعة أشهر فقط.
وقال البروفيسور
ألتمان إن ما يحتاج الناس لمعرفته في الفترة الحالية، هو أن المناعة ضد الفيروسات
هي أمر معقد، تدخل فيها أنواع متعددة من خلايا الدم البيضاء والجزيئات المتنوعة،
من عدة أجسام مضادة وسيتوكينات.
وأضاف البروفيسور أن
العلماء لحد الآن لم يتوصلوا إلى فهم كامل لكيفية حماية الجسم من هذا الفيروس، حتى
يحددوا من الأشخاص المهددون بالإصابة بالعدوى، ومن هم في مأمن منه.
أما في ما يتعلق باللقاحات
التي يتم تطويرها واختبارها حاليا، والتي يتجاوز عددها المائة مشروع، فإن نتائجها
وتأثيراتها ستكون متفاوتة بشكل كبير، وأولى اللقاحات التي سيتم تسويقها قد لا تكون
هي الأفضل، لذلك وجب تقييم هذه المسألة بكل حكمة.