هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عرقلت أزمة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" المتواصلة، مشاريع وخططا مختلفة في سياق صراع النفوذ الدولي، بفعل انشغال هذه الدول بمعضلة الوباء، وتسخير كل الإمكانيات لمواجهة الفيروس، الذي ألقى بظلاله الوخيمة على شتى القطاعات.
إلا أن هجمات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي
السورية ارتفعت وتيرتها في الفترة الأخيرة، رغم عدم انتهاء جائحة كورونا، وبحسب ما
تناوله الإعلام العبري فإن "الحرب الإسرائيلية ضد التواجد الإيراني بسوريا،
لم تتوقف رغم استمرار الجائحة".
وبما تمثله المعادلة السورية من تعقيد مشترك بين
أكثر من دولة، يعد الصراع بين طهران وتل أبيب الأبرز، في ظل محاولة إيران إعادة
تأكيد قوتها الإقليمية، تزامنا مع اعتقاد إسرائيلي بأن أزمة كورونا تمثل الوقت
المناسب لاتخاذ إجراءات حاسمة، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".
ورجحت الصحيفة في تحليل ترجمته "عربي21"،
أن الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي، تبدو بمثابة
"سياسة مخططة"، موضحة أنها تأتي في سياق الهدف الإسرائيلي الاستراتيجي،
المتمثل بـ"استئصال محاولات إيران لتثبيت نفسها على الأراضي السورية".
اقرأ أيضا: "هآرتس": هجماتنا في سوريا تزداد رغم كورونا.. هل ترد إيران؟
وبحسب التحليل الإسرائيلي، فإن الخطط الإيرانية
بسوريا عادت أيضا بعد تأثرها المحدود في بداية أزمة كورونا، من خلال استئناف
علميات حزب الله اللبناني في هضبة الجولان المحتلة، وتعزيز قوته العسكرية، إضافة إلى
عودة الطائرات العسكرية بين طهران ودمشق.
وذكرت الصحيفة أن "الهجمات العسكرية
الإسرائيلية بسوريا توقفت في شباط/ فبراير، بسبب أزمة الفيروس التاجي، التي بلغت
ذروتها في إسرائيل بعيد الفصح"، مستدركة: "الحرب التي تشنها إسرائيل في
جميع أنحاء الشرق الأوسط أكثر تعقيدا بكثير من مجرد القصف الجوي".
وأشارت إلى أن الإيرانيين يحاولون العودة في سوريا إلى روتين ما قبل أزمة كورونا، مبينة أن "طائرات النقل التابعة للحرس
الثوري بدأت في أوائل نيسان/ أبريل الماضي في الهبوط مجددا في دمشق، محملة بمعدات
عسكرية"، لافتة في الوقت ذاته إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية بدمشق عادت
في نفس الوقت.
3 ضربات قاتلة
وأكدت "يديعوت" أن الأقدام الإيرانية عادت
إلى سوريا، بعد أن تعرضت لثلاث ضربات قاتلة، الأولى فيروس كورونا مع عواقبها الاقتصادية
والاجتماعية، والثانية العقوبات الأمريكية المستمرة، والثالثة أزمة أسعار النفط، منوهة
إلى أن النظام السوري عاد كذلك إلى اللعبة أكثر جرأة من ذي قبل.
وتابعت: "ليس فقط أن الأزمة الاقتصادية في
سوريا تتصاعد، لكن لأنه لا يوجد ضوء في نهاية النفق، بسبب عدم وجود خطة
خروج".
وأفادت الصحيفة الإسرائيلية بأن هجمات تل أبيب تجددت
في سوريا، بعد "موافقة ضمنية" من سوريا، معتقدة أنه "بعد مرور خمس
سنوات على التدخل الروسي في سوريا، وجدت موسكو نفسها في حالة إحباط شديد، لأن توقعاتها في الاستفادة من الناحية المالية والاستثمارات في سوريا فشلت، على الأقل
حتى الآن".
ورأت أن الإيرانيين هم حلفاء الروس لغرض القتال على
الأراضي السورية، لكنهم في نهاية المطاف عقبة ومنافس في الخطط الروسية للسيطرة على
سوريا ومواردها، مستدركة: "لذلك من السهل حاليا على الروس ببساطة تجاهل
الهجمات الإسرائيلية ضد إيران".
اقرأ أيضا: هل تأثر التواجد الإيراني بسوريا من الهجمات الإسرائيلية؟
ونوهت إلى أن هناك تنسيقا وتفاهما بين إسرائيل
والولايات المتحدة، في ما يتعلق بالضغط على إيران، مبينة أن "التجربة السابقة
تظهر أنه مع تصاعد التوترات في الخليج، تتصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران على
الجبهة السورية".
وقدّرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"
الإسرائيلية بأن "الظروف الحالية تتيح لإسرائيل فرصة لإضعاف موطئ قدم إيران
في سوريا"، مؤكدة أن "هذه فرصة استراتيجية، حتى لو سعت إيران للرد،
فإنها ستخلق أسبابا لإسرائيل للقيام بعملية عسكرية حاسمة ضدها عبر الحدود
الشمالية".
من جانبه، شدد الكاتب الإسرائيلي أليكس فيشمان في مقال
نشرته الصحيفة في وقت سابق، أن الإيرانيين لم يرحلوا بعد من سوريا، معتقدا أن
"طهران لن تهجر الجبهة السورية، بل ستخفض رأسها مؤقتا"، بحسب تعبيره.
وأشار فيشمان إلى أن "إسرائيل استثمرت أكثر من مليار
شيكل في السنوات الثلاث الأخيرة في حرب سرية بسوريا، لحمل الإيرانيين اليوم إلى وضع
نجحوا فيه في تحقيق 10 بالمئة من مخططاتهم فقط"، منوها إلى أن تل أبيب استأنفت
ضرباتها في نيسان/ أبريل الماضي بعد شهر من التوقف، لتدمير البنى التحتية الإيرانية
بسوريا.
ورأى فيشمان أن هذه الضربات جاءت كجزء من التفكير الاستراتيجي، الذي يقول إن
"الخصم الإيراني يعيش في ضائقة، لذلك يجب أن نجبرهم على إعادة التفكير بمخططاتهم
العسكرية في سوريا، في ظل انشغال اللاعبين الآخرين بوباء كورونا".