قذائف داعمي حفتر تزهق أرواح المدنيين في أحياء طرابلس (شاهد)

تسيطر حالة من الخوف والسخط الشديدين على سكان الأحياء السكنية في العاصمة الليبية طرابلس، إثر القصف العشوائي الذي تنفذه مليشيات خليفة حفتر على المنازل والمناطق المأهولة والذي يتواصل منذ بدء الهجوم على العاصمة في الرابع من نيسان/ أبريل العام الماضي.

واشتد القصف خلال الأيام القليلة الماضية، وأصبح بوتيرة شبه يومية، حاصدا مزيدا من الضحايا، لا سيما الأطفال والنساء والمسنين الذين لم ترحم ضعفهم حمم القذائف المتساقطة.

وتعمد مليشيات حفتر إلى التركيز على استخدام صواريخ "غراد" في قصفها على تلك المناطق، إذ أن هذه الصواريخ تعد الأكثر تدميرا، فهي تطلق برشقات متزامنة، وتعتبر الأقل دقة بين المقذوفات الأخرى كونها غير موجهة.

ذخائر مصرية

 
ويقول مسؤولون ليبيون تحدثوا لـ"عربي21"، إن رحلة هذه الصواريخ وغيرها من الذخائر التي يستخدمها حفتر في حربه على طرابلس، أضحت مكشوفة، إذ تبدأ بعقود إماراتية يوقع جزء كبير منها مع الهيئة العربية للتصنيع (مصنع صقر) التابعة للجيش المصري، ومن ثم يجري شحنها برا عبر منفذ السلوم في الشرق الليبي، أو عبر مطار سيدي براني (شمال غرب مصر)، وصولا إلى يد مليشيات حفتر التي تمطر بها المدنيين في طرابلس.

اقرأ أيضا: قتلى وجرحى بقصف لحفتر على منطقة سكنية شرقي طرابلس

وتسبب القصف العشوائي لأحياء مدينة طرابلس في مقتل وإصابة المئات من المدنيين والوافدين، فضلا عن تدمير العديد من المنازل والمنشآت المدنية.

ولم تسلم المستشفيات والمراكز الصحية من الاستهداف، حيث طال القصف 61 مركزا صحيا، إضافة إلى 26 من سيارات الإسعاف، منذ بدء الهجوم على طرابلس، ما أدى إلى مقتل 13 طبيباً ومسعفاً. بحسب آخر إحصائية صادرة عن الحكومة الليبية.

وتعزو حكومة الوفاق تصاعد قصف حفتر إلى التقدمات التي أحرزتها قواتها في عدد من المناطق الاستراتيجية في الغرب الليبي، لا سيما السيطرة على مدن الساحل الغربي بالكامل، وما شكله ذلك من ضربة موجعة لحفتر، أفقدته عمقا مهما في هجومه على طرابلس.

صواريخ "غراد"

ويبرز تساؤل عن سبب استخدام قوات حفتر لصواريخ غراد في معظم عمليات القصف التي تنفذه في طرابلس، والإجابة تكمن في أن هذا الصاروخ يعتبر الأكثر تدميرا، والأقل دقة، وهو من أكثر الصواريخ المستخدمة في الحروب العسكرية، والنزاعات الإقليمية، وذلك بسبب مداه القصير، وفعاليته، وسعره الرخيص نوعاً ما مقارنة بالأسلحة المتطورة الأخرى.

ويحمل صاروخ غراد رأساً حربيا يحتوي على سبعة عشر كيلوغراماً من المتفجرات، ويمكن نقله من مكان إلى آخر بشكل سهل وسريع، كما يسهل إخفاؤه، ويمكن إطلاقه عن طريق جهاز قاذف للصواريخ، أو من خلال استخدام نظام توقيت موجود داخله، كما يمكن إطلاق نحو 40 صاروخا بشكل متزامن =من نفس المنصة، ما يعني أن القصف يغطي مساحة كبيرة من التدمير.

وينتج "مصنع صقر" التابع للجيش المصري ثلاثة أنواع من هذه الصواريخ، وبمديات مختلفة تتراوح بين (18. 36 .45) كلم. ورصد ظهور هذه الصواريخ في سوريا قبل بضع سنوات، واستخدمتها قوات النظام هناك لقصف أحياء في إدلب وحماة والزبداني ومناطق أخرى.

اقرأ أيضا: الوفاق لـ"عربي21": نسيطر على أجزاء من الوطية والهجوم مستمر

وفي تفسيره لعمليات القصف العشوائي، يقول المتحدث باسم عملية بركان الغضب، مصطفى المجعي، في حديث لـ"عربي21"، إن الوضع الميداني "الحرج" لحفتر ربما دفعه إلى لفت أنظار العالم إلى معاناة المدنيين، وذلك بهدف استصدار قرار دولي أو أممي بفرض وقف إطلاق النار، و"تلك هدية السماء له".

عقاب طرابلس

 
وبالاقتراب أكثر من عقلية حفتر، لا يستبعد المجعي أن تكون لدى حفتر "رغبة في الانتقام لهزيمته، فقد كان الشارع الطرابلسي أحد العوامل التي عوّل عليها، أو هكذا زين له مستشاروه، وقد خاب ظنه منذ بداية العدوان حيث كان الرد صاعقا من وسط طرابلس عبر المظاهرات الحاشدة الرافضة لمشروعه الانقلابي". 

وشدد المسؤول الليبي على أن حفتر يعول على إرباك الحكومة في طرابلس، بهدف دفع الشارع للضغط عليها مع استمرار أمد الحرب، ونزيف الخسائر البشرية، مدفوعة بالأزمة الاقتصادية التي تسبب بها وقف تصدير النفط، وهذا كله يرى حفتر أنه في صالحه.

ومتحدثا عن الدعم المصري لحفتر، يضيف: "بالنسبة للذخائر والصواريخ المصرية فهي موجودة ويستخدمها حفتر بالفعل، وذلك مثبت ومعلوم، كجزء من دعم لا محدود سخره السيسي لحليفه الذي يمثل امتدادا لمشروعه الانقلابي في المنطقة".  

اقرأ أيضا: الحكومة الليبية: مخدرات "الأسد" تدخل ليبيا عبر "موانىء حفتر"

بدوره، يشدد عضو المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط على أن "قصف  الأحياء  السكنية  في  طرابلس وصمة عار على جبين حفتر ومليشياته".

ويقول قزيط في حديث لـ"عربي21" إن "حفتر لا ينظر أبدا للأكلاف البشرية، وما يهمه هو السلطة، وهو الآن يعاقب أهل طرابلس لأنهم لم يخرجوا لاستقباله بالورود".

وفي ما يلي بعض الصور التي حصلت عليها "عربي21" لذخائر انتشلتها الفرق المختصة من بين الأحياء السكنية في طرابلس.