ملفات وتقارير

ترامب يرحب بلقاء أي "طاغية".. هل هي سياسة أمريكية عامة؟

سياسات ترامب تحفز على إعادة إنتاج نظم الاستبداد بالمنطقة- جيتي
سياسات ترامب تحفز على إعادة إنتاج نظم الاستبداد بالمنطقة- جيتي

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كلمة ألقاها في نادي "نيويورك الاقتصادي" أمس، إنه على استعداد للقاء أي زعيم أجنبي، بما في ذلك "الطغاة والديكتاتوريون" بشرط أن يكونون مفيدين للولايات المتحدة.

وأثار هذا التصريح تساؤلات حول مساهمة سياسة ترامب في دعم الديكتاتورية في الشرق الأوسط، ومنح النظم الديكتاتورية ضوءا أخضر لمزيد من القمع لشعوبهم.

تُحفيز الاستبداد

المختص بالشأن الأمريكي جو معكرون رد على هذا التساؤل بالقول: "تحفز سياسات ترامب إعادة انتاج وتشكيل أنظمة الاستبداد في المنطقة، وهي أيضا توجه رسالة لهذه الأنظمة مفادها أن واشنطن مستعدة لغض النظر عن قمعها لشعوبها اذا ما كانت في المقابل تخدم المصالح الاميركية، لا سيما التجارية منها".

وتابع معكرون في حديث لـ"عربي21": "بالتالي صمت أمريكا عن الديكتاتورية في المنطقة يعني صمت المجتمع الدولي على ما يجري من قمع في دول الشرق الأوسط، لكن في المقابل نرى أن المواطنين في السودان والجزائر والعراق ولبنان لديهم القدرة على التحرك للمطالبة بحقوقهم بغض النظر عن الموقف الغربي".

 

إقرأ أيضا: ترامب: لا أمانع لقاء الطغاة واستقبالهم بأمريكا.. بشرط


من جهته أوضح أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن الأمريكي صبري سميرة، بأن ترامب "لم يخف هذه المواقف والمشاعر والسياسات التي كان يعلنها حتى في وقت حملته الانتخابية، مضيفا: "لذلك كان يؤخذ عليه أنه يتقبل الزعماء الديكتاتورين وأي جهة في العالم طالما أنها تتماشى مع سياسته، بالتالي هو ليس بحاجة لإرسال هذه الرسالة".

وتابع صبري في حديث لـ"عربي21": "بالتأكيد كان لهذه السياسية آثر تلقائي على المنطقة، فمنذ وصوله للرئاسة نفذ وعوده، وبالتالي الديكتاتوريون ازدادوا بطشا وإيذاء للشعوب سواء بسوريا او غيرها، لذلك كان الاثر واضح وجلي".

سياسة ترامب وبطش الأنظمة

ومع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسدة الحكم، ازداد بطش الأنظمة الحليفة له في المنطقة، لكن يبقى السؤال هل هذه الزيادة في القمع جاءت كردة فعل لصمت ترامب عليها؟

يرد صبري بالقول: "المسؤول عن مشاكل المنطقة هم أهلها، ولكن أمريكا تستغل حالة الضعف والفرقة وانعدام الديمقراطية وتسلط فئة محدودة متنفذة ومنتفعة على الشعوب، وهي بطريقة أو بأخرى تساند الديكتاتوريات وليس من أجندتها محاربة الاستبداد".

سياسة ترامب وبقاء المستبدين

كان هناك انتقادات لإدارة ترامب بأنها ضد احتجاجات شعوب المنطقة، حيث كتب كبير محرري مجلة فورين بوليسي كولام لينش مقالا، انتقد فيه موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاحتجاجات التي تجتاح دولا عربية من العراق إلى لبنان ومصر.

وأشار إلى أن "واشنطن تبعث رسائل قوية مفادها أنها لم تعد تهتم كثيرا بتشجيع الديمقراطية في العالم العربي، ولا تطيق الاحتجاجات في تلك المنطقة ما لم تكن ضد إيران".

ويرى جو معكرون بأن "موقف ترامب لن يساعد بالضرورة على ابقاء هذه الانظمة في الحكم، في ظل تراجع النفوذ الاميركي في الشرق الاوسط، ووجود انطباع في المنطقة ان ترامب مستعد دائما للتخلي عن حلفائه او عدم الدفاع عنهم".

وأضاف: "التظاهرات يمكن أن تظهر مجددا في أي بلد في المنطقة وتغير المعادلات، وهذا وحده مسار ردعي ومضاد لأي دعم خارجي لهذه الأنظمة، وصور ترامب التي نراها دوريا مع مجموعة واسعة من الطغاة، تنعكس سلبا على مكانة أمريكا في العالم كما تنعكس سلبا على الطغاة أنفسهم عبر توصيفهم بأنهم دمية للسياسة الاميركية".

