ملفات وتقارير

تصاعد الاحتجاجات بتطاوين التونسية ومجلس لبحث التطورات

تطاوين تعاني من تهميش رغم أنها غنية بالنفط والغاز- جيتي
تطاوين تعاني من تهميش رغم أنها غنية بالنفط والغاز- جيتي

تشهد محافظة تطاوين جنوب تونس حالة من الغليان والغضب، مع تصاعد الاحتجاجات المطلبية، تزامنا مع إغلاق كامل للمؤسسات الرسمية والخاصة والمحال والشوارع العامة.


ويطالب المحتجون، لا سيما الشباب بتوفير فرص للتشغيل، وإحداث تنمية في المحافظة، بعد أن طال أمد الوعود الحكومية التي تعود إلى سنة 2017 "اتفاق الكامور".


التعامل الأمني الذي أجمع متابعون أنه زاد الوضع تعقيدا نظرا للاستخدام المفرط للقوة والغاز المسيل للدموع والاعتقالات (وصل الغاز إلى داخل المستشفى والإذاعة)، وضع كارثي جعل الحكومة تسارع بعقد اجتماع للنظر في الوضع على أن يكون هناك اجتماع آخر الجمعة لإيجاد حلول عسى أن تنفرج الأمور قبل أن تنتقل شعلة الاحتجاجات إلى محافظات مجاورة.


الواقع التنموي

 
وتزخر محافظة تطاوين بمخزون هام من النفط والغاز، وتشير الأرقام الرسمية أنها تنتج 40 بالمائة من إنتاج النفط بالبلاد و20 بالمائة من الغاز وتتمركز بها شركات طاقة وطنية وأجنبية.


ويطالب المحتجون في نطاق اتفاق "الكامور 2017" بانتداب 1500 عامل بالشركات البترولية و500 آخرين بشركة البيئة والبستنة وتخصيص أكثر من 30 مليون دولار سنويا من العائدات النفطية لصندوق التنمية بالمحافظة.


وقال وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحكومة ومكافحة الفساد محمد عبو في تصريح لـ"عربي21" إن الحكومة "ستنظر في جميع الاتفاقات الخاصة بكل المحافظات، وتم التواصل مع والي تطاوين وعدد من الوزراء لبحث مشروع الغاز بالجهة وحصول انتدابات في الشهر المقبل، ومشروع يتعلق بالإسمنت سيمكن من تشغيل 500 شخص".

 

اقرأ أيضا: مواجهات عنيفة بتطاوين التونسية والجيش يحمي مقرات السيادة

وأكد عبو: "نحن نتفهم أن الوضع صعب بالبلاد، هذه الحكومة ومنذ أسبوعين طالبت بالتدقيق في ثروات البلاد ومن بينها محافظة تطاوين (بترولية)، وهو ما من شأنه أن يطمئن الشعب".


وعن اتفاق الكامور الذي يعود لسنة 2017 والمتعلق بالتشغيل أوضح عبو: "الحكومة السابقة لم تلتزم بالاتفاق واليوم الشباب يطالب هذه الحكومة بتنفيذه (حكومة إلياس الفخفاخ)، المسألة معقدة خاصة في ما يتعلق بالشركات البترولية، هناك التزام سابق سيتم النظر فيه ورئيس الحكومة سينظر في ذلك رفقة عدد من الوزراء وسيتم اتخاذ القرارت المناسبة ويتم تبليغ أهالي الجهة بذلك".


وبخصوص استخدام العنف المفرط ضد المحتجين علق عبو قائلا: "القضاء موجود والدولة ترفض العنف ووزير الداخلية سينظر في ذلك ولكن أيضا في المقابل نرفض غلق الطرقات".


عنف أمني

 
بدوره قال النائب عن حركة النهضة (عن محافظة تطاوين) البشير الخليفي، إن الأسباب الحقيقية للاحتجاجات "تعود لتلكؤ الحكومة الحالية والسابقة في تنفيذ الاتفاقات والوعود الخاصة بالتشغيل وبعض القرارات الخاصة بالمشاريع التنموية وأساسا حكومة يوسف الشاهد، أما الحكومة الحالية فقد طلبنا منها مجلسا وزاريا قبل الاحتجاجات للتسريع في انجاز المشاريع بالجهة ولم تستجب".


