انطلاقا من
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "أقلهن مهرا أكثرهن بركة"، أطلق
أستاذ مادة الأحياء محمود كلخ مبادرة بجهود ذاتية، حملت عنوان (
زواج البركة) لحث
الشباب في
غزة على بدء الحياة الزوجية بأقل التكاليف.
المبادرة
انطلقت في ظل عزوف الكثير من الشباب عن الإقبال على مشروع الزواج نظرا لارتفاع
مهور الفتيات، وارتفاع تكاليف الزفاف، وتكدس المحاكم بقضايا المديونية نتيجة عدم
قدرة الشباب على الوفاء بالتزاماتهم المالية.
تفاصيل
المبادرة
حدد كلخ ثلاث
ركائز لنجاح مبادرته التي تبدأ بمهر لا يزيد عن 1000 دينار أردني (1400 دولار)،
وتوفير غرفة للعروسين في منزل أهل الزوج بغرض توفير تكاليف إيجار الشقة الذي
يتراوح ما بين (200- 300 دولار) شهريا، وترك عادات الزواج ذات التكاليف الباهظة
والإبقاء على الحد الأدنى منها.
يشير كلخ
لـ"عربي21" إلى أن حال الشباب والفتيات في غزة "يرثى له، فكل طرف لديه
الرغبة والاستعداد للزواج، ولكن الثقافة السائدة لدى الكثير من أولياء الأمور بأن
إرهاق الزوج بتكاليف الزواج سيصون ويحفظ حق ابنته، تسبب في تدهور خطير في
النسيج الاجتماعي، لذلك جاءت المبادرة لتنشر ثقافة كانت سائدة في غزة قبل عقود
قليلة، ولكنها اختفت مع مرور الوقت".
وأكد كلخ
نجاح مبادرته حيث استطاع خلال أقل من شهر عقد قران 20 فتاة بجهود فردية، ولكنه
أقر ببعض التحديات من بينها، "ارتفاع عدد أفراد بعض العائلات بما يزيد عن 10
أفراد، وهو ما يعيق إيجاد مكان في بيت العائلة يأوي العروسين، بغرض توفير القدر
الأكبر من تكاليف الإيجار الشهري، الذي يصل في بعض الأحيان ليتساوى مع راتب موظف
حكومي في غزة".
وكشف كلخ أنه
تفاجأ بالإحصائيات الرسمية التي تتحدث عن وجود ما يزيد عن 50 ألف فتاة في غزة
يتراوح أعمارهم ما بين 25-40 عاما، لم يسبق لهن الزواج، وهي نسبة كبيرة بالنظر
لعدد الفتيات المؤهلات للزواج.
طبيعة الزواج
تقضي العادات والتقاليد في غزة أن يتقدم أهل العريس إلى أهل العروس بطلب خطبة ابنهم من ابنتهم، وبعدها
تجري جلسة أخرى يطلق عليها (فصل الحق) يحدد فيها المهر الذي يتراوح ما بين 4-7
آلاف دولار.
بعد الاتفاق
يجري عقد القران بواسطة المحاكم الشرعية بحضور شهود من الطرفين، وبعد فترة وجيزة
تبدأ مراسم الزفاف بحفلة الشباب يحضرها أصدقاء وأقارب العريس، وفي الوقت ذاته تكون
العروس في حفلة أخرى خاصة بالنساء يطلق عليها (الحنة)، ويكون اليوم التالي حفل
الزفاف ختام مراسم الزواج.
من جانبه
أشار مصطفى (28 عاما) الذي استطاع الارتباط بشريكته آية من خلال هذه المبادرة، إلى أن
"فكرة الزواج تراودني منذ أن أنهيت دراستي الجامعية قبل ست سنوات، وسعيت
للارتباط بإحدى الفتيات بغرض الزواج مرات عديدة، ولكن شروط أهل العروس بطلب مهر
مرتفع وشقة مستقلة حال دون إتمام مشروع الزواج".
وكشف مصطفى
لـ"عربي21" "أنه توجه لصاحب المبادرة وبحث عن مواصفات لفتاة
تتوافق مع رغباته، ووقع الاختيار على آية، التي حددت مهرا قيمته 1500 دولار، وقبلت بالعيش في غرفة في بيت أهل العريس، والاكتفاء بحفلة زفاف
صغيرة.
ارتفاع حالات
الطلاق
تأتي هذه
المبادرة في وقت كشف فيه رئيس مجلس القضاء الشرعي في غزة، حسن الجوجو، عن تراجع في
عدد حالات الزواج خلال العام الماضي بإجمالي 15392 حالة، مقابل 17367 للعام 2017، وتوقع
الجوجو أن يستمر التراجع هذا العام، في حين وصلت نسب الطلاق إلى 20
بالمئة من إجمالي عقود الزواج للعام 2018.
وترجح مدربة
الحياة الزوجية، سماح دبور، أن "ارتفاع نسب الطلاق في غزة يعود إلى افتقار
الزوجين للثقافة الكاملة عن الحياة الزوجية، رغم أن الوضع الاقتصادي المتردي ساهم
في تفاقم أزمة الطلاق، ولكنه ليس سببا كافيا في وصول نسب الطلاق لهذا المستوى
الخطير".
وتضيف دبور
لـ"عربي21" أن "الإشكالية القائمة لدى الكثيرين، أنها ترجح بأن
ارتفاع مهر العروس هو العائق في بدء مشوار الزواج، لذلك يطالبون بتخفيض المهور، على
أمل أن يساهم ذلك في زيادة نسب الزواج، دون التطرق إلى التكاليف الأخرى التي لا
تقل قيمة عن المهر كإيجار صالة الفرح ولوازم البيت من أثاث جديد وأمور أخرى تتعلق
بمستلزمات إتمام الزواج".
وبشأن أزمة
العنوسة في غزة، أكدت دبور أن "الحديث عن أزمة العنوسة مرده طبيعة المجتمع وثقافته، فدول مثل مصر وشمال أفريقيا يكون متوسط الزواج للفتاة في الثلاثينيات من العمر،
ولكن النظرة مختلفة في غزة التي يتراوح سن الزواج للفتاة بين 18-25 عاما".