ملفات وتقارير

هؤلاء هم "صانعو القيصر" الأقوياء في روسيا (ملف)

النواة الصلبة للدولة العميقة أوصلت بوتين للحكم وتؤثر عليه من وراء الستار وجل شخصياتها يحملون الجنسية الإسرائيلية- جيتي
النواة الصلبة للدولة العميقة أوصلت بوتين للحكم وتؤثر عليه من وراء الستار وجل شخصياتها يحملون الجنسية الإسرائيلية- جيتي

خطف فلاديمير بوتين، منذ توليه حكم روسيا، مطلع القرن الجاري، أضواء وسائل الإعلام المحلية والعالمية، بالنظر إلى طبيعة شخصيته وقراراته، وكذلك طبيعة المرحلة التي كانت تعيشها البلاد، تاركا العديد من الشخصيات القوية وذات النفوذ والتأثير "في الظل".


وعلى مدار سنوات، صنّف الرئيس الروسي بأنه "الرجل الأقوى في العالم"، بقدرة عالية على الموازنة بين مختلف عناصر القوة الداخلية والخارجية.

 

وبحسب تقارير متعددة فإن طبقة "الأوليغارشية" في روسيا هي التي صنعت قوة "القيصر"، عبر تمهيد الطريق أمامه نحو السلطة، ودعمه خلال سنوات حكمه من خلف الأضواء، بعد أن ساهمت في استقرار حكم سلفه "بوريس يلتسن".

 

وبالتزامن مع تمرير تعديلات دستورية عبر استفتاء شعبي، اختتم قبل أيام، تتيح له البقاء في السلطة حتى عام 2036، تستعرض "عربي21" قصة بوتين و"الأوليغارشية"، وتلقي الضوء على أبرز الأسماء التي لعبت أدوارا مختلفة من وراء الستار في صياغة مشهد الحكم في أكبر دولة في العالم.


الأوليغارشية الروسية


بدأ ظهور الأوليغارشية التي ينظر لها كضامن لقوة بوتين في روسيا فور انهيار الاتحاد السوفييتي، مطلع التسعينيات، وكانت النواة الأولى لها مجموعة من الأثرياء وذوي النفوذ، ظهروا جراء الانسحاب المفاجئ للقطاع العام من مجالات واسعة، وانهيار القواعد التي تحد من تأثير المال على السياسة.


وسرعان ما أصبحت تطلق على تلك الطبقة أوصاف من قبيل "النخبة الحاكمة" و"الدولة العميقة"، التي باتت تتمتع بما كان يحظى به قادة الحزب الشيوعي من سلطة ونفوذ، ولكن من وراء الستار.


وتشكل قوة الأوليغارشية الروسية في الحكم أحد نقاط الاختلاف بين روسيا والغرب، حيث تتهم الدول الغربية بوتين بقيادة "ديمقراطية مزيفة"، تساهم بتركيز الثروات في أيدي قلة، وتحاصر الفضاء السياسي والإعلامي، وتساهم في دفع موسكو نحو خيارات خارجية خطيرة، وتجعل مستقبل البلاد غامضا، فيما يرد بوتين بالقول إن الليبرالية الغربية "عفا عليها الزمن".

 

اقرأ أيضا: الروس يؤيدون تعديلات دستورية تتيح لبوتين البقاء في السلطة


المصرفيون السبعة


شكلت الانتخابات الرئاسية الروسية عام 1996 نقطة فاصلة في تطور سطوة الأوليغارشية، فقد دعا العالم والمفكر السياسي الروسي، سيرغي كورغينيان، قبيل إجرائها، ثلاث عشرة شخصية ثرية وذات نفوذ قوي إلى الاجتماع والتوقيع على خطة لإخراج البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية الحادة، ضمّنها في "رسالة الثلاثة عشر" أو "الخروج من الطريق المسدود"، ونشرتها آنذاك صحيفة "نيزافيسيمايا".


