هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الضوء على أخذ بعض الاحتجاجات حول العالم طابع العنف.
ونقل موقع الهيئة الإلكتروني عن الأستاذ الجامعي كليفورد ستوت، خبير السلوك الجماعي وسبل فرض النظام العام بجامعة كيلي البريطانية، قوله إن مقتل جورج فلويد والأحداث المماثلة له قد تصبح نقاط انطلاق، مضيفا: "هذه الأحداث تمثل تجربة مشتركة لأعداد كبيرة من الناس حول العلاقة بين الشرطة ومجتمع السود".
NYT: ما القاسم المشترك بين ترامب ورجال الشرطة الفاسدين؟
فروق اجتماعية
وبحسب ستوت، فإن "احتمالات نشوب مواجهات تزداد بشكل كبير عندما تكون هناك فروق اجتماعية بنيوية".
ستوت قال إنه أخضع أعمال الشغب التي اجتاحت إنجلترا في عام 2011 إلى دراسة معمقة، وتوصل إلى أن "ذلك الشغب انتشر بشكل واسع؛ لأن المحتجين في المدن المختلفة كانوا يتعاطفون مع بعضهم البعض، إن كان بسبب خلفياتهم العرقية أو بسبب كرههم المشترك للشرطة".
وأضاف: "معنى هذا أنه عندما بدت الشرطة مغلوبة على أمرها، تشجع المشاغبون في شتى المناطق على حشد قواهم".
تعامل الشرطة
بحسب "بي بي سي"، فإن العنف يقل عندما تكون علاقة الشرطة مع المجتمعات المحلية جيدة، لكن أسلوب رد الشرطة على المظاهرات يوم حدوثها يعد عاملا مهما أيضا، بحسب خبراء.
وعلق ستوت بأن "أعمال الشغب هي نتيجة لتفاعلات إنسانية، وغالبا ما ترتبط بطبيعة الأساليب التي تتعامل بها الشرطة مع الحشود".
ولفت إلى أنه إذا شعر المتظاهرون بأن قيام الشرطة باستخدام العنف ضدهم غير مبرر، فإن ذلك يعزز عقلية "نحن وهم"، وبالتي يرون أن اللجوء للعنف أمرا مبررا.
بدوره، قال ويرى دارنيل هانت، رئيس قسم الدراسات الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن الشرطة الأمريكية "صعدت من عدوانيتها" في مطلع الأسبوع.
وأوضح أن "نشر قوات الحرس الوطني واستخدام العيارات المطاطية والغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل، كل هذا من شأنه مفاقمة الموقف المتوتر أصلا".
وذكّر بأن احتجاج مشابه في هونغ كونغ العام الماضي استمر سبعة شهور، وبدأ سلميا، قبل أن يتحول للعنف، بسبب سلسلة إجراءات من الشرطة تتضمن إطلاق الغاز المسيل للدموع، وهو ما حفز المتظاهرين الشباب على الرد.
وأوضح ستوت أن "قوات الشرطة المدربة على سبل خفض التصعيد أكثر قدرة على تجنب اندلاع أعمال العنف في الاحتجاجات. ففي بلدة كامدن في ولاية نيو جيرسي سار فيها رجال الشرطة جنبا إلى جنب مع المتظاهرين احتجاجا على العنصرية".
جانب نفسي
مارلون موجيمان، أستاذ مساعد متخصص في السلوك المنظم في جامعة رايس الأمريكية، قال إن علم النفس الأخلاقي قد يساعد في تفسير سبب تحول بعض الاحتجاجات إلى العنف.
وأوضح أن "بوصلة الإنسان الأخلاقية تلعب دورا كبيرا في نظرته إلى نفسه، ولذا إذا شاهدنا أمرا نعتبره غير أخلاقي، يولد ذلك مشاعر قوية، لأننا نشعر بأن علينا أن نحمي فهمنا للسلوك الأخلاقي".
وأردف قائلا: "قد يتغلب هذا الشعور على المخاوف الأخرى التي يشعر بها الناس إزاء المحافظة على السلم، لأنه إذا اعتقدت بأن النظام لم يعد يفي بالغرض ستريد أن تقوم بعمل شديد لكي تشير إلى أن ذلك غير مقبول".
وتابع: "هذا قد ينطبق على طيف واسع من المعتقدات، فعلى سبيل المثال، إذا اعتقد أحدهم أن الإجهاض ينم عن خلل أخلاقي، قد يميل هذا الشخص إلى القول إن تفجير عيادة للإجهاض أمر لا بأس به".
"فوضى عقلانية"
ستوت يقول إنه "بينما يسهل الافتراض بأن المشاركين في المظاهرات وأعمال الشغب فوضويون يفتقرون إلى العقلانية، فإن هذا ليس صحيحا، فالأمر عقلاني ومنطقي من وجهة نظر المشاركين في هذه الأعمال".
وتابع بأن "النهب تعبير عن القوة إلى حد ما، فالمواطنون السود قد يشعرون بالضعف وقلة الحيلة مقارنة بالشرطة، ولكن في سياق أعمال الشغب يصبح المشاغبون للحظة أكثر قوة من الشرطة".
وبحسب دراسات أجريت على أعمال شغب جرت في الماضي، فإن المحال التي تتعرض للنهب مرتبطة في كثير من الأحيان بشركات كبرى، وإن النهب "يتعلق في أغلب الأحوال بمشاعر انعدام المساواة المرتبطة بالعيش في الاقتصادات الرأسمالية".
بدوره قال هانت: "هناك تاريخ طويل من الاستهداف والانتقائية في أعمال التخريب والنهب، ففي الانتفاضات التي تشهدها لوس أنجلوس بين الفينة والأخرى، تستطيع أن ترى في أحيان كثيرة أن المصالح المملوكة لأقليات يكتب عليها ذلك بالطلاء؛ لكي يتجنب المشاغبون الاعتداء عليها".
ولكن ستوت وهانت يحذران من أن النهب ظاهرة معقدة، خصوصا أن المشاركين فيها يحملون دوافع مختلفة، بما في ذلك الفقر والجريمة المنظمة.