واعتبر الخليفي في تصريح لـ"عربي21" أن "الاستخدام المفرط للقوة أكثر من المعقول أجج الأوضاع والاحتجاجات".


وعن وجود بوادر انفراج للأزمة كشف الخليفي: "هناك إعادة انتشار للأمن بأطراف المدينة وتوقف الاحتكاك مع المواطنين، اليوم عقدنا جلسة مع وزير الطاقة والوالي ومستشاري رئيس الحكومة كنواب عن المحافظة، والجمعة القادم مجلس وزاري خاص بالجهة ونحن بصدد الإعداد له ونتمنى أن نخرج بقرارات وحلول".


من جهته، حمل الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي في حديث لـ"عربي21" المسؤولية للحكومة السابقة التي لم تلتزم بتنفيذ اتفاق "الكامور".


ورأى المغزاوي أن الأسباب العميقة للاحتجاجات تتمثل في "الواقع التنموي بالجهة وبقية المحافظات الداخلية التي انتفض شبابها للمطالبة بالتشغيل والتنمية ولكن ومنذ 2011 لم تتحقق".

 

اقرأ أيضا: فض اعتصام مطلبي بالقوة في تونس.. ودعوة لإضراب عام (فيديو)

واستنكر محدثنا بشدة التعاطي الأمني مع المحتجين وهو لا يمكن أن يحل المشكل بل على العكس، مشددا على ضرورة "فتح حوار مع هؤلاء الشباب والاستماع إليهم".


وطالب المغزاوي: "على الحكومة التسريع في إيجاد حلول لأن الوضع لا يمكن أن يستمر كما هو عليه، داعيا الداخلية إلى التوقف عن التعاطي الأمني".


محافظة استراتيجية


بدوره، قال المحلل السياسي منذر بن يوسف إن احتجاجات أحداث "الكامور" هي حراك اجتماعي هدفه المطالبة بالتنمية والتشغيل وتحسين البنية التحتية والخدمات الاجتماعية بما يضمن العيش الكريم لأبناء المحافظة التي تحتل موقعا استراتيجيا من الناحية الأمنية باعتبارها على حدود ليبيا والجزائر.


وأضاف: "رغم أهمية وزنها الجغرافي حيث تمثل حوالي ربع مساحة البلاد ووزنها الاقتصادي إذ تعد الأغنى من حيث الثروات الطبيعية (خاصة المحروقات والجبس والرخام  إلا أن المتجوّل في شوارع مدينة تطاوين ومعتمدياتها لا يرى سوى بنية تحتية لمحافظة فقيرة جدا وتعاني أقصى درجات التهميش".


ولفت ابن يوسف في حديث لـ"عربي21 " أن "البعد الاجتماعي للأحداث رافقه بعد سياسي، تمثل بالدعوة إلى مراجعة العقود المبرمة مع الشركات الأجنبية وتأميم الثروات الوطنية وحمايتها من النهب، واتهام الحكومات المتعاقبة وخاصة حكومتا مهدي جمعة ويوسف الشاهد بالخيانة والفساد وأنهم وكلاء لمافيا محلية ودولية تنهب الثروات الوطنية".


وعن التعامل الأمني قال ابن يوسف إن "حكومة الفخفاخ متهمة بالإفراط في استخدام القوة دون مبرر منطقي، وأنها سجلت إخفاقا ذريعا في التعامل مع الملف".


وعن إمكانية تدارك الأزمة يجيب ابن يوسف: "قررت الحكومة اليوم مراجعة أسلوب القبضة الأمنية، وفتح مسار الحوار مع المحتجين، أملا في تهدئة الأوضاع في أسرع وقت ممكن، وتطويق أزمة يمكن أن يؤدي اتساع رقعتها إلى مزيد تأزيم الأوضاع وهي بطبيعتها في أقصى درجات التأزم".

 

التعليقات (0)