هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يتجه رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد إلى قبة البرلمان الثلاثاء المقبل، في أول محطة مهمة له بعد تعيينه، لعرض برنامج حكومته على النواب، من أجل المناقشة ثم المصادقة عليه.
يأتي ذلك بعد مصادقة مجلس الوزراء في
اجتماعه الأخير برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون الخميس الماضي، على هذا المخطط الذي
يحتوي على الخطوط العريضة للإصلاحات، التي ستعمل الحكومة على تنفيذها في الأسابيع
المقبلة، تزامنا مع "ورشة" تعديل الدستور.
وينص مخطط عمل الحكومة، على استحداث
نمط جديد للحكم يتسم بالصرامة والشفافية، عبر إصلاح المنظومة التشريعية لتنيظم
الانتخابات، بوضع قوانين جديدة للنظام الانتخابي، وإصلاح أنماط تسيير الدولة
وفروعها.
كما يشير المخطط الذي اطلعت عليه
"عربي 21"، إلى تكريس حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وإقامة مجتمع مدني
حرّ ومسؤول، وضمان إنشاء الجمعيات عبر نظام التصريح، والعمل على ترقية المرأة
وتحقيق استقلاليتها ووضع مخطط وطني لترقية الشباب، عبر إنشاء مجلس وطني للشباب،
وتحقيق عدالة مستقلة وعصرية عبر تعديل القوانين الحاكمة للمنظومة القضائية، وتكريس
حرية الصحافة ووسائل الإعلام من خلال إيلاء أهمية أكثر للإعلام الرقمي وتقنينه.
اقرأ أيضا: حراك الجزائر مستمر بالتظاهر للجمعة الـ51 على التوالي
وفي الجانب الاقتصادي، يعرض مخطط عمل
الحكومة، مراجعة النظام الجبائي واعتماد قواعد جديدة لحوكمة الميزانية وعصرنة
النظام البنكي والمالي وتطوير المعلومات الإحصائية الاقتصادية والاجتماعية ووظيفة
الاستشراف.
كما يُراهن المخطط على تعزيز إطار
تطوير المؤسسة والتحسين الجوهري لمناخ الأعمال، وترشيد الانتشار الإقليمي للتنمية
الصناعية، واستغلال العقار الاقتصادي، وتعزيز القدرات المؤسساتية في مجال التطوير
الصناعي والمنجمي.
إعادة الحياة للبرلمان
وينتظر أن يعيد عرض هذا المخطط على
المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، شيئا من الحياة إلى المؤسسة
التشريعية التي أصابها عطل كبير خلال السنة الأخيرة، بفعل الحراك الشعبي الذي
وضعها على الهامش.
وتوقع النائب والقيادي عن حزب جبهة
التحرير الوطني، أحمد شعلال، مرور مخطط الحكومة في البرلمان دون إشكال، لأن النواب
في معظمهم، حسبه، مقتنعون بضرورة ترك فرصة للرئيس الجديد وحكومته للعمل.
وقال شعلال وهو عضو لجنة الشؤون
الاقتصادية والصناعية والتنمية والتخطيط، في تصريح لـ"عربي21" إن "نواب
المجلس الشعبي الوطني، في غالبيتهم، لا يريدون أن يعطوا انطباعا بأنهم قاموا
بعرقلة مخطط عمل الحكومة أو أنهم لا يزالون محسوبين على الحكومات السابقة".
لكن هذا لا يعني وفق المُتحدّث، أن
النقاشات داخل قبة البرلمان حول مخطط عمل الحكومة، لن تكون قوية، بالنظر إلى
المشاكل الكثيرة التي يواجهها المواطن في حياته اليومية، سواء من الجانب الاقتصادي
أو الاجتماعي.
اقرأ أيضا: "إنعاش الاقتصاد" على سلم خطة عمل حكومة الجزائر
وفي تعليقه على مضمون مخطط عمل
الحكومة، أبرز شعلال أن هناك رهانا واضحا على انتخاب مجالس جديدة، سواء على المستوى
الوطني أو المحلي، من خلال الحديث عن تمويل الدولة للحملات الانتخابية للشباب.
ويرى شعلال أن الأولوية ينبغي أن
تكون اقتصادية اجتماعية، لأن تحميل المنتخبين مسؤولية الإخفاق ليس واقعيا، لأنهم
لن يكونوا مسؤولين عن تسيير الإدارة أو الاقتصاد.
