هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في
سنة 1878، كان فتى أوروبي من أصول إيرلندية يغادر كندا، مهاجرا إلى أمريكا، مع
والديه. وكان في التاسعة عشرة. بعد عدة تنقلات استقرت الأسرة في كانسس. في سنة
1888، تزوَّج الفتى إلياس من فلورا كال في شيكاغو سنة 1888، وأنجبا الطفل والت
إلياس ديزني يوم 5 كانون الأول/ديسمبر سنة 1901.
ومع
استمرار الأسرة في التنقل، استقرت عام 1906 في مزرعة عمل بها الأب، في ميتسوري.
كان الطفل والت أصغر من أن يساعد في العمل الشاق، فظل يستمتع باللعب. هكذا بدأ
شغفه بالرسم. قيل إنه خطى خطواته الأولى محاولا رسم حيوانات المزرعة، ونال أجرا
مبكرا عن تكليفه برسم الحصان الخاص بجاره، الذي كان طبيبا متقاعدا.
يُحكى
أيضا أن ولعه برسم القطارات بدأ آنذاك بسبب مرور قطار بتلك المنطقة، وكان عمه سائق
القطار، فكان والت وشقيقه روي، الذي سيصبح رفيق رحلته، يركضان إلى تلة مرتفعة
ملوّحين لعمهما الذي كان يطلق صافرات متتالية من قطاره تحية لهما.
كان والده مشتركا في إحدى الصحف، فكان والت يصقل
موهبته الغضة بتقليد رسمات الكرتون التي كان يرسمها ريان وولكر على الصفحة الأولى
للجريدة.
لكن
مرض والده اضطره إلى بيع المزرعة، فانتقلت الأسرة إلى مدينة كانساس سنة 1911.
التحق والت بمدرسة مجاورة، حيث التقى والتر فايفر، المنحدر من أسرة مرتبطة
بالمسرح، فقدّم والت إلى عالم المسرح.
لكنّ
الأوقات المرحة لا تدوم طويلا؛ تحت وطأة الحاجة، اضطر الوالد إلى العمل الشاقّ في
توزيع إحدى الصحف المحلية. ساعده والت وروي في ذلك. أصبح والت يصحو قبل الفجر،
يوزع الصحف، حتى يبدأ اليوم الدراسي، ثم يستأنف التوزيع بعد المدرسة، متحملا إرهاقا بدنيا شديدا، اضطره أحيانا إلى أن يغفو في أثناء الحصص المدرسية.
في
سنة 1917 عادت الأسرة إلى شيكاغو، حيث ترك الأب عمله الشاق واشترى حصة من أسهم
شركة "أو زيل" للمشروبات الغازية (التي ما تزال تعمل حتى اليوم)، هناك
التحق والت بمدرسة ماكينلي الثانوية، وأصبح رسّام الكرتون بمجلة المدرسة، وكان
يرسم عن الحرب العالمية الأولى. واستمرارا لكفاحه، جمع والت بين العمل صيفا في بيع
الجرائد والهدايا للمسافرين على خط سكة حديدية قريبة، بالإضافة إلى حضور فصول
مسائية بأكاديمية شيكاغو للفنون الجميلة.
في
السادسة عشرة من عمره أقدم والت على تصرف غريب نسبيا، ربما يلقي ضوءا على
اختياراته الشخصية في الحياة والسياسة مستقبلا؛ فقد أراد التطوع في الجيش الأمريكي
ليشارك في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا، لكنه رفض لصغر سنه. ثم نما إلى علمه
أن الصليب الأحمر يقبل شبابا في السابعة عشرة للعمل في قيادة سيارات الإسعاف، فعمد
إلى تزوير تاريخ ميلاده ليصبح 1900 بدلا من 1901 حتى يبلغ، ورقيا، العمر المقبول
للالتحاق بالصليب الأحمر الأمريكي.