 

إقرأ أيضا: ترامب: إذا تم عزلي فسأتولى رئاسة حكومة إسرائيل.. تطرق لغزة

بالمقابل يرى صبري سميرة بأن "سياسة ترامب الداعمة لهذه الأنظمة تساهم في بقائها، مضيفا: "أمريكا لها مقدرات محلية بداخل كل بلد، بالتالي لها دور كبير في بقاء هذه الانظمة، حتى لو كانت المسؤولية الرئيسية تقع على كاهل أهل كل بلد في  المنطقة، لكن هذا لا يعفيها من مسؤوليتها ودعمها لهذا الأذى الذي تنفذه هذه الأنظمة".

وتابع مستدركا بالقول: "لكن السؤال هل لو انسحبت أمريكا من مكان ما في المنطقة سيبقى فارغا؟ التجارب أثبتت أنه حتى لو حدث ذلك سيكون هناك من يملأ الفراغ، فمثلا في سوريا كان اوباما منسحبا وفعل مثله ترامب، لكن جاءت قوى أخرى مثل روسيا وإيران لتحل مكانها".

وأردف: "استراتيجيا الطبيعة والنفوذ السياسي لا يعرفان الفراغ، لذلك حتى تستقر البلد يجب أن يكون هناك نفوذ سياسي قوي، لكن بالنهاية إذا الدولة احسنت ادارة أمورها ووضعت الأمور في نصابها وكان الشعب هو من يحكم يستقر البلد، ولن يكون هناك مجال للتدخلات الخارجية ويصبح العامل الداخلي هو المؤثر، ولكن اذا اضطرت البلد يصبح العنصر الخارجي هو المؤثر".

خاصة أم عامة؟

دائما ما كان المعارضون في العالم يتهمون واشنطن بأنها تدعم الانقلابات العسكرية والأنظمة الديكتاتورية، بالمقابل ترد واشنطن بأنها تدعم الديمقراطية ولم تعلن علانية بأنها تدعم الطغاة، فهل تصريحات ترامب الأخيرة تمثله وحده، أم أنها سياسة كل الادارات الأمريكية؟.


ويشير المختص بالشأن الأمريكي جو معكرون إلى أن "إدارات أمريكية متعاقبة دعمت طغاة حول العالم، مضيفا: "لكن ترامب أول رئيس يتحدث بشفافية حول هذا الموضوع، ويتحدث بصراحة عن مقايضة احتضان الطغاة مقابل مكتسبات مالية أو سياسية".

وتابع: "هذه كانت سياسات ترامب المتبعة منذ وصوله إلى الحكم حتى لو كان هذا الأمر يتناقض مع المصالح الأميركية، وهو يرى أنه من الأسهل التعامل مع الطغاة، لأن قراراتهم في إنجاز الصفقات نهائية ولا يحتاجون إلى استمزاج مواقف الحكومات أو المجالس النيابية".

وختم معكرون حديثه بالقول: "يميل ترامب ويطمح إلى أن تكون مثل هذه الشخصيات القوية التي تطغى أو تهيمن على أنظمة بلادها، لا سيما أنه عجز حتى الان في تحقيق هذا الأمر".

التعليقات (1)
حيدر الاسدي
الخميس، 14-11-2019 08:22 م
كفانا تغييب لعقول الناس ليس ترامب وحده الذي يرحب بالدكتاتوريين هذه سياسة امريكا واوروبا منذ ان نصبوا هذه الانظمة بعد الاستقلال الشكلي امريكا تحكم من قبل مؤسسات بالدولة العميقة وهل كان اوباما الديمقراطي لا يتعامل مع مبارك ًوبشار والقذافي الم يكن بن علي حبيب فرنسا ودعمه اثناء الثورة وصدقني ترامب فقط يصرح بصدق بالذي تخطط له مؤسسات امريكا يعني بشاررقتل ودمر وهجر ماذا فعل اوباما بعد الكيماوي ماذا فعلت اوروبا اصل الديمقراطية وحقوق الانسان وخاصة فرنسا هل سمعت لاوروبا وخاصة كندا صوتا تنتقد وتعترض لما تفعله ايران بالمتظاهرين بالعراق ولكن كان صوتهم عالي ضد السعودية عند مقتل جاشقجي كفانا لعب بالعقول اليست امريكا واوروبا هي التي انشأت المخابرات العربية والجيوش ودعمها لحماية الرؤساء الذين نصبوهم وخاصة آل الاسد كلهم ضد الاسلام