هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد عام من التفاوض، ومع قرب التوصل إلى اتفاق، أوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء السبت، مباحثات السلام مع حركة طالبان الأفغانية، متذرعا بهجوم تبنته الأخيرة على كابول، سقط فيه أكثر من عشرة قتلى، بينهم أمريكي.
إلا أن طالبان، في الواقع، لم توقف هجماتها على مدار العام الماضي، لا بل ازدادت وتيرتها منذ مطلع 2019، وهو ما يطرح تساؤلات حول أسباب اتخاذ ترامب القرار في هذا التوقيت، لا سيما وأنه يأتي أيضا بعد أسبوع على الإعلان عن التوصل لصيغة اتفاق من شأنه أن يحد من القتال ويسمح بعقد محادثات سلام شاملة بين الأفغان.
ففي الأول من أيلول/ سبتمبر الجاري، قال المبعوث الأمريكي للسلام في أفغانستان زلماي خليل زاد، إنه سيتوجه إلى كابول للتشاور بعد اختتام جولة المحادثات التاسعة من المحادثات مع طالبان في قطر.
وأضاف عبر تويتر: "نحن على أعتاب اتفاق من شأنه خفض العنف وفتح الباب للأفغان كي يجلسوا معا للتفاوض على سلام كريم ومستدام وعلى أفغانستان موحدة ذات سيادة لا تهدد الولايات المتحدة أو حلفاءها أو أي دولة أخرى".
ولم يخض خليل زاد في تفاصيل الاتفاق المتوقع أن ينسحب بموجبه آلاف من القوات الأمريكية من أفغانستان مقابل ضمانات من طالبان بألا تسمح أن يستخدم متشددون أفغانستانَ قاعدة لشن هجمات في الخارج.
"لعبة ترامب"
وفي حديث لـ"عربي21"، استبعد الكاتب والمحلل السياسي الأفغاني، انتظار خادم، أن تكون الولايات المتحدة اتخذت القرار استجابة لكابول، التي عبّرت مرارا عن قلقها إزاء تواصل الهجمات على قواتها بالتزامن مع انعقاد مباحثات السلام بالعاصمة القطرية الدوحة.
وأوضح "خادم": "قد يتوقف السلام لبعض الوقت، ربما إلى حين إعادة ترامب صياغة أفكاره ليواصل المحادثات، ولكن ليس لدى الحكومة الأفغانية الكثير لتقوله بشأن هذا المسار، بل هي لعبة ترامب بشكل عام".
يشار إلى أن مكتب الرئيس الأفغاني أشرف غني رحب بقرار ترامب، وأكد في بيان على أن "السلام الحقيقي لن يتحقق إلا بتوقف طالبان عن العنف وإجراء محادثات مباشرة مع الحكومة".
اقرأ أيضا: "الملك زاد" يفاوض "طالبان" على وقع "متلازمة فيتنام" (بورتريه)
وألمح المختص بالشؤون الأفغانية والآسيوية إلى وجود أطراف مستفيدة من استمرار الصراع حاليا، إلى أن تتشكل ظروف تناسبها أكثر، في إشارة إلى قوى بكابول نفسها، لا سيما بعد رفض طالبان لقاء الرئيس أشرف غني برعاية ترامب، في "كامب ديفيد" بالولايات المتحدة.
وكان مصدر أفغاني قد كشف، الجمعة، عن تأجيل "غني" زيارة إلى واشنطن، بعد ساعات على إعلان مصادر أخرى عن الزيارة، وسط حديث عن "إحباط في كابول من الاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان"، بحسب "أسوشييتد برس".
ورغم حالة القلق وعدم اليقين لدى الأفغان جراء التطورات الأخيرة، بحسب "خادم"، إلا أن التوصل إلى سلام ممكن جدا، "والمضي نحوه يتطلب ضغوطا من الأطراف المعنية به".
وبشأن تصعيد طالبان هجماتها في هذا التوقيت، قال خادم إن "ذلك التكتيك غير مفهوم تماما وليس مبررا"، لا سيما وأن ترامب يحتاج إلى إظهار التعاطف إزاء استهداف جنود بلاده، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.
عض أصابع
والأحد، هدد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو ، بممارسة ضغوط على حركة طالبان، للوفاء بالتزاماتها في محادثات السلام.
وقال بومبيو، في مقابلة مع قناة "سي أن أن"، إن استئناف المحادثات مع الحركة يتطلب إظهار الأخيرة التزاما حقيقيا.
وأضاف أن بلاده لن تقلص الدعم العسكري للقوات الأفغانية حاليا، كما أكد أن خفض عدد القوات الأمريكية سيتم "فقط بموجب شروط معينة".
من جانبها، أعلنت طالبان أن قرار ترامب وقف المحادثات "سيؤدي إلى إزهاق أرواح مزيد من الأمريكيين وخسارة واشنطن المزيد من الأموال".
اقرأ أيضا: يد تحاور وأخرى تضرب..كيف فرضت طالبان معادلتها على أمريكا ؟
وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم الحركة، في بيان: "سيعاني الأمريكيون أكثر من أي طرف آخر بسبب إلغاء المحادثات".
وأضاف، بحسب "رويترز"، أن المحادثات كانت تجري بصورة سلسة حتى أمس السبت، وأن الجانبين اتفقا على عقد محادثات بين الأطراف الأفغانية في 23 أيلول/ سبتمبر الجاري.
وإلى حين تقديم طالبان تنازلات، أو عودة ترامب إلى الخضوع للمعادلة التي فرضتها الحركة على مدار العام الماضي، فإن كابول قد تكون على موعد مع المزيد من الهجمات الدامية، ربما لإجبار "غني" لطلب استئناف المفاوضات هذه المرة، مستغلة حاجة واشنطن الملحة لإنهاء ثاني أطول حرب خاضتها البلاد بعد "فيتنام".