ربما
تبدو الغرابة في اختيار فنان شاب أن يتطوع بالمشاركة في حرب، أدت إلى قتل حوالي 16
مليون إنسان وإصابة 20 مليون آخرين. يبدو أن الظرف التاريخي المأزوم أقنع الكثيرين
بأهمية الحرب، حتى إن شابا مثل والت لم يلتفت للخوف على حياته أو سلامته الشخصية.
التحق
بالعمل سائقا لسيارة الإسعاف قبل انتهاء الحرب، ثم عاد إلى الوطن وأخذ يبيع بعض
التذكارات التي اقتناها من ساحات المعارك.
ثم
بدأ التركيز في مجال الرسم، فتخصص في إبداع إعلانات مرسومة للصحف والمجلات وأفلام
السينما، وتعرّف على أحد رفاق دربه المهمّين، وهو أيوركس، وعملا معا في شركة
أسساها معا ثم فشلت، ليعودا للعمل في مجال الإعلانات المرسومة.
بعد
محطات مختلفة لم تسفر عن نجاح يُذكر، أقنعه شقيقه روي بالانتقال إلى هوليود، حيث
بدأا معا من مرآب عمهما، فأسّسا استوديوهات الأخوين ديزني؛ أنتجا مسلسل أليس في
بلاد العجائب، الذي لاقى استحسانا كبيرا، فتعاقدا مع شركة يونيفرسال على أن توزع
الأخيرة لهما إنتاجهما، وكان أيوركس معهما، فأنتجوا مسلسل الأرنب المحظوظ أوزوالد،
الذي كان نجاحه مدويا، لكن المنتج مينتز وجّه ضربة قاصمة لديزني حين استولى على
فريق عمل الشركة، وكانت حقوق الشخصية تعود إلى يونيفرسال وليس ديزني بسبب ضعف خبرة
والت من الناحية الإدارية والقانونية.
هكذا
بدأ والت وروي وبعض رفاقه العمل من الصفر مرة أخرى. لكن القدر
ابتسم لهم، حيث شارك أيوركس ووالت في تصميم ميكي ماوس سنة 1928، فأنقذهم من
الإفلاس الوشيك عبر نجاحات لم يسبق لها مثيل في عالم الرسوم المتحركة.
انفتحت
شهية ديزني؛ فأطلقت العديد من الأفلام، حققت في مجملها نجاحات مدوية، حيث ركزت
على إنتاج الأفلام الطويلة، التي كانت رائدة إنتاجها. يعد المثال الأبرز لنجاحها
فيلم "سنو وايت والأقزام السبعة" الذي قاربت ميزانية إنتاجه 1,5 مليون
دولار أمريكي، واستمر العمل فيه من 1935 إلى 1937، وبلغت إيراداته 8 ملايين دولار
وقتها، وقد كان مبلغا هائلا، سواء بسبب فارق قوة العملة، أو بسبب قسوة الكساد
الكبير وقتها.
كما
كانت شركة ديزني رائدة في اقتحام عالم البث التلفازي، من خلال برنامج نادي ميكي
ماوس الذي بدأ عام 1955.
وقد
رحل والت ديزني في 15 كانون الأول/ديسمبر 1966 بسبب إصابة بسرطان الرئة.
وما
تزال ديزني قادرة على مواكبة التطورات واستشراف فرص النجاح واقتناصها، فقد استحوذت
على كثير من الشركات الناجحة، وامتدت استثماراتها إلى المتنزهات والمدن الترفيهية
والفنادق وشركات السينما وقنوات البث التلفازي، حتى إنها أطلقت منتصف تشرين الثاني/نوفمبر
الماضي منصة بث "ديزني بلس" التي تنافس نت فيلكس، واستطاعت ديزني جني
الملايين من الدولارات من المشتركين في الخدمة، التي يبلغ ثمنها 7 دولارات شهريا.
وبلغ عدد مرات تحميل التطبيق على أجهزة الموبايل 3,2 ملايين تحميل، خلال أول 24
ساعة من إطلاقها.