هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم أن الإصابات المؤكدة بفيروس
"كورونا" المستجد (كوفيد 19) في العراق هي 13 حالة فقط، إلا أن المخاوف
من انتشاره دفعت العراقيين إلى تغيير سريع في نمط حياتهم الاجتماعية، التي لم
تغيرها ظروف استثنائية مر بها بلدهم طيلة الخمس عشرة سنة الماضية.
يمتاز العراقيون، خاصة في القرى
والأرياف الغالب عليها الطابع العشائري، باحترامهم للعادات والتقاليد المتوارثة
منذ مئات السنين، سواءً المتعلقة بالأفراح والأحزان، أو المناسبات الدينية
والعامة.
تلك العادات والتقاليد لم تتغير خلال
السنوات الخمس عشرة الماضية بظروفها الصعبة، لاسيما في مرحلة تنظيم القاعدة،
وبعدها الاقتتال الطائفي، ثم مرحلة تنظيم الدولة.
وظهر فيروس "كورونا المستجد"
في الصين، لأول مرة، في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، بمدينة ووهان، إلا أن بكين
كشفت عنه منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي.
مصلحة جماعية
قال الشيخ خليل الإبراهيمي، أحد شيوخ
عشائر "بني تميم" في بغداد: "بفضل الإنترنت صار الجميع
يدرك خطورة الوضع الصحي جراء فيروس كورونا".
وتابع: "بالتالي فإن الجميع قدّر أن
الاستمرار بالتقاليد والعادات العشائرية أو حتى الشعبية في قضية الزيارات وتنظيم
الاحتفالات الجماعية والحضور في مجالس العزاء صار له ضرر كبير على المجتمع".
اقرأ أيضا: كورونا يصل 60 دولة.. أصاب 86 ألفا وقتل 2900 حتى الآن
وشدد الإبراهيمي على أن "مصلحة
المجتمع تعلو على التقاليد والعادات، ولأن إمكانيات العراق الصحية غير قادرة على
احتواء الفيروس في حال تفشيه، فقد صار واجبا علينا كشيوخ عشائر أن نفكر بمصلحة
المجتمع".
وأردف: "لذا قررنا التقليل من
التجمعات العامة لأي ظرف كان، حتى لا نكون طرفا في انتشار الفيروس القاتل".
وقررت قبائل في محافظة المثنى جنوب العراق "تجميد" عادة التقبيل في المناسبات، والاكتفاء بالمصافحة منعًا
لانتشار "كورونا".
وعادة ما ينتقل "كورونا" من شخص
إلى آخر أثناء فترة حضانة الفيروس، البالغة 14 يوما، عبر الرذاذ الملوث، أو الأيدي
الملوثة، أو السطوح الملوثة بالفيروس.
إقبال على الكمامات
ووفق حمدي جميل، وهو صيدلاني (48 عاما)
في منطقة بغداد الجديدة، فإنه منذ الإعلان عن تسجيل أول إصابة بالفيروس في العراق،
الأسبوع الماضي، تشهد الصيدليات إقبالا كبيرا لشراء أقنعة التنفس الواقية
والمطهرات ضد البكتيريا والفيروسات، رغم أن أسعارها تضاعفت.
وأضاف جميل أن "أقنعة
التنفس الواقية لم تكن في أي وقت ضمن اهتمامات العراقيين، أما اليوم فهي الأساس؛
لأنهم يعتقدون أنها توفر الحماية لهم حال خروجهم للأسواق أو الأماكن العامة".
وتابع: "المشكلة أن هذه المنتجات
كانت قليلة؛ لأنها لم تكن مهمة قبل شهر، وبالتالي تضاعف سعرها 10 مرات؛ بسبب شحها
(قلتها)، واستيرادها من الخارج بشكل عاجل".
الإجراءات الحكومية
قال مهدي العبيدي كاسب (38 عاما)، المواطن من بغداد، إنه "حسب نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي،
فإن الوضع خطير للغاية، والإجراءات الحكومية المتبعة لمنع انتشار الفيروس لا تتلاءم
مع حجم الأزمة".
واعتبر أن "البنى التحتية
للمؤسسات الصحية في العراق غير قادرة على مواجهة هكذا فيروس خطير سريع
الانتقال".
وشدد العبيدي على أن "الوعي
المجتمعي بخطورة الفيروس متدنٍ؛ بسبب عدم قيام الفرق الصحية بجولات في القرى
والأرياف ومراكز المدن للتوعية بخطورة المرض".
العائدون من إيران
الإعلان عن ارتفاع حالات الوفاة
والإصابة بـ"كورونا" في إيران المجاورة، دفع آلاف العراقيين، ممن كانوا
في رحلات علاجية أو سياحية دينية، إلى العودة من إيران عبر المنافذ الحدودية، وسط
إجراءات طبية "بسيطة" في المنافذ البرية والمطارات.
وقال منشد الطائي، العامل في منفذ
"المنذرية" الحدودي مع إيران بمحافظة ديالى، إن "المنفذ يشهد توافد
نحو ثلاثة آلاف مسافر يوميا عائدين من إيران إلى العراق".
واستطرد: "لا نمتلك أماكن كافية لحجز 3
آلاف شخص يوميا، ونكتفي بالفحص المتوفر لمعرفة ما إن كان الشخص مصابا أم لا.. وفي حال
الشك في إصابة شخص ما يتم حجزه".
وأضاف الطائي أن "المشكلة هي أن
أعراض هذا المرض لا تظهر على المصاب لمدة أسبوعين، وهنا تكمن خطورة دخول العوائل
العراقية القادمة من مختلف المدن الإيرانية".
واحتشد المئات من أهالي ديالى، الأسبوع
الماضي، أمام منفذ "المنذرية"، مطالبين بإغلاقه؛ خوفا من انتشار
"كورونا".
وقررت السلطات العراقية، الأربعاء
الماضي، تعليق الدراسة في الجامعات والمدارس، وإغلاق مراكز التجمع العامة لمدة 10
أيام، ومنع سفر المواطنين إلى تسع دول، هي: الصين، إيران، اليابان، كوريا الجنوبية،
تايلاند، سنغافورة، إيطاليا، الكويت والبحرين.. باستثناء الوفود الرسمية والأجنبية
والهيئات الدبلوماسية.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، نهاية
يناير/ كانون الثاني الماضي، حالة الطوارئ على نطاق دولي لمواجهة تفشي الفيروس،
الذي انتشر في دول عديدة، وأثار حالة رعب تسود العالم.