وارتكزت الخطة، بحسب تقرير نشرته صحيفة "كوميرسانت" عام 2006، على إلغاء انتخابات 1996، التي كانت جميع المعطيات تشير إلى أن مرشح الحزب الشيوعي، غينادي زوغانوف، سيفوز بها، مطيحا بالرئيس "بوريس يلتسن"، المستقل، الذي كان يمثل وجه روسيا "الحديثة"، ولكن "المضطربة".


لم تنجح خطة "كورغينيان"، لكن سبعة من "الأقوياء الثلاثة عشر" اجتمعوا بالفعل، وساهموا بتعزيز حظوظ يلتسن بالبقاء في السلطة، وسط حديث عن استخدامهم "تقنيات معقدة للتأثير على الجمهور"، ورسخوا بذلك قوتهم وتأثيرهم في السلطة، ما سيجعلهم يمثلون المجموعة الرئيسية التي ستتمخض عنها الأوليغارشية الروسية التي صنعت قوة بوتين.

 

وبعد الانتخابات، ظهر في العرف السياسي الروسي مصطلح "المصرفيون السبعة"، وهم: بوريس بيريزوفسكي، ميخائيل خودوركوفسكي، ميخائيل فريدمان، بيتر آفن، فلاديمير غوسينسكي، فلاديمير بوتانين، ألكساندر سمولينسكي.


وتجمع أغلب التقارير على تلك الأسماء، فيما تستبدل أخرى بعضهم بآخرين، وقد كان هؤلاء من بين الأكثر ثراء ونفوذا وتأثيرا، وامتلكوا شركات وأعمالا في قطاعات مختلفة، لكن القطاع البنكي كان عاملا مشتركا بينهم.

 

 


الثلاثة الكبار


كما كانت انتخابات الرئاسة الروسية عام 1996 بداية لظهور "المصرفيين السبعة"، فإن انتخابات عام 2000 كانت نهاية لمرحلتهم، وبداية لظهور الطبقة التي لا تزال تمثل قوة فلاديمير بوتين حتى اليوم، والتي تتشكل نواتها الصلبة من ثلاثة رجال أقوياء.


فقد استمر "السبعة" في حكم البلاد من خلف الستار، بحسب عدة تقارير، حتى عام 2000، عندما جاء الرئيس القوي، الذي اصطدم ببعضهم وأخرجهم من المشهد، وأبرزهم "بيريزوفسكي"، الذي تحول إلى معاداة بوتين انطلاقا من منفاه في لندن، بحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، في تموز/ يوليو 2019، ما أتاح لثلاثة من بين المصرفيين السبعة التفرد بالسلطة، وهم "فريدمان" و"آفن" و"بوتانين".


منذ ذلك الحين، أدخل الثلاثة، مع بوتين، أسماء أخرى إلى دائرة "الدولة العميقة"، أبرزهم الأخوان "روتنبرغ"، أركادي وبوريس، و"غينادي تيمتشينكو"، وثلاثتهم أصدقاء قدماء للرئيس، وكذلك "فيكتور فيكسلبرغ"، شريك "فريدمان" في قطاع النفط، و"أوليغ ديريباسكا"، بارون قطاع المعادن وصهر عائلة "يلتسن".


ورغم تحكم شخصيات أخرى بأجنحة قوية داخل أروقة الكرملين، مثل وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الوزراء السابق ديميتري مدفيدف، وعمدة العاصمة موسكو، سيرغي سوبيانين، وغيرهم، إلا أن تأثيرهم يقتصر على المستوى التنفيذي، فيما يشكل "الثلاثة"، ومن حولهم، النواة الصلبة للدائرة المتحكمة بمصير البلاد.


