كتاب عربي 21

دول آسيوية تقتدي بسوريا في مقاومة الوباء بالجنزير!

أحمد عمر
1300x600
1300x600

عرضت الجزيرة فيلما وثائقياً مساء أمس الأحد بعنوان "احتواء كورونا تجارب آسيوية"، والتجارب في أربع دول هي الصين واليابان وتايوان وكوريا الجنوبية.

نرى في الفيلم التحصينات الكورية الجنوبية الصحيّة ضد الفيروس الغازي المندسّ؛ قياس الحرارة في مراكز الصحة على ثلاث مراحل، وعبر حساسات جدارية، تنبِّه ببوق زاعق إذا بلغت درجة حرارة الزائر العابر سبعاً وثلاثين درجة مئوية ونصف.

يكذب إعلام النظام السوري حتى في درجة الحرارة في النشرة الجوية، على قول شهير لممدوح عدوان في كتابه "حيونة الإنسان". تقول إحدى الشاهدات التايوانيات للصحفية الفرنسية في الفيلم: أهل تايوان لا يكذبون، فكيف إذا كان الأمر قضية حياة وموت؟

 

في المثل الشهير: الناس على دين ملوكهم، فإن كذب الرئيس، كذب الشعب. الناس ينظرون إلى رئيسهم، فإن خَدع خَدعوا. والرئيس بمنزلة القلب من الجسد، فإن فسد، فسدوا. ورأينا السيسي وهو يعنّف العمال ويهتف، وهو حريص على أناقته وملازمته لسيارته: فين المدني اللي هنا؟

ولم يكن يضع الكمامة!

اضرب بنفسك المثل يا ريس، نحن خائفون على صحتك فإن ضعتَ ضاعت مصر، فأين سنعثر على رئيس لديه كل هذه الصفات التي لا تتكرر في بشر: قيمة ومركز ووظيفة ميري؟

أما في سوريا، فالمعتقلون السياسيون يخضعون لتحصينات أشدّ، يسميّها الناجون: الجنزير، ومن شبه المستحيل أن ينجو أحد من الجنزير.

في تايوان، أزياء واقية للفاحصين تشبه أزياء روّاد الفضاء، رسائل نصية بالتوجيهات الصحية. يقول الفيلم إنَّ هذه الدول الآسيوية نجحت في حصار الفيروس أكثر من دول أوروبا جميعاً، وليس صحيحا أنَّ الصين احتوته بفضل الديانة الشيوعية، فتايوان دولة ديمقراطية واليابان وكوريا الجنوبية كذلك، وسنرى أنَّ هذه الدول استطاعت لجم غزوة الفيروس، وأنَّ اليابان قهرت كورونا بتقاليدها الراسخة في الانضباط والسلوك الرشيد. وقد دمَّر النظامان السوري والمصري تقاليد الشعبين السوري والمصري، وهو أشق على الشعبين من تدمير بيوتهم.

في الصين، كل حي سكني يشبه القلعة، حسب شهادة فرنسي يقيم فيها، وللحي مخرج واحد، والمرور لا يجري إلا بتصريح، وممنوع التصوير، كأنه ثكنة عسكرية، كما في سوريا، حيث كانت الكاميرا إحدى أهم الممنوعات في سوريا، هناك لجان أحياء، كما في سوريا تفحص الداخلين إلى الحيّ. تايوان أفضل من الصين في مقاومة الوباء، فليس فيها سوى 100 ضحية، ولم يُصب طبيب واحد بالمرض، وهناك كلب كرتوني ناطق من عالم أفلام الصور المتحركة يخبر الشعب بآخر الأنباء والتعليمات. اختارت الحكومة إبلاغ الشعب ببلاغات الصحة عبر شخصية فنية محبوبة، وهم إنما يقتدون بسوريا ومصر، فقد اختارت سوريا أيضاً شخصية الكلب، قد يكون كلباً أنثى على هيئة مذيعة عنصرية تقف بجانب سيدة تحتضر وتسألها عن شعورها قبل الموت، أو مذيعا أصلع يقول نحن "عو" يا كورونا، أو ناطق عسكري يبثُّ الذعر في الشعب.

كل زائر وافد إلى الصين يُحجر عليه مدة أسبوعين، حتى يظهر عليه الحمل، حمل المرض طبعاً، فلا يذهبن بك الخيال عزيزي القارئ بعيداً.

في الصين، هناك مخبر من الحزب لكل ثلاثين شخصاً. المخبرون يقفون على نواصي الشوارع، ويتعرفون على الغريب فوراً. وكانت حواجز الأحياء السورية تعرف الغريب أيضاً بالسؤال عن عدد ركعات صلاة الجنازة، أما حواجز النظام، فتعرف المصاب رغم أنفه من خلال الكنية أو المنطقة التي يقيم فيها، ثم تقيم عليه الحد.

الهواتف مبرمجة في الصين، فالحلاق الصيني يعرف فوراً حالة زبونه الصحية من هاتفه. وقد لجأت سوريا منذ فترة إلى البطاقة الذكية من أجل الخبز وجرّة الغاز الذهبية.

في الصين ينظرون إلى الأجانب بريبة، الغريب مريب مع أن الصين في عُرف العالم هي مصدر الوباء بخفافيشها وثعابينها.

