ملفات وتقارير

هذه عقوبات لا يلزمها إجماع.. هل أوروبا جادة بمعاقبة إسرائيل؟

تساءل مراقبون: "إلى أي مدى ستكون إجراءات أوروبا ضغطا رادعا وحقيقيا على الاحتلال؟"- جيتي
تساءل مراقبون: "إلى أي مدى ستكون إجراءات أوروبا ضغطا رادعا وحقيقيا على الاحتلال؟"- جيتي

بدأت تحركات أوروبية حثيثة لتحديد الخطوات اللازم اتخاذها، كرد على التنفيذ المحتمل للاحتلال الإسرائيلي لخطوة ضم أراضٍ فلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، في ظل الغطاء والمباركة الأمريكية للخطوة الإسرائيلية، المتنافية مع الاتفاقيات الدولية.


وكشف دبلوماسيون أوروبيون الثلاثاء، أن فرنسا تضغط على أعضاء الاتحاد الأوروبي، من أجل بحث تهديد الاحتلال الإسرائيلي بـ"رد صارم"، في حال نفذ خطة الضم، إلى جانب بلجيكا وإيرلندا ولوكسمبورغ، الذين يرغبون في مناقشة الاتحاد لإمكانية اتخاذ إجراءات اقتصادية عقابية، خلال اجتماع لوزراء الخارجية الجمعة المقبل.


وأمام هذه الدعوات، تتبادر تساؤلات مهمة، حول جدية فرض الاتحاد الأوروبي لعقوبات على الاحتلال الإسرائيلي في حال نفذ الضم، خصوصا أن بعض العقوبات تحتاج إلى إجماع جميع أعضاء الاتحاد، أو أنها تلجأ الدول الأوروبية الراغبة بالرد باتجاه العقوبات التي لا يلزمها إجماع.

 

اقرأ أيضا: ضغط فرنسي لمعاقبة إسرائيل بحال ضمت أجزاء من الضفة المحتلة


ومجيبا على ذلك، يقول المختص بالشأن الأوروبي حسام شاكر إن "الخطوات التي يمكن أن يتخذها الاتحاد الأوروبي بعد تنفيذ الضم، ستكون متأخرة"، موضحا أن "العقوبات التي ستأتي بعد تنفيذ الاحتلال الفعلي لقرار الضم، ستكون استجابة لخطوة تمن تنفيذها في الواقع، ومن المستبعد أن يتنصل الاحتلال منها لاحقا".


ويضيف شاكر في حديثه لـ"عربي21": "هذا يعيق التعويل على أي عقوبات يمكن أن تتخذ بحق الاحتلال الإسرائيلي، إذا أقدم على خيار الضم"، مستدركا بأنه "إذا كانت العقوبات استباقية وتلويحا بضغط تصاعدي، فربما يكون الأمر مختلفا بعض الشيء".


ويؤكد شاكر أن "خطوة ضم أجزاء من الضفة هي اختبار للاتحاد الأوروبي، لأن الاتحاد مرتبط باتفاقيات داعمة للاحتلال الإسرائيلي، ومرتبط بشراكة متعددة المستويات، وأوروبا لديها نفوذ كبير، يمكنها من ممارسة الضغوط على إسرائيل".

 

مشكلة الإجماع الأوروبي


لكن أوروبا لديها العديد من المشكلات، يوضحها شاكر بالقول: "يبدو أن هناك إشكالية في بلورة موقف دولي متماسك تجاه هذه القضية، إلى جانب عدم وجود إجماع أوروبي، ما يجعل فرض عقوبات جماعية مشتركة مسألة محدودة، ما يضعف فرص أوروبا في المناورة".


ويبين أنه "لو أرادت أوروبا اتخاذ عقوبات جدية، فإنها بحاجة لموافقة من الأسرة الأوروبية، التي بعضها غير متحمس لهذه الخطوة"، مستبعدا أن تنجح أوروبا في اتخاذ عقوبات صارمة وحقيقية.


