هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فاست كومباني" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن التقدم الذي أحرزه أداء الروبوتات، لاسيما في مجال تقديم الرعاية والاهتمام لكبار السن، حيث أصبح يضاهي أداء البشر وأحيانا يتفوّق عليه.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن شركة "توم بوت" تعد واحدة من بين العديد من الشركات الناشئة المتخصصة في تصميم الروبوتات المرافقة لكبار السن لتقدم لهم الدعم العاطفي والمساعدة اليومية أو لمراقبتهم عن بعد من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من أن هذا النوع من الروبوتات غالبا ما يلاقي حماس المستهلكين والخبراء الطبيين على حد سواء، إلا أن الشركات التي تعرض هذه الروبوتات للبيع تواجه مجموعة من المشكلات المعقدة.
وذكرت المجلة أن هذه الشركات ينبغي أن تبدأ في مرحلة أولى بطرح الأسئلة التالية: كيف يمكن تصميم أفضل الأجهزة الآلية لرعاية المسنين؟ وكيف تحثّ الأشخاص على استخدامها فعلا؟ كيف يمكن تصنيع منتج مفيد دون أن يشعر المستخدم بأنه غريب أو مخيف؟ هل يمكن للروبوتات أن تحل حقًا محل مقدمي الرعاية من البشر؟
وفقا لمركز بيو للأبحاث، تضمّ الولايات المتحدة حوالي 46 مليون مسنا، وهو رقم من المتوقع أن يتضاعف بحلول سنة 2050، ويستعد نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة إلى التقليل من عدد القائمين على رعاية كبار السن من الممرضات والمساعدين الطبيين. ويعتقد البعض أنه من المنطقي الاعتماد على التكنولوجيا لسد فجوة الرعاية والاستعانة بمساعدة الروبوتات.
وأضافت المجلة أن الروبوتات المسؤولة عن رعاية المسنين عرفت ازدهارا ملحوظا في دول على غرار اليابان، وقد ألهم هذا المجال مجموعة من الشركات الناشئة التي تعنى بصناعة الروبوتات في إسرائيل لإنشاء الرفيق الآلي الذكي الذي يتواصل مع مستخدمه على مدار اليوم.
اقرأ أيضا: العلماء يبتكرون روبوتات يمكن أن تنمو وتأكل وتموت.. تفاصيل
وتشمل مهمة هذا الروبوت التذكير بالمواعيد أو المساعدة في الاتصال بالعائلة عن طريق مكالمات الفيديو أو اقتراح الخروج للمشي أو فقط ضمان اطلاع المستخدم على العالم الخارجي من خلال تقديم حقائق عشوائية أو عرض مقاطع فيديو مضحكة.
وأوردت المجلة أنه يقع تسويق هذا المنتج في الوقت الحالي على أنه "المرافق من أجل شيخوخة أكثر سعادة"، ومن اللطيف أن تثير هذه الآلة مشاعر دافئة في نفس مستخدمها المسن، غير أن مظهرها الخارجي اللامع يعكس إلى حد كبير اعتمادها على تقنية الذكاء الاصطناعي.
ولكن لطالما طرحت فئة الروبوتات أسئلة وجودية حول الدور الذي يجب أن تلعبه التكنولوجيا في حياتنا. وقد تبدو مجسمات الروبوتات مألوفة جدا، إلا أنها قادرة على أن تولّد في كثير من الأحيان شعورا بالنفور أو الارتباك أو نوعا من التواصل غير الطبيعي، ومن الناحية الأخلاقية، يجدر التساؤل حول مظاهر التوازن بين محاكاة كائنات حية وخلق تبعية زائفة؟
وأشارت المجلة إلى أن الروبوتات المرافقة مصممة للعمل بشكل وثيق ويومي مع مستخدميها. وتعتمد بعض الشركات الناشئة على صنع هياكل تشبه الإنسان أو الرسوم المتحركة المصممة لتبدو لطيفة وودودة، والقادرة على خلق روابط عاطفية مع المستهلك. وتجدر الاشارة إلى أن بعض الروبوتات المرافقة لكبار السن الموجودة في الأسواق صُمّمت باستخدام عناصر مستوحاة من شخصيات محبوبة من أفلام الخيال العلمي، مثل حرب النجوم.
