هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تمكن مهندسان فلسطينيان في قطاع غزة، رغم شح المواد وقلة الإمكانيات
بسبب حصار مستمر منذ 14 عاما، من تصنيع جهاز يساعد على التنفس الصناعي للمرضى،
وخاصة المصابين بفيروس كورونا.
وذكر المهندس المعماري عصام خلف الله (44 عاما)، أنه طرح فكرة تصنيع
جهاز خاص للتنفس الصناعي على العديد من المهندسين، ومن بينهم المهندس إسماعيل أبو
سخيلة (49 عاما)، الذي بدوره "لم يتردد في تبني الفكرة والعمل عليها، رغم شح
الإمكانيات، بسبب الحصار الإسرائيلي للقطاع الممتد منذ 14 عاما".
وأوضح خلف الله، الذي يعمل في المكتب الهندسي بالجامعة الإسلامية
بغزة مع مديره أبو سخيلة، صاحب الخبرة بصيانة الأجهزة المختلفة، في حديثه
الخاص لـ"عربي21"، أن فكرة التصنيع بدأت تراوده منذ 10 أيام، والتصنيع
الفعلي للجهاز بدأ السبت الماضي.
وذكر أنه قام بالتعاون مع زميله، على وضع الأفكار الأولية للجهاز،
بعدما قاما بإجراء الفحص والاطلاع على العديد من الخيارات المتاحة، وزيارة وحدة
العناية المركزة بمجمع الشفاء الطبي بغزة، ومعرفة طرق عمل الأجهزة المتوفرة هناك،
واستشارة بعض الأطباء، الذين أوضحوا لهما المعلومات عن الجهاز منها: طبيعة النفس وكمية الهواء المطلوبة.
اقرأ أيضا: إجراءات جديدة لمكافحة كورونا بغزة وأزمة بالمساعدات الطبية
وبحسب المهندس خلف الله، أظهرت جولة الفحص، أن هناك بعض الوظائف يمكن
العمل عليها، وأخرى نظرا لشح الإمكانيات والمواد لا يمكن تصنيعها.
ونوه أنه شرع في العمل على تجميع المكونات الأساسية للجهاز محلي
الصنع ومنها: ماتور مساحات، مع وحدة صغيرة لضخ الهواء، إضافة إلى معدات خاصة
بالتحكم بالسرعة وغيرها، مما يتيح للجهاز العمل على الكهرباء العادية، وفي حال
انقطاع الكهرباء، يعمل على بطارية صغيرة مدة 10 ساعات متواصلة.
وأشار إلى أن النسخة الأولية من الجهاز التي تم التوصل إليها، حازت على
إعجاب بعض الأطباء الذين شاهدوا عن قرب طريقة عمله، وهو ما دفعهم لتشجيع الفكرة في
ظل هذه الظروف الصعبة مع تفشي وباء كورونا.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد في قطاع غزة سوى 97 جهازا خاصا بالتنفس الصناعي "صالحة للعمل"، حيث يحتاج المصاب الحرج بفيروس كورونا إلى جهاز للتنفس الصناعي، كونه يؤثر بشكل كبير على الجهاز التنفسي للإنسان.
الحصار يعيق التطوير
وعن تجربة الجهاز على إنسان مريض، أفاد أنه "لم يجر تجربة عملية على شخص مريض، ولكن تم أخذ قراءات للجهاز بمساعدة أحد أطباء
التخدير، الذي أكد أن هذا هو المطلوب للتعامل مع مرضى كورونا ممن يعانون من صعوبة
في التنفس".
وبين خلف الله، أن "الأجهزة الرسمية المعتمدة في المستشفيات
والتي يصل ثمنها لنحو 50 ألف دولار، تمنح الأطباء الكثير من الوظائف، ولكن جهازنا،
يخدم في حالات مرضى كورونا، الذين يفقدون القدرة على التنفس، لأنه يعمل على ضخ
الهواء إلى الرئتين من الهواء العادي، مع إمكانية ترطيب الهواء الواصل للمريض،
إضافة لوجود مدخل خاص للأكسجين".
وذكر أن فريق العمل يعمل حاليا على تطوير الجهاز، وإضافة بعض الوظائف
الضرورية له، من أجل أن يقترب أكثر من الجهاز الرسمي، موضحا أنه سيعقد الخميس ورشة عمل بهذا الخصوص مع العديد من الأطباء والمهندسين من مختلف التخصصات.
ولفت إلى أن هناك محاولة بالتعاون مع المهندسين في تخصص
الإلكترونيات، من أجل وضع حل لعدم وجود حساسات في القطاع بسبب الحصار، يمكن
استخدامها في تحديد سرعة وكمية الهواء، مع إمكانية البحث عن حلول أخرى.
وحول تكلفة الجهاز وإمكانية الإنتاج، أفاد المهندس في حديثه
لـ"عربي21"، أن تكلفة المواد التي يصنع منها الجهاز الحالي تصل ما بين
150 إلى 200 دولار فقط، مع القدرة على إنتاج نحو 100 جهاز خلال 10 أيام، في حال تم
تشكيل خط إنتاج محلي، وأتوقع أن نبدأ في تصنيع الجهاز خلال أسبوع.
وأكد أن "حصار غزة يعيق تصنيع مثل هذا الجهاز بشكل أفضل، كما
يعيق البدء في العمل على العديد من الأفكار الإبداعية"، لافتا إلى أنه يعمل على
"إيجاد البدائل للمواد والأجهزة غير المتوفرة الخاصة بجهاز التنفس الصناعي،
وبدعم من إدارة الجامعة".
اقرأ أيضا: مكافحة كورونا بغزة على طاولة "الرباعية الدولية"
وبشأن مبادرة اتحاد المقاولين الفلسطينيين، الذي أكد استعداده دفع
تكلفة تصنيع أول 100 جهاز، قال: "حضر الاتحاد اليوم إلى الجامعة وعرض علينا
الفكرة، وهذه مبادرة مشجعة لنا، وتؤكد أن شعبنا به الكثير من المبادرين للخير"، مضيفا أن "العديد من الشخصيات الخارجية، أعربت عن استعدادها لدعم مشروع تصنيع
الجهاز ماديا".
غزة تساعد لإنقاذ الأرواح
بدوره، أوضح المهندس إسماعيل أبو سخيلة، الذي يتولى إدارة المكتب
الهندسي في الجامعة الإسلامية، أن فريق تصنيع وتطوير هذا الجهاز، "قاموا بعمل
محاكاة، وأخذ في الاعتبار سرعة إيجاد مثل هذا الجهاز البسيط، لحساسية وأهمية الأمر
في هذه الأوقات؛ خاصة في غزة".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "الفريق عمل وفق
الإمكانيات والمواد المتاحة بالقطاع، من أجل توفير جهاز يسد حاجة القطاع المحاصر،
في ظل أزمة وباء كورونا، ومن أجل المساهمة في إنقاذ حياة الناس".
وحول إمكانية تزويد بعض الدول بالجهاز قال: "لدى مختلف دول
العالم عقول وإمكانيات أكبر، وهي منفتحة على بعضها، والأمر بالنسبة للجامعة غير
ربحي، ونحن على استعداد لتزويد الجميع ممن يرغب بدول الجوار، بالأفكار ومخططات
الجهاز من أجل أن يقوم بتصنيعه في بلده، وتقديم مختلف الاستشارات في هذا
الشأن".
وقال إن "فريق العمل تعمد الحديث عن الجهاز، من أجل تحفيز
الجميع على العمل".
وختم حديثه بالقول: "نحن في غزة المحاصرة، على استعداد لمساعدة
الجميع".