وحول العقوبات المتوقع اتخاذها دون الحاجة لإجماع، يشير شاكر إلى أنها تتعلق بتخفيف بعض الامتيازات الممنوحة للاحتلال الإسرائيلي، وتحديدا في المجالين التجاري والعلمي، متسائلا: "إلى أي مدى سيكون هذا ضغطا رادعا وحقيقيا على الاحتلال؟".

 

اقرأ أيضا: تهديد أوروبي لـ"إسرائيل": ضم الضفة لن يمر دون رد

 
ويشكك شاكر بإمكانية الوصول إلى عقوبات قوية، منوها إلى أنه "في حال نجحت المحاولات الأوروبية باتخاذ بعض الإجراءات ضد الاحتلال، فإنها ستكون جزئية، وستحمل دلالة معينة ستتسبب بخسائر لمنظومة الاحتلال التجارية والعلمية، لكنها لن تكون صارمة".


ويردف قائلا: "من الصعب توقع أن تكون العقوبات صارمة وجادة، لكنها ستحمل رسالة سياسية معينة"، وفق تقدير المختص بالشأن الأوروبي.


وفي هذا الصدد، ترى صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير ترجمته "عربي21"، أن الإجراءات العقابية المحتملة، تشمل "حرمان إسرائيل من العضوية في الاتفاقات التجارية، أو المنح الخاصة، أو المشاريع التعاونية في مختلف المجالات".


وتوضح الصحيفة أن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي سيناقشون الجمعة المقبل، الردود المحتملة على ضم أراضٍ بالضفة الغربية، إذا تم تنفيذ هذا البند من اتفاقية الائتلاف الحكومي بين الليكود و"أزرق أبيض"، مستدركة بأن "هناك أصواتا أوروبية تميل إلى الانتظار ورؤية كيف ستتصرف الحكومة الإسرائيلية الجديدة".


وتتابع: "لكن بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي يمارسون ضغوطا، للموافق على العقوبات بشكل مسبق كوسيلة ردع"، مضيفة أن "هناك دعما متزايدا من دول الاتحاد لفرض عقوبات، بهدف ردع إسرائيل عن ضم أي منطقة، وتتمثل هذه الأصوات بفرنسا وإسبانيا وإيرلندا والسويد وبلجيكا ولوكسمبورغ".

 

نهج "الجزرة والعصا"


وتؤكد أن هذه الدول تدعو إلى خط متشدد بشأن هذه القضية، مبينة أن "بعض الخطوات مثل الاتفاقيات التجارية، لا تتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء، ونتيجة لذلك، فإنها لن تتمكن إسرائيل من الاعتماد على حق الفيتو لدول الاتحاد الصديقة مثل المجر أو جمهورية التشيك".


وتشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن بعض الدول الأوروبية قد تلجأ إلى اتخاذ خطوات احتجاجية مستقلة ضد إسرائيل، منوهة إلى أنه "لا أحد يريد الوصول إلى مرحلة تتضرر فيها العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على المدى الطويل".


وتعتقد "هآرتس" أن بروكسل تحاول اتباع نهج "الجزرة والعصا"، موضحة أنها "تلوح بتعاون وحوار مفتوح بين القيادة الجديدة للاتحاد الأوروبي والحكومة الإسرائيلية الجديدة، إلا أنها ترسل في الوقت ذاته رسائل واضحة حول الضرر الشديد المتوقع على العلاقات المستقبلية، في حالة الضم من جانب واحد".


وكان بيتر ستانو المتحدث باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قال إن "النقاش قائم بين الدول الأعضاء حول ماهية هذه الإجراءات ضد إسرائيل، في حال أقدمت على ضم أراضٍ فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة".


وقال ستانو: "موقفنا واضح؛ إذا قامت إسرائيل بأي تحرك لضم أراض فلسطينية، فالأمر لن يمر بدون رد فعل"، لكنه أبدى تحفظه على الحديث عن عقوبات محددة أو مراجعة العلاقات الأوروبية الإسرائيلية.

التعليقات (0)