وأبرز أن أهم التحديات الاقتصادية
والاجتماعية، هي إيقاف نزيف المؤسسات التي تغلق، لأن ذلك يعرض مصير آلاف العمال
للمجهول، والتصدي بقوة كذلك لظاهرة البطالة عند الشباب التي تلامس حاجز 30 بالمئة.
ومن بين الأمور التي أغفلها المخطط،
شدّد القيادي في حزب الأغلبية، على ضرورة العمل على حماية المسير منحه هامش مناورة
ومخاطرة لمساعدته على اتخاذ القرار المناسب خاصة في هذا الظرف، دون أن يعني ذلك
التفريط في مواصلة مكافحة الفساد.
انقسام في المعارضة
ومن جانب المعارضة، ينقسم الموقف بين
من يرى ضرورة الاهتمام بمناقشة مخطط عمل الحكومة، ومن يرفض تماما المشاركة في
الجلسات بمبرر عدم شرعية الحكومة المنبثقة عن مسار انتخابي مطعون فيه، وفق أصحاب
هذه الرؤية.
وقال ناصر حمدادوش، النائب في
البرلمان عن كتلة حركة مجتمع السلم، إنه "من الطبيعي لأي حزب سياسي معارض أن
يراقب عمل الحكومة، وأن يهتم بالشأن العام الذي تسيره هذه الحكومة، لذلك فمن
المنطقي، أن تناقش أهم وثيقة لها وهي مخطط عملها، خاصة وأننا الحزب المعارض الأقوى
في البرلمان".
وأبرز حمدادوش، في تصريح
لـ"عربي 21"، أن "حزبه قبل مناقشته مخطط عمل الحكومة يضع في
الحسبان، الوضعيةٌ المالية الهشّةٌ للبلاد والتي تستدعي إيجاد حلول فعالة ومستعجلة".
وذكر القيادي في حركة مجتمع السلم،
أن البلاد تواجه تحديات التآكل السّريع لاحتياطي الصّرف، والإفلاس الكلّي لصندوق
ضبط الإيرادات، والعجز في الميزان التجاري وزيادة الدَيْن الداخلي العمومي، وضعف
التحصيل الجبائي، وضعف المؤسسات المنتجة للثروة، وبلوغِ أرقامٍ قياسيةٍ للتضخّم،
وانهيارٍ كلّي للعملة الوطنية، وضُعف رهيب للاستثمارات الوطنية والأجنبية، إضافة
إلى ضعف آلية مكافحة الفساد وبطء استرجاع الأموال المنهوبة والمهرّبة، وفوضى السوق
الموازية، والعجز عن استرجاع قروض العصابة، والخسائر الناتجة عن اتفاقية الشراكة
مع الاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضا: بعد بلعربي.. هل تفرج سلطات الجزائر عن باقي معتقلي الحراك؟
وأوضح حمدادوش، أن الحكومة مُطالبة
بتحديد الأولويات والأهداف القابلة للقياس، والمقاربة الاقتصادية الواضحة، لأنّ
النموذج الاقتصادي الجديد غير واضح في المحتوى، وصعب التجسيد في ظلّ أزمة الموارد
المالية، وتدهور أساسات الاقتصاد، بسبب انهيار الرّيع البترولي في الإنتاج
والأسعار وارتفاع الاستهلاك المحلي، كما أنه يتطلّب آليات واضحة للإنجاز والتنفيذ
والمتابعة والرّقابة، ومعايير القياس من أجل التقييم الآني والبعدي.
على عكس ذلك، يرفض حزب التجمع من أجل
الثقافة والديمقراطية، تماما مناقشة مخطط عمل الحكومة، انسجاما مع موقفه الرافض
للانتخابات الرئاسية الأخيرة والنتائج التي أسفرت عنها.
وقال النائب عثمان معزوز، مسؤول
الإعلام بالحزب، في تصريح لـ"عربي21"، إن نواب التجمع من أجل الثقافة
والديمقراطية، جمدوا نشاطاتهم داخل البرلمان، وبالتالي هم ليسوا معنيين بمخطط عمل
الحكومة.
وبحسب معزوز، لا تنتظر أي مقاومة من
البرلمان الحالي، الذي لم يبقَ في عمره سوى سنة على أقصى تقدير، مع اعتزام الرئيس
حله بعد إجراء التعديل الدستوري المتوقع منتصف هذا العام.