مقالات مختارة

إيران بين هجمات أبقيق واجتماعات نيويورك

ماجد الأنصاري
1300x600
1300x600

العالم بات يتعامل مع الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية سعودية على أنها تصعيد إيراني خطير يغير قواعد اللعبة في المنطقة.


من الواضح أن الإيرانيين درسوا وبشكل جيد السلوك السياسي من حولهم خلال الفترة الماضية.
الرياض وأبوظبي تخليتا عن خيار دعم ضربة أمريكية لإيران.


الإيرانيون وإن كانوا يمارسون اللعبة بمهارة إلا إنهم يرقصون على حافة الهاوية.

على الرغم من النفي الإيراني المستمر، إلا أن العالم بات يتعامل مع الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية سعودية على أنها تصعيد إيراني خطير يغير قواعد اللعبة في المنطقة، هذه الهجمات التي أوقفت نصف الإنتاج السعودي من النفط كشفت هشاشة الوضع الأمني لقطاع الطاقة في المنطقة بشكل عام، كما أوضحت أن طهران مستعدة لتجاوز الخطوط الحمراء حيال أمن الطاقة العالمي، ولكن عوض أن ينتج عن ذلك رد حاسم ضد إيران نجد العكس تماماً، روحاني يصل نيويورك هذا الأسبوع ويلتقي بقادة غربيين وجل تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية تدور حول تجنب الحرب مع إيران، كيف يمكن تفسير ذلك؟


على الرغم من أن هذا التصعيد الإيراني يعتبر مغامرة شديدة الخطورة إلا أنه من الواضح أن الإيرانيين درسوا وبشكل جيد السلوك السياسي من حولهم خلال الفترة الماضية، ووصلوا لثلاث نتائج رئيسية، الأولى هي أن الرئيس الأمريكي لا يريد الحرب وسيتجنبها بكل السبل الممكنة، وخاصة وهو يقترب أكثر فأكثر من الانتخابات الرئاسية.

 

بالتالي إذا تجنبت طهران استهداف مواطني الولايات المتحدة وجنودها بتصعيدها العسكري فلا يتصور أن تقدم واشنطن على أكثر من عقوبات اقتصادية جديدة، النتيجة الثانية هي غياب توافق دولي حول استهداف إيران ومن الواضح أن ترامب يقف منفرداً بين القوى العالمية في الخطاب الحاد تجاه إيران، حتى بريطانيا التي انبرى رئيس وزرائها ليتهم إيران بشكل مباشر بالمسؤولية عن الهجمات قبلت بالإفراج عن السفينة التي تحمل النفط الإيراني في جبل طارق في مواجهة مباشرة لموقف واشنطن، وبالتالي يضعف ذلك من موقف ترامب وصقور إدارته إذا ما أرادوا اتخاذ موقف حازم من طهران.

 

النتيجة الثالثة هي أن الرياض وأبوظبي تخليتا عن خيار دعم ضربة أمريكية لإيران، أولاً لأن التجربة السابقة أقنعت العاصمتين أن ترامب لا يعول عليه في خيار مواجهة، وثانياً تستشعر الدولتان تهديداً حقيقياً لمصالحهما اضطرهما لتخفيف حدة الخطاب تجاه إيران، وبناء على هذا الواقع قررت طهران أن خيار التصعيد بهذا الشكل المدروس هو الأفضل، ولكن ماذا يمكن لإيران أن تحقق من خلال هذا التصعيد؟


يبدو أن صانع القرار الإيراني يراهن على أن رغبة الرئيس الأمريكي في الوصول لتهدئة قبل الانتخابات والحصول على لقاء مع روحاني مماثل لذلك الذي تم مع الرئيس الكوري الشمالي ستمكن من إعادة الاستثناءات للعقوبات بحيث يعود النفط الإيراني ليتدفق عبر العالم ويعود بالدولارات التي تحتاجها طهران بشدة في إطار الحفاظ على اقتصادها المهدد بالانهيار والإبقاء على وجودها الاستراتيجي الخارجي.

 

ولأن طهران لا تريد أكثر من 6 أشهر أخرى تمكنها من ترتيب وضعها الداخلي وإعادة التموضع في الصراع مع واشنطن فهي مستعدة لاتفاق مؤقت بانتظار إما تغير الإدارة في واشنطن أو تغير الموقف الإقليمي، وبشكل عام اعتاد الإيرانيون على اللعب على الوقت، ولكن كل ذلك لا يقلل من خطورة الوضع الذي تعيشه المنطقة اليوم، فالإيرانيون وإن كانوا يمارسون اللعبة بمهارة إلا إنهم يرقصون على حافة الهاوية، رصاصة طائشة واحدة بإمكانها أن تشعل المنطقة في لحظات.

 

(عن صحيفة الشرق القطرية)

التعليقات (0)