هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث
فيه عن وجه الشبه بين الشرطة الإسرائيلية والشرطة الأمريكية.
وقال الموقع في بداية تقريره الذي ترجمته
"عربي21": "شريط الفيديو المصور لضابط شرطة أبيض يضغط بركبته على
عنق جورج فلويد لمدة تسع دقائق ليموت ببطء، ضرب على وتر حساس عند العديد من
الفلسطينيين والنشطاء المناهضين للاحتلال".
وأضاف أنه "منذ تلك الحادثة، ظهرت لقطات
ومقاطع فيديو لقوات الأمن الإسرائيلية وهي تتخذ الوضعية ذاتها على رقاب الفلسطينيين
العزل في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر".
وتابع: "حاولت قوات الشرطة الإسرائيلية أن
تبعد نفسها عن أي أوجه تشابه لما حدث، وأصدرت بيانات تندد بما حدث، وتصرح بأن ضباط
الجيش الإسرائيلي ليسوا مدربين على استخدام تقنيات الركبة على الرقبة".
لكن الصور التي التقطت مؤخرا في شهر آذار/ مارس
أظهرت أن القوات الإسرائيلية تستخدم الطريقة ذاتها ضد المتظاهرين العزل على بعد
أمتار قليلة من المسجد الأقصى في البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
وأوضح التقرير أن "هذه الصور أعادت إحياء
الشكاوى ضد البرامج الأمريكية التي ترسل ضباط شرطة أمريكيين للتدريب تحت إشراف
الإسرائيليين، في الوقت الذي استقرت فيه الدعوات على الصعيد الوطني لإلغاء تمويل وإلغاء
إدارات الشرطة الأمريكية".
وقال التقرير: "منذ أوائل التسعينات، تم
إرسال مئات من ضباط إنفاذ القانون، من مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة المخابرات
المركزية وإدارة الهجرة والجمارك، إلى إسرائيل إما من خلال تبادلات الشرطة، أو عن
طريق قمم تقام في الولايات المتحدة ترعاها منظمات اللوبي الإسرائيلية".
ونددت منظمات حقوق الإنسان الرائدة ببرامج
التبادل، محذرة من أن معايير وتكتيكات الشرطة الإسرائيلية لا تؤدي إلا لتفاقم
العنصرية ووحشية الشرطة.
وقال باتريك ويلكن، الباحث في منظمة العفو الدولية
بالولايات المتحدة الأمريكية: "مع سجل طويل من انتهاكات حقوق الإنسان فإن
قوات الأمن الإسرائيلية شريك في التدريبات التي سببت المشاكل".
ورفض ميكي روزنفيلد، المتحدث باسم الشرطة
الإسرائيلية الانتقادات الموجهة لخطة التدريب قائلا: "إن تبادلات الشرطة في
إسرائيل تزود القوات الأمريكية بمعلومات قيمة حول كيفية منع الهجمات والرد
عليها"، وأضاف: "التعلم والمشاركة أنقذ حياة الكثيرين في إسرائيل وفي
الخارج على مر السنين، إن المنظمات التي تنادي، على وجه التحديد في الولايات
المتحدة، ضد التعلم والمشاركة في تطبيق القانون تضعف استعداد البلاد للرد على
الهجمات الإرهابية وجرائم الكراهية والمتطرفين الذين ينتهكون القانون".
وقال روزنفيلد إن التدريب مع قوات الشرطة
الإسرائيلية لا يتضمن مثل هذا الإجراء -الإجراء الذي استخدم ضد فلويد- وأنه غير
موجود في أي كتاب تعليمي للشرطة الإسرائيلية".
لكن فادي خوري، وهو محامي مدني وسياسي في كلية
الحقوق بجامعة هارفرد قال إن "الكتب واللوائح الداخلية لا يمكن أن تبطل
الأدلة المادية لمثل هذه التكتيكات التي يستخدمها الضباط الإسرائيليين على أرض
الواقع".
وأضاف خوري: "هناك الكثير من الوثائق حول
الاعتقالات الوحشية التي تنطوي على الضغط بالركبة على رؤوس المعتقلين ورقابهم،
وهذا لا يحدث فقط في الأراضي المحتلة بل أيضا في الداخل الإسرائيلي من قبل ضباط
الشرطة".
وبعد عدة أيام من مقتل فلويد، نشر عداء الماراثون
الفلسطيني من الضفة الغربية المحتلة، محمد القاضي، عدة صور لإسرائيليين يرتدون
الزي العسكري وهم يعتقلون الفلسطينيين ويضغطون بركبهم على رقابهم.
وقال: " من الجنون كيف أن الشيء يحدث بالطريقة ذاتها في فلسطين، لكن العالم اختار تجاهل ذلك".
وأشار خوري إلى أنه من الصعب على الجمهور معرفة ما
هو مسموح وما هو غير مسموح به فيما يتعلق بتكتيكات الشرطة الإسرائيلية بسبب انعدام
الشفافية داخل نظام تطبيق القانون.
وقال: "معظم لوائح الشرطة الإسرائيلية
المتعلقة بهذه القضايا سرية، فمن الصعب معرفة ما إذا كانت هذه المسألة تتعلق
بالسياسة أو الممارسة".
وقالت ناشطة يتركز عملها على بناء التضامن بين
السود والفلسطينيين: "من المهم أن نفهم أن الشرطة الأمريكية أضرت بالسود قبل
فترة طويلة من وجود إسرائيل، وأن إسرائيل تضر بالفلسطينيين دون أي تدريب خاص من
الولايات المتحدة".
