هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعنوان "سجن المحبة".. انتهت تجربتي مع النهضة بشكل نهائي، فالاستقالة حدث سياسي وليست حالة نفسية"، هكذا دون القيادي البارز عبد الحميد الجلاصي، متحدثا عن استقالته من حركة النهضة التونسية، الحزب الأول في تونس منذ ثورة 2011.
أسباب الاستقالة ودوافعها، ومستقبل القيادي البارز المستقيل عبد الحميد الجلاصي، تحدث به صراحة لـ"عربي21"، ضمن هذه المقابلة.
لماذا الاستقالة ؟
يقول القيادي البارز المستقيل عبد الحميد الجلاصي في حوار خاص بـ"عربي21": "هي تجربة استمرت لأربعين سنة والانتماء لمجموعة من القيم والمبادئ، وفي جوهره مقايضة لأقدار من الحرية الشخصية من أجل نجاعة أكبر، علاقتي بحركة النهضة زمن الاستبداد تعلمت فيها الكثير كانت ملاحم كبيرة.. حركة النهضة في تونس أكبر حزب سياسي قامت بمجموعة من التطويرات الكبرى ولكن اختلالات كبرى في طريقة الإدارة والتصرف في الموارد جعلت من الموارد البشرية تضعف والانتقال من حركة لها زعيم أو رئيس إلى رئيس له حركة".
وتابع الجلاصي: "طول مدة التسيير في الجماعات والحركات يؤدي إلى اعتماد مقاييس غير الكفاءة ووجود بلاط، ونوع من التكلس والتوحد في الدائرة القيادية وانفصالها عن الطرق الحديثة في التفكير إلى انسداد، حركة النهضة في تقديري فقدت شحنتها التغيرية رغم كل ما تمتلكه من قدرة".
هل الخلاف بالأساس مع الغنوشي؟ وحياد النهضة عن أفكارها ومسارها الحقيقي؟
يرد الجلاصي: "منطلق الخلاف هو التباين الذي برز قبل وبعد المؤتمر العاشر واندلع خلاله وتفاقم بعده، الأصل هو إداري ترتيبي في نمط الحوكمة بين حركة لها زعيم أو زعيم له حركة ولكن طريقة التسيير تؤدي إلى تكييف الحركات طريقة التسيير الفرداني أدت إلى إدراج النهضة في سيستم أصبح في حد ذاته سيستم وجزءا منه فوقعت فجوة داخلها عن جمهورها الداخلي والمناضل، فطريقة التسيير فرطت في كل موارد الحركة، كنا نراهن على المؤتمر الحادي عشر أن ينطلق وتكون المراجعات واحترام القانون ولكن في تقديري الخاص المؤتمر لن ينعقد وتأجيله سياسي متعمد وسيؤجل، ورئيس الحركة من عام 1969 يشرف على التسيير ولا يوجد في العالم كله أي زعيم دولة ولا نقابة ولا حزب يشرف كل هذه المدة، فالطريقة تؤدي إلى تكلس، جمود، اختناق واحتقان وهذا ما يحصل والخوف كل الخوف من حصول معركة التآكل داخل النهضة".
هل توجد ملامح استقالات أخرى؟ وماذا عن الحياة الجديدة؟
"الخوف من مناخات محتقنة واستقالات تؤدي إلى التأثير على المناخ في بلد لا يحتمل مثل هذه الخلافات الحزبية، فعوض مناقشة حلول ندخل في مناكفات حزبية، شخصيا لا أتحمل هذا ولا أجد نفسي مع النهضة ولهذا أنهي تجربتي حتى لا أخسر صدقاتي وعلاقتي.. انتهت القصة مع النهضة وهويتي الجديدة تنسم بالحرية ولن أكون عبد الحميد ضد النهضة، سأكون شريكا في دينامكية مجتمعية للبحث حول صيغ جديدة لممارسة العمل السياسي، سأكون شريكا لكل الديمقراطيين والشباب وغيرهم، أفضل أن أكون شريكا في حراك وأتمنى أن تكون النهضة قوية وديمقراطية ومؤسساتية وأتمنى أن تكون تقديراتي خاطئة".
هل تم التواصل معكم للتراجع عن الاستقالة؟
"أريد أن أعلم الرأي العام أنه لم يتصل بي أي وفد خاص من المكتب التنفيذي مثلما تم الحديث عنه، وأعتبر الفقرة الأخيرة في بيان المكتنب التنفيذي فضيحة، ولم يتصل بي أي عضو لا بالهاتف ولا مباشرة وهذه الطرق سيئة ولم يحصل تواصل مثلما يروج له وهي أساليب تسوق أشياء لا أخلاق لها لربما هناك شخص آخر اسمه عبد الحميد الجلاصي".
قيادات تعلق على الاستقالة
في المقابل أكد النائب عن حركة النهضة محمد القوماني في تصريح خاص لـ"عربي21" أن استقالة عبد الحميد الجلاصي من الحركة "لا يمكن أن ننظر إليها على أنها خسارة مؤلمة للنهضة لأن القيادات تصنع وتتكون عبر عقود وعبر دربة محن وتجربة"، ولكن أيضا ليس من السهل تعويض القيادات.
وأضاف القوماني: "يبدو أنه فكر جيدا وكتب نصا مطولا في شرح أهم أسبابها فضلا عن ما كان يعلم من النهضاويين أن الجلاصي منذ المؤتمر العاشر له وجهة نظر نقدية في التسيير ومسار الحركة وهو مصنف كزعيم للمعارضة الداخلية".
اقرأ أيضا : قيادي في "النهضة" التونسية: استقالة الجلاصي مؤسفة
وأوضح القوماني أن استقالة الجلاصي ومن قبله الأمين العام زياد العذاري "في رأيي الشخصي رسالة الاستقالة مفعمة بالذاتية وفي اعتقادي مشاكل حركة النهضة تم اختصارها في الحوكمة وفي رئاسة الحركة أساسا وهذا لا أشاطره فيه لأن مشاكل الحركة أوسع من ذلك بكثير"، وأضاف: "نحن إلى حد الآن نسمع انتقادات للغنوشي ولكن لا أحد قدم من جانبه نية الترشح أو أفكارا جديدة في التوجهات والتسيير".
بدوره قال رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة نور الدين العرباوي: "تعليقي أنه لا أحد يمكنه إنكار موقع وتاريخ عبد الحميد الجلاصي، وجهده لسنوات طويلة قبل وبعد الثورة، بكل المقاييس الاستقالة مؤسفة ولا شيء يبررها وخاصة التصميم عليها ونتمنى وجود خيط رجعة للجلاصي فالحركة والبلاد في حاجة له".
وأكد العرباوي في تصريح خاص لـ"عربي21": "نعم توجد خلافات داخل حركة النهضة بالتأكيد، نتمنى فرصا للحلول، ستكون دورة قريبة للنظر في مستقبل الحركة والاستقالات، وكلفنا وفدا خاصا من المكتب التنفيذي للحديث مع الجلاصي".