ونوهت المجلة بأن المسنين الذين يعانون من أمراض عصبية أو حالات طبية حادة قد يشعرون بالخوف من بعض نماذج الروبوتات التي تحاكي شكل الإنسان بشكل مبالغ فيه. وقد عملت شركة "توم بوت" على تصميم روبوت صنع خصيصا من أجل تلبية احتياجات كبار السن المصابين بحالات مرضية متقدمة من الخرف.
وتشير التقديرات إلى أن حوالي 15 مليونا من المسنين الأمريكيين يعانون إما من الخرف أو من ضعف إدراكي معتدل قبل الخرف. وحيال هذا الشأن، يقول مؤسس "توم بوت" توماس إي ستيفنز: "نحن لا نستهدف كبار السن الذين هم في صحة جيدة، بل نحاول توفير الحلول بالنسبة للأشخاص الذين لا يملكون خيارا".
وأشارت المجلة إلى الباحثين يعتقدون أن أغلب المصابين بمرض الخرف بإمكانهم الاستفادة جسديًا ونفسيًا من خلال تكوين رابط عاطفي وثيق، سواء كان ذلك مع غرض أو حيوان. ومع ذلك، تنخفض معدلات امتلاك الحيوانات الأليفة بعد سن 75 نظرا لأن العديد من كبار السن يعجزون عن رعايتها.
وذكرت المجلة أن شركة "توم بوت" تعاونت مع خبراء في علم الرسوم المتحركة في متجر جيم هينسون بهدف تصميم روبوت على شكل جرو يتسم بالواقعية ومن شأنه أن يبعث البهجة في قلوب كبار السن. وأشار مؤسس الشركة إلى أنه أجرى استطلاع رأي للمئات من المسنين لمزيد فهم تفضيلاتهم الفنية.
وحيال هذا الشأن، علق قائلا: "لقد كان الأمر بسيطًا؛ يكمن السر في عامل "الواقعية"، إنهم يفضلون الملمس والقوام الواقعيين. ولكن الأهم من ذلك أنهم يفضلون السلوكيات الواقعية".
اقرأ أيضا: الذكاء الاصطناعي... هل سيقود العالم للتطور أم الدمار؟
وأفادت المجلة بأنه على هذا الأساس، صُمّم الجرو ليحاكي قدرة الحيوانات الحيّة على الحركة حيث يحتوي على عدة أجهزة استشعار من أجل ضمان تجربة تلقائية وتفاعلية. ويفهم هذا الجرو الروبوت الأوامر الصوتية، ويتمتع بالقدرة على استشعار الطريقة التي يتعرّض من خلالها للمس، وقد صُمّمت السلوكيات بشكل عشوائي، فضلا عن كونها تقوم على برنامج قابل للتحديث، ما يتيح الفرصة لتوسيع نطاق هذه السلوكيات وتحسينها مستقبلا.
وفي الختام، أقرّت المجلة بأنه من السابق لأوانه إطلاق الأحكام بشأن مصير هذه الصناعة الناشئة، حيث يبقى من غير الواضح ما إذا كانت أفضل الروبوتات المصممة قادرة على أن تكون بدائل كافية لرعاية الإنسان.
وتعتقد خبيرة الشيخوخة ديبورا كار أنه على الرغم من بعض المشكلات المتوقعة التي تطرحها هذه المنتجات، إلا أنها ستمثل في نهاية المطاف ملجأ بالنسبة للمستهلكين الذين يفتقرون إلى الحلول.
وقد يكون البشر من أفضل مقدمي الرعاية، ولكن بما أن الرعاية البشرية أضحت نادرة، فإنه من المحتمل أن تمثل التكنولوجيا الحل الأمثل.