ورغم ذلك قالت: "يجب معارضة هذه التبادلات
التدريبية مع سلطات تطبيق القانون الإسرائيلية، لأن تجمع قوتين قمعيتين يعمل على
تعزيز عنف الدولة ضد السكان الذين يحاربون العنصرية والاستعمار".
التبادلات التدريبية اكتسبت شعبيتها بعد هجمات 11
سبتمبر، حيث قامت إسرائيل بتسويق نفسها كرائدة عالمية في مكافحة الإرهاب.
تم تمويل عمليات التبادل مع سلطات إنفاذ القانون
والجيش الإسرائيلي من الأموال العامة، وكذلك من قبل مجموعة من الجماعات الموالية
لإسرائيل مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، ورابطة مكافحة التشهير،
والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي.
الحملات التي تسعى لإلغاء تبادل الشرطة أظهرت أن
إسرائيل تعرضت منذ فترة طويلة لانتقادات من قبل جماعات حقوق الإنسان في جميع أنحاء
العالم بسبب "عمليات القتل الخارجة عن نطاق القضاء" و"الاستخدام
غير المتناسب للقوة" ضد الفلسطينيين.
وحتى وزارة الخارجية الأمريكية استشهدت في الماضي
بالشرطة الإسرائيلية لقيامها "بعمليات قتل تعسفية أو غير قانونية".
وقال خوري الذي يمثل بشكل رئيسي المتظاهرين الذين
واجهوا وحشية الشرطة، إن من غير المألوف أن يحاسب ضابط أو جندي إسرائيلي على
"استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين".
وأضاف إنه "من النادر أن يفتح تحقيق في مثل
هذا الأمر، والأكثر من ذلك عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين الذين يعيشون في
الأراضي المحتلة، حيث يتم استخدام القوة المفرطة بشكل أكثر شيوعا من قبل الشرطة
والجيش".
وقتلت القوات الإسرائيلية مئات المتظاهرين في غزة
بين 2018 و 2019 خلال مظاهرات مسيرة العودة الكبرى، في حين أصيب آلاف آخرون بجروح
مدمرة بطلقات نارية.
ومن كل هذا أدين جندي واحد فقط -قتل بالرصاص طفلا
غير مسلح يبلغ من العمر 14 عاما- بجريمة حكم عليه بالسجن لمدة شهر واحد فقط.
وفي اليوم الذي نقلت فيه الولايات المتحدة سفارتها
إلى القدس المحتلة، قتلت القوات الإسرائيلية 50 فلسطينيا كانوا يحتجون على طول
السياج الحدودي لغزة وجرحت 2400 آخرين على الأقل ولم يتم فرض أي تهم جراء حملة
القمع الوحشية.
وبسبب سمعة إسرائيل السيئة لاستخدامها المفرط
لتكتيكات القوة، شنت العديد من جمعيات حقوق الإنسان حملات تحاول إنهاء برامج تدريب
الشرطة الأمريكية الإسرائيلية.
وساعدت منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام (JVP)، وهي جماعة شعبية مناهضة
للاحتلال، في إنشاء العديد من حملات التحالف المحلية التي تعمل على وقف عسكرة قوات
الشرطة الأمريكية والتي تركز بشكل خاص على إنهاء التبادلات بين أجهزة إنفاذ
القانون وإسرائيل.
بعد سنوات من الضغط من قبل أحد تحالفات (JVP) في نيسان/ أبريل 2018، صوت
مجلس المدينة في دورهام كارولاينا الشمالية بالإجماع على منع قسم الشرطة من المشاركة
في برامج "التدريب العسكري" في الخارج لتصبح أول مدينة أمريكية تمنع
تدريب الشرطة في إسرائيل.
وقال التحالف في بيان في ذلك الوقت: "للمرة
الأولى منذ 20 عاما، واجهت الرحلات المدفوعة جميع التكاليف إلى إسرائيل حيث يتم
تدريب قوات إنفاذ القانون الأمريكية من قبل الجيش والشرطة الإسرائيليين
عقبة".
وقال سكوت براون، وهو منظم مع المجموعة، إن "التدريب
الذي يتم مع إسرائيل يتعلق بالأيديولوجية بقدر ما يتعلق بالتكتيكات والمعدات".
وأضاف أن "الولايات المتحدة وإسرائيل حليفتان
سياسيتان وعسكريتان، لذا لديهما مصلحة في تعميق العلاقات والولاء بينهما، لذا
عندما ترسل أقسام الشرطة هناك، أنت تعمق العلاقات بطريقة تبني دعما قويا لإسرائيل وأفعالها".
وبين أن المزاعم بأن تدريب الشرطة الأمريكية في
إسرائيل يشجع على عسكرة الشرطة هي من بين الانتقادات العديدة التي يتم فرضها بشكل
مستمر على برامج التبادل هذه.
وقال ويلكن، عضو منظمة العفو الدولية في الولايات
المتحدة: "في ظل الظروف الحالية ليس من المستغرب أن أولئك الذين صدموا من
استخدام الشرطة للقوة يقومون بمثل هذه المقارنات".
وأضاف: "المتظاهرون السلميون عبر الولايات
المتحدة يجدون أنفسهم عرضة للهجوم من قبل قوات الشرطة باستخدام تكتيكات قاسية
وعنيفة ضد المتظاهرين تعيد إلى الأذهان مشاهد قوات الأمن من أجزاء أخرى من العالم
التي استخدمت أساليب متشابهة وأكثر صرامة، إسرائيل هي إحدى تلك الدول".