هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
روى لاجئ سوري تفاصيل رحلة خاضها، مع عدد من اللاجئين الهاربين من الحروب في بلادهم عبر شاحنة تبريد، في المملكة المتحدة، مشابهة لتلك التي قضى فيها 39 فيتناميا حتفهم تجمدا قبل نحو أسبوعين.
وصل سيامند زهرالدين إلى المملكة المتحدة داخل
شاحنة تبريد مع مجموعة من الإيرانيين والأفغان بينهم نساء وأطفال، ليروي سيامند تفاصيل
لم يذكرها لأحد من قبل، وكيف حالفهم الحظ بأن يعيشوا بعد أن كانوا على وشك الموت بحسب "بي بي سي".
لم يشأ سيامند، اللاجئ الكردي السوري (مواليد
مدينة حلب، 1984) الذي يعيش حالياً في مدينة مانشستر البريطانية، أن يتذكر التجربة
التي مرّ بها مدى الحياة من شدة ألمها، وكان قد وعد نفسه أن يبدأ حياته من جديد
ويحذف من ذاكرته كل ما يتعلق بتفاصيل رحلة لجوئه إلى المملكة المتحدة.
إلا أن موت 39 مهاجراً فيتنامياً مؤخراً، جعله
يشعر بالمسؤولية تجاه آلاف الشباب الذين قد يفكرون بالقدوم إلى المملكة المتحدة
داخل شاحنات مبردة ويغامرون بحياتهم لاعتقادهم أن هذه الوسيلة هي الأنجح والأسرع
للوصول إلى المملكة المتحدة، دون أن يعلموا بأن هكذا رحلة قد تكلفهم حياتهم.
لن يتوقف الشباب بالتفكير في الهجرة إلى أوروبا
سواء كان بسبب الفقر الشديد أو القمع أو الحروب كما هو الحال في في سوريا والعراق
واليمن وليبيا وغيرها.
"لكن ما لا يعلمه الكثيرون ممن يضطرون
إلى التعامل مع المهربين وتجار البشر، أن رحلة البحث عن الحياة قد تنقلب في أي لحظة
إلى رحلة موت بطيء" كما يقول سيامند.
ويضيف: "أشعر بالذنب إن لم أشارك تفاصيل
رحلتي المرعبة في شاحنة نقل الخضروات مع غيري، لعلّني أنقذ أرواحاً لأنهم لا
يعرفون ما ينتظرهم في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر".
وصل سيامند إلى مدينة كاليه الفرنسية التي
يتجمع فيها اللاجئون من أصقاع الكون، بعد أن أخبره المهاجرون في فرنسا أن الطريق
إلى المملكة المتحدة يبدأ من تلك النقطة.
لم تكن رحلة الوصول إلى كاليه سهلة على
الإطلاق، بل محفوفة بالمخاطر، فقد ركب القارب المطاطي وسط ظلام دامس وبحر مرعب من
تركيا إلى اليونان، ثم توجه إلى فرنسا مروراً بألبانيا والجبل الأسود وصربيا
وبلغاريا ونمسا وألمانيا لينجو ليس فقط من مفاجآت البحر بل من مافيات هذه الدول
ومهربيها المنتشرين في المناطق الحدودية في تلك الدول.
يقول سيامند عن محاولاته الأولى للخروج من
كاليه في شاحنات مختلفة: "لم يعلم معظم السائقين بوجودنا على متن شاحناتهم
لأننا كنا نقوم بذلك ليلاً أثناء استراحتهم وانتظارهم في الطابور على أطراف الميناء،
وكان يجري ذلك بتوجيهات من المهربين الذين كانت لديهم الخبرة بوجهات تلك الشاحنات
ويستطيعون قراءة الشفرات التي تدل على وجهة الشاحنة فضلاً عن معدات وأدوات لفتح
أبوابها وإغلاقها دون ترك أي أثر يدل على أن الباب فُتح".
إقرأ أيضا: صحيفة بريطانية: هكذا انتهى حلم فتاة فيتنامية بحادثة الشاحنة
ويضيف: " كان المهربون يتقاسمون ساحات وقوف
الشاحنات فيما بينهم، وإذا كان المهرب مبتدئاً، فلن يعرف الكثير عن وجهات الشاحنات
وقراءة الشفرات، فقد نُرسل إلى ألمانيا أو الدنمارك مثلا بدلا من المملكة المتحدة.
وفشلت عدة محاولات له خلال فترة وجوده لأكثر من
أسبوعين بسبب ركوبه في شاحنات مغطاة بالقماش، الأمر الذي يؤدي إلى كشفهم بمجرد
مرور الشاحنة بجانب عامود الماسح الضوئي "Scanners" الضخم المخصص للكشف عما يوجد داخل
الشاحنة و"خاصة الأشخاص أو أي مخلوق يسري فيه دم".
ويحكي سيامند كيف تم كشف وجوده ومجموعات أخرى
من الشباب والنساء والأطفال عدة مرات بعد ذلك، ودفعه يأسه وانتظاره في كاليه إلى
الأخذ بنصيحة المهرب وخوض الرحلة داخل شاحنة مبردة لنقل الخضروات، ولا تستطيع حتى
الكلاب المخصصة لهذا الغرض اكتشاف ما بداخلها.
كان هناك أربعة مهربين على أطراف الميناء،
ثلاثة عراقيين وإيراني، يعملون في تهريب البشر خلال فترة وجوده في كاليه في كانون
الثاني/يناير 2016، كانوا يتبدلون ويتغيرون بين الفينة والأخرى، بدا على أحدهم أنه
يحمل الجنسية البريطانية بسبب اتقانه للإنجليزية وسيارته البريطانية. وكان معظم
اللاجئين الذين خاضوا تجربة البراد مع سيامند من أصول ليبية وعراقية وأفغانية
وبنغلاديشية وسورية وإيرانية على حد قول سيامند..
ويضيف: "جميع المهربين يحملون أسماء
مستعارة، لم نعلم قط أسماءهم الحقيقية، كانوا يلعبون دور الأسياد ومستعدين لمعاقبة
أي شخص قد يخالف توجيهاتهم بأشد العقوبات التي قد تصل إلى القتل إن لزم الأمر. كانوا
يعاملوننا كالعبيد، لا نستطيع حتى رد الإهانة خوفاً على حياتنا، أما أثناء
الدوريات التفتيشية من قبل الشرطة الفرنسية، فكانوا يتظاهرون بأنهم من بين أولئك
اللاجئين، ولم يجرؤ أحد البوح بأسمائهم قط".
وأشار سيامند: "كدنا نطير فرحاً رغم سوء
حالنا عندما سمعنا صفارات سيارات الشرطة التي توقفت بجانب شاحتنا، بعد أن كنا على
وشك الموت برداً لمدة عشر ساعات".
حدث ذلك عندما استسلم سيامند وقرر التخلي عن
حلم الوصول إلى المملكة مقابل القليل من الأوكسجين والدفء، استجمع كل قواه وبدأ
بضرب رأسه ويديه بجدار الشاحنة، التي بدت واقفة عند إشارة حمراء حسب اعتقاد سيامند.
وبدا أن السائق قد سمع الضجيج من داخل الشاحنة،
ففتح الباب عليهم ورآهم، لكنه أغلق الباب بسرعة، عندها جزم سيامند ومن معه أنهم
سيموتون بسبب عدم مبالاة السائق.