وفيما يلي تعريف بالرجال الثلاثة الكبار الذين يمثلون "الدولة العميقة" أو الأوليغارشية الروسية التي تقف وراء قوة "القيصر" وتماسك حكمه، وتعتبر القوة الأهم في موسكو:


ميخائيل فريدمان


تعود أصوله لعائلة يهودية أوكرانية، ويحمل أيضا الجنسية الإسرئيلية. أسس عام 1990 بنك "ألفا"، الذي أصبح سريعا الأكبر في روسيا ومجموعة "لتر ون" الاستثمارية.

 

وتقدر مجلة "فوربس" ثروته بنحو 15.7 مليار دولار، وهو مؤسس مشارك بجائزة "جينيسيس" ومجلس يهود روسيا.

 

وعام 2018، استضافت مؤسسة "أتلانتيك كاونسل" (المجلس الأطلسي) كلا من فريدمان و"آفن"، في جلسة مغلقة، واعتبرت أنهما، رفقة شريكهما الثالث في بنك "ألفا"، غيرمان خان، من الدائرة الأساسية لنظام بوتين، مؤكدة أنهم لا يعملون خارج إطارها، فيما اتهمتهم وثائق استخباراتية مسربة نشرها موقع "بزفيد"، مطلع عام 2017، بهندسة سياسات موسكو تجاه واشنطن، لا سيما تدخلها في انتخابات عام 2016، والعمل على توثيق علاقات بوتين وترامب، وصولا إلى تمكين الأخير من الوصول إلى البيت الأبيض، وهو ما نفاه ثلاثتهم، وكذلك الكرملين.

 

اقرأ أيضا: هل باتت ليبيا سوريا الجديدة بالنسبة لجيش بوتين السري؟

 

بيتر آفن


ينتمي "بيتر (أو بيوتر) آفن" لعائلة لاتفية ويهودية مختلطة، مع إشارات لحمله إلى جانب الروسية جنسية كل من لاتفيا وإسرائيل.

 

تقدر مجلة "فروبس" ثروته بنحو 5.3 مليارات دولار، وكان قد لعب دورا مهما في هندسة الاقتصاد الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، كما مثّل موسكو في مجموعة السبع آنذاك، وساهم مع فريدمان ببنك "ألفا" عام 1994، وترأسه حتى عام 2011، وبمجموعة "لتر ون" منذ عام 2013.

 

يحمل درجة الدكتوراة في الاقتصاد (1980)، ولديه مناصب أكاديمية في العديد من الجامعات حول العالم، فضلا عن مساهمته بدعم يهود روسيا، رفقة شركائه، إضافة إلى اهتمامه بقطاع المتاحف.

 

وبحسب تقرير المحقق الأمريكي الخاص بتدخل روسيا في انتخابات 2016، روبرت مولر، فقد اعترف "آفن" بعلاقته الخاصة ببوتين، وبأنه أحد الأشخاص الذين يجتمعون به بانتظام، وبعمله على خلق قناة خلفية بينه وبين ترامب، لكنه زعم أن ذلك كان بإيعاز من الكرملين وحسب.

 

فلاديمير بوتانين


هو الرجل الأكثر ثراء في روسيا، وبحسب تقارير فقد كان الذراع الرئيسية لـ"المصرفيين السبعة" في إدارة "يلتسن"، حيث كان نائبا أول لرئيس الوزراء بين عامي 1996 و1997.

 

تقدر "فوربس" ثروته بنحو 25.1 مليار دولار، ويمتلك أعمالا في عدة قطاعات، تتركز حاليا في التعدين، حيث يشترك مع "أوليغ ديريباسكا" و"رومان أبراموفيتش" بملكية شركة "نوريلسك نيكل" العملاقة.

 

ورد اسمه في العديد من التحقيقات الأمريكية، وكذلك في "قائمة بوتين"، التي يحتمل أن تتعرض لعقوبات على خلفية قضايا أوكرانيا والتدخل في انتخابات عام 2016، كما يعد "بوتانين" أول مستثمر روسي كبير يستحوذ على أصول في إيران بعد عقوبات عام 2016.


 
التعليقات (0)