شيراز العتيري.. من تهمة التطبيع إلى تدخل السفير الفلسطيني

الكثير من التسميات، عشرات الترشيحات لمنصب وزير الثقافة في تونس منذ أول حكومة غداة الربيع العربي إلى اليوم، ولكن لم يحصل كذا جدل حول ترشيح اسم من الأسماء أو تنصيبه كما يحصل اليوم مع السيدة شيراز العتيري في حين أنها شخصية العام في السينما العربية.

والبارحة تم الإعلان رسميا عن تعيينها كوزيرة مستقلة في حكومة إلياس الفخفاخ بعد جدل كبير حول ترشيحها.

لقد اتهمتها حركة الشعب التونسية بالتطبيع مع إسرائيل ورغم تراجع هذه الحركة عن التهمة بعد طلب التدقيق في ملفها لم يتوقف الجدل وهو ما جعل السفير الفلسطيني في تونس يدلي بشهادته وينزهها من التهمة بل ينوه بمجهوداتها في الساحة الثقافية. ومع هذا يتواصل الجدل: لماذا تلاحقها حملات التشويه؟ ومن تكون شيراز العتيري؟

عود على بدء

 
منذ أشهر تحولت السيدة شيراز العتيري إلى شخصية مثيرة للجدل، فكلما طرح اسمها إلا وكثر حوله اللغط، وتبعته حالة من الغليان تحركها بعض الإشاعات وآخرها الهجمة الشرسة التي شنت ضدها بعد طرح اسمها ضمن قائمة الترشيحات لوزارة الثقافة لتخلف الوزير السابق محمد زين العابدين وهو نفسه وزير الثقافة الذي كان قد أقالها من منصبها كمديرة عامة للمركز الوطني للسينما والصورة وأعلن عنه كخبر استقالة.

اقرأ أيضا: الفخفاخ يعلن رسميا تشكيلة الحكومة التونسية الجديدة (أسماء)

ونذكر الضجة التي أثيرت حولها آنذاك ولكن قبل استحضار بعض تفاصيل "السيناريو" السابق لنتوقف عند السيناريو الحالي ونبدأ من المشهد الأخير:

تتهم حركة الشعب شيراز العتيري بالتطبيع مع إسرائيل وتطالب بالتدقيق في ملفها لتتراجع فيما بعد عن هذا الاتهام بعد أن تؤكد براءتها. الحركة توقف تهمتها ولكن الجدل لا يتوقف.

وفي هذا السياق تبادر الصحفية التونسية كريمة الوسلاتي بالاتصال بسفير دولة فلسطين بتونس هايل الفاهوم وتنشر تدوينة على صفحتها الرسمية في فيسبوك ذكرت فيها التالي:

"كنت الآن في الهاتف مع السيد هايل الفاهوم سفير دولة فلسطين بتونس للتنسيق معه حول إحدى حلقات برنامج هوانا عربي وعلى هامش هذه المكالمة وقع التطرق إلى موضوع الشبهات والاتهامات التي وجهت الى السيدة شيراز العتيري المرشحة لمنصب وزيرة الشؤون الثقافية" وهذا أهم ما جاء في كلامه: "هي في قمة الوطنية ومن أكثر الداعمين للحق الفلسطيني في إطار نشاطاتها الثقافية

وقد ساهمت في إعداد العديد من النشاطات التي تشمل كل بلدان البحر الأبيض المتوسط باستثناء إسرائيل، وكانت فلسطين هي العنوان الرئيسي لكل هذه النشاطات بما في ذلك مهرجان منارات، واستقبلت وفود فلسطينية قامت بلقاءات مع أهم المخرجين والمنتجين وكانت شيراز هي من قدمتهم.

أنا شخصيا من خلال تجربتي معها كنت فخورا بتبادل الخبرات التي كانت تدعمها شيراز وكذلك جعلها فلسطين في المقدمة في ما يخص حضور أهم التظاهرات والنشاطات الثقافية في تونس ولا أنسى دعمها للحضور والمشاركة الفلسطينية في مهرجان كان وفي الساحة الأوروبية عموما".