سعر الكمامات موحد في تايوان، لكن سعر الخبز لا يزال مضطرباً في قلب الفارسية والروسية النابض، رغم البطاقة الذكية والتي يدور صراع حول إدارتها بين شركتين في سوريا؛ هما شركة رامي مخلوف وشركة أسماء الأسد، وسوى الرسوم المالية، وهواية كشّ الحمام والشعب، هناك فائدة سياسية رقابية قامت عليها دولة الأخ الأكبر السوري هي مراقبة المواطن، فالبطاقة الذكية سوار الكتروني، وهي تتم في الصين بدقة.

في تايوان، دربت الدولة الجيش على القيام بمهام العمال، لكن الجيش السوري لا يعرف سوى التعفيش والقتل الصافي، الذي يذكّرنا بالتتار والمغول في هجماتهم على الحضارة الإسلامية، وهي حرب بين قبيلة الجيش وقبيلة الشعب، والغنائم مباحة، أما الأسرى فهم أرقّاء وعبيد أو قتلى تحت التعذيب. الشرطي الذي يراقب المعامل المنتجة للكمامات التي زادت عن الحاجة في تايون ظريف ومبتسم، لا يوجد في تايوان شعار "اسمه الشرطة في خدمة الشعب"، والشعار قناع في الدول العربية، وهي من أكثر الدول المنتجة للأقنعة الواقية من الحقيقة، وحقيقة الشعار المذكور أن الشعب في خدمة الشرطة!

آخر الأنباء في اليابان، أنَّ عمر الفيروس على الأشياء يطول أسبوعين. اليابان أغرب الدول في حربها على كورونا لرباطة جأشها وقوة بأسها، الشعب يعيش حياته الطبيعية، وقد خرج ليحتفل بالربيع وشجرة الكرز المقدسة، والزحام على أشده في الحدائق. سبب عدم اكتراث الشعب بالوباء أمور عدة: أولها أنه شعب معتاد على مواجهة كوارث الزلازل، فاليابان جزر راقصة، وهناك التقاليد الراسخة، أما تقاليدنا فقد دمرتها الحكومات العربية، فالحكومات العربية علمانية وحداثية، أما الشعب فرجعي ومتخلف، ويأبى اللحاق برئيسه التقدّمي الذي يعيش في كوكب آخر.

تايوان مدهشة بقدراتها الصحية والتنظيمية، وكانت تايوان قد تدربت وجهزت نفسها منذ وباء سارس في سنة 2003 الذي أودى بثلاث وسبعين ضحية أثقلت عاتق الحكومة التايوانية بالذنب. إعلام النظام السوري يضحك ويبتهج وقد قُتل نصف مليون أو مليون، لا يهم، المهم هو بلوغ التجانس. ليس في سوريا بنية تحتية، البنية التحتية هي البنية الفوقية، هي الرئيس، وقد دمر النظام كل المشافي السورية، وكان يمكن للمساجد أن تصير مستشفيات، فدمرها أيضا.

سبب بسالة اليابان ضد المرض هي المشافي، والتنظيم الصارم، وعدم الخلط بين الشباب والكهول.

في كوريا، التسوق يتم على عربات بينها مسافات، ويعقّم المتسوّق يديه دخولاً وخروجاً. في سوريا لا تسوّق، فأكثر الشعب لا يجد حتى الخبز، والشفافية كفر. والتسوق يتم عبر الإنترنت في تايوان، يُحضر الطعام عبر شركات، ويوضع أمام الباب من غير مسٍّ له. تقول الأخبار السورية إنَّ جرائم السطو كثرت، وتجري كلها في أحياء السنّة. تعفيش في الليل.

اليابانيون يحتفلون بشجرة الكرز، وهم قوم يطيعون آباءهم وحكومتهم المنتخبة، التي ينحني فيها الرؤساء للمواطنين، والمواطنون للرؤساء، وهم يخلعون أحذيتهم عند دخول الدار كما لو أنها مساجد.. ولا نفايات. في سوريا النفايات في كل مكان. والحقائق التي تدفن في التلفزيون هي الأشد فتكاً بالصحة العامة، وكذلك في مصر واليمن، بل إنَّ النفايات النووية تدفن في سوريا، هكذا اتهم النظام خدام ولم يكشف عن جريمته إلا بعد انشقاقه، ولا يزال مكان الدفن مجهولاً!

لا مصافحة في التحية اليابانية، ونحن في سوريا لا نركع سوى لله، في الشعارات طبعا.

تقول الشاهدة الكورية: إنَّ الفردية الأوروبية قد تكون سبباً في تأخر أوروبا عن تايوان وكوريا الجنوبية، وتقصد تعاون الشعب مع الحكومة، فهو أقوى في هذه الدول الآسيوية. قامت مظاهرات ألمانية صغيرة ضد إجراءات الحجر وتقييد الحركة، ومنع الاجتماعات. الإعلام السوري يزعم أنه لا إصابات كثيرة في سوريا، مع أن إيران تصدّر لها مع الثورة "الإسلامية" الوباء عبر حجاج الأضرحة والمستشارين الانتحاريين.

ذكر سيباستيان في الفيلم، وهو فرنسي يعمل في الصين: إن الحَجْر الصحي جعل رمي القمامة نعمةً تشتهى، كما كان المعتقل السوري يشتهيها في معتقله ولا يطال رؤية الشمس حتى لرمي القمامة.

 

@OmarImaromar

التعليقات (0)