هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
للمرة الثالثة، لم تسلم البعثات الدبلوماسية الإيرانية في العراق من نيران غضب الاحتجاجات الشعبية، التي طالت كذلك مقرات الأحزاب والمليشيات الموالية لها في محافظات وسط وجنوب البلاد، التي تمثل عمق إيران المذهبي.
ففي أيلول/ سبتمبر 2018، أحرق محتجون
عراقيون القنصلية الإيرانية بالبصرة على إثر تظاهرات شعبية اندلعت في آب/ أغسطس من
العام ذاته، فيما أحرق متظاهرون قنصليتي طهران في كربلاء والنجف خلال احتجاجات
الشهر الجاري.
تلك الاستهدافات المتكررة للبعثات
الإيرانية، تثير تساؤلات حول أسبابها، فيما إذا كانت ثمة أطراف خارجية تدفع باتجاه
ذلك، أم أن الرفض الشعبي للدور الإيراني في العراق ترجمه المتظاهرون بالطريقة هذه؟
مخلفات حرب سابقة
المفكر والسياسي العراقي حسن العلوي
قال في حديث لـ"عربي21" إن "ما حصل هو من مخلفات الحرب العراقية
الإيرانية، لأن الحروب تنتهي بقرار سياسي، لكن تأثيرات الحروب لا تخضع لتلك
القرارات، إذ إن الحرب الاجتماعية والنفسية تبقى مستمرة".
اقرأ أيضا: الحكومة العراقية تندد بحرق قنصلية إيران بالنجف وطهران تعلق
وأضاف النائب السابق في البرلمان أن
"العامل الاجتماعي يتجدد كلما استجد أي حادث بين الطرفين، حتى وإن كان بسيطا،
لأن الذاكرة تسترجعه سريعا، وما يحصل اليوم هو مخلفات للحرب الاجتماعية بين
الطرفين".
وبخصوص ما إذا كانت أطراف خارجية
تدفع باتجاه ضرب المصالح الإيرانية في العراق، لم يستبعد العلوي وجود عوامل عدة
تدفع باتجاه حرق قنصليات إيران دون غيرها، وواحدة منها وجود أطراف خارجية.
صراع إيراني أمريكي
من جهته، قال السياسي العراقي
الدكتور نديم الجابري، إنه بات واضحا أن هناك رفضا شعبيا كبيرا في محافظات الوسط
والجنوب للدور الإيراني في العراق، وهذا ما يتم التعبير عنه بشكل واضح وصريح في
الشعارات التي رفعت أثناء الاحتجاجات الشعبية الواسعة.
وأضاف الجابري في حديث لـ"عربي21"
أن "العراق لا يزال ساحة صراع أمريكي إيراني، وأن كلا الطرفين يسعيان لأن
تبقى أرض العراق هي أرض معركة لهما".
وأشار الجابري إلى أن "إيران من
مصلحتها أن تبعد المعركة عن أراضيها ونقلها إلى العراق، أما الجانب الأمريكي فله
تواجد عسكري وقواعد وأسلحة في العراق، وبالتالي فهو مستعد لخوض حرب على أرض
العراق".
ولفت إلى أن "العراق يقع ضحية
الصراع الإيراني الأمريكي، وللأسف أن من يمسك بمقاليد السلطة ببغداد لم يحسنوا لعب
دور عراقي مستقل ينأى بالبلد عن الصراع وتبعاته، لأنهم منقسمون فيما بينهم، فبعضهم
يؤيد الدور الإيراني والبعض الآخر يؤيد الدور الأمريكي، دون وجود رؤية مؤسسة على
المصلحة العليا العراقية".
تحذيرات من ردود
وحذر الجابري من أن تنامي الشعور لدى
العراقيين ضد الدور الإيراني، قد يوصل الجمهور إلى ردود فعل عنيفة قد تستهدف مقرات
وسفارات، وربما يولد ذلك ردود فعل تطال سفارات بلدان أخرى.
وشدد الأمين العام السابق لحزب
الفضيلة الإسلامي (الشيعي) على ضرورة أن تبقى مقرات الدول من سفارات وقنصليات
بمنأى عن الصراع الدائر في العراق، لأنها يجب أن تبقى في كنف البلد.
اقرأ أيضا: يوم عراقي دام.. مقتل 22 متظاهرا وتشكيل خلايا أزمة (شاهد)
وكان محتجون عراقيون قاموا بإحراق مبنى
القنصلية الإيرانية في النجف، مساء الأربعاء، ورفع العلم العراقي فوقها، كما رددوا
شعارات تندد بالتدخل والدور الإيراني في العراق.
وأدانت وزارة الخارجية العراقية
الهجوم على القنصلية الإيرانية في النجف، وذلك بعدما اقتحمها محتجون وأضرموا النار
فيها. وقالت في بيان لها إن "الغرض (من الهجوم) بات واضحا وهو إلحاق الضرر
بالعلاقات التاريخية بين العراق وإيران، وكذا مع بقية دول العالم".
وأضافت الوزارة في بيانها أن
"البعثات الدبلوماسية العاملة على أرض العراق محط احترام وتقدير عال"،
مشددة على أن الحادث "لا يمثل وجهة نظر رسمية".
في المقابل، نددت إيران على لسان
المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي"، بـ"حادث الاعتداء على
القنصلية العامة الإيرانية في النجف"، مطالبا الحكومة العراقية بـ"اتخاذ
إجراءات مسؤولة وحازمة ومؤثرة في الرّد على المعتدين والمخربين".
وأعرب موسوي عن استنكاره للاعتداء
الذي تعرضت له القنصلية، وطالب باتخاذ إجراءات مسؤولة وحازمة ومؤثرة من قبل
الحكومة العراقية في مواجهة "العناصر المخربة والمعتدية"، مشيرا إلى أنه
"تم إبلاغ السفير العراقي في طهران رسما بشأن احتجاج إيران الشديد في هذا
الخصوص".