ماذا قال السينمائيون؟

 
وكانت الصحافة المحلية قد تفاعلت مع التدوينة وتناقلتها عبر صفحاتها. كما علق بعض السينمائيين على الاتهام الموجه لشيراز العتيري.

السينمائية هند بوجمعة التي انتقدت بشدة هذا الاتهام توجهت برسالة إلى شيراز العتيري تقول فيها "شرف لنا ترشيحك فيها في حاجة لتأكيدات أي من الأحزاب السياسة لنتأكد من نزاهتك"
المخرج أمين بوخريص هو الآخر علق على صفحته قائلا ما يحصل مع شيراز العتيري فيلم هوليوودي.

وأضاف المديرة العامة للمركز الوطني للسينما والصورة التي أُتهمت بنيتها الاستحواذ على أيام قرطاج السينمائية بعد وفاة نجيب عياد يقيلها الوزير إقالة تعسفية وبعد ذلك يتم ترشيحها لوزارة الثقافة فيتهمونها بالتطبيع.

السينمائية أنيسة داود علقت: حتى السفارة الفلسطينية في تونس تدعمها ماذا تبقى إذن، ودعت شيراز العتيري للمضي قدما في مشروعها الفني.
ولكن لم تحولت شيراز العتيري إلى أشبه بالظاهرة خلال أشهر قليلة؟

الظهور الأول لشيراز العتيري

 
قبل وفاة السينمائي نجيب عياد كانت شيراز العتيري من جنود الخفاء لم يكن ليعرفها الجمهور العريض إلا بعد ظهورها كخليفة للفنان السينمائي ومدير أيام قرطاج السينمائية حيث افتتحت الأيام وشكلت مفاجأة الدورة بل نجمتها وذلك بعد خطابها العميق متعدد الأبعاد فكريا وثقافيا عن السينما في تونس في حفل حضره الآلاف.

هذه الشخصية التي عرفت النجومية في وقت قصير بخطاب أظهرها كصاحبة مشروع ثقافي. والتي أسال ظهورها الكثير من الحبر ولفت رواد مواقع التواصل الاجتماعي وسَحبت بذلك البساط من البعض.

اقرأ أيضا: انطلاق مهرجان "أيام قرطاج" السينمائية في تونس (شاهد)

أيام قليلة من اختتام أيام قرطاج السينمائية وتحديدا بعد ست عشرة يوم، الخبر: إقالة شيراز العتيري من منصبها كمديرة عامة للمركز السينما والصورة وفي حين كانت التوقعات تذهب إلى تكريمها بعد نجاح أيام قرطاج السينمائية في ظروفها الاستثنائية يقع التخلي عن خدماتها في خبر فاجأ الصحافة الوطنية وكانت إجابة الوزارة أنها ليست إقالة بل استقالة وهو ما نفته طبعا شيراز العتيري.

من تكون شيراز العتيري

 
شيراز العتيري التي تم اختيارها مؤخرا كشخصية العام للسينما العربية في برلين من قبل مركز السينما العربية، هي أستاذة جامعية باحثة في علوم الإعلامية بجامعة منوبة، تحصّلت على شهادة الدكتوراه في الإعلام من المدرسة الوطنيّة لعلوم الإعلاميّة في 2004 وشهادتين في التّأهيل الجامعي من جامعة لوران بفرنسا (Université de Lorraine, Nancy) وجامعة منوبة في 2013.

تولت السيدة شيراز العتيري مهام مديرة للمعهد العالي لفنون الملتيميديا بجامعة منوبة من سنة 2006 إلى غاية 2011 حيث قامت بتطوير التعاون والشراكة مع جامعات ومؤسسات من ضفّتي المتوسّط في مجال السنيما والسّمعي البصري والملتميديا والحقيقة الافتراضية وألعاب الفيديو.

كما شغلت خلال الفترة المتراوحة بين يونيو 2017 ونوفمبر 2019 خطّة مديرة عامّة للمركز الوطني للسينما والصورة. وقد توّلت شيراز العتيري خلال هذه الفترة بعث العديد من البرامج الدّوليّة لتنمية المشاريع السينمائية الإفريقيّة والعربيّة وكذلك المشاريع للإنتاج السينمائي المشترك مع الضّفّة الشّماليّة للبحر الأبيض المتوسّط.