هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يتوان رئيس النظام السوري بشار الأسد منذ
اليوم الأول لخروج المظاهرات ضده في آذار/ مارس 2011، عن الزج بجيشه وأجهزته
الأمنية للمحافظة على
نظامه من السقوط.
ومع توسع المظاهرات ودخول الثورة في مرحلة
العسكرة التي تتطلب الخوض في مواجهات طويلة، لم يكن أمام الأسد من سبيل للنجاة
بنظامه إلا الاعتماد على ضباط أقوياء أمنيا وعسكريا، ليكونوا يده الطولى، وأدوات
لقمع وسحق المعارضين له.
تلك المعطيات دفعت بأسماء عدد من الضباط
للظهور، بفعل الأدوار الموصوفة بـ"الإجرامية" التي قاموا بها، على مدار
أعوام الثورة السورية.
وتقف "عربي21" في هذا التقرير، على
أبرز هذه الشخصيات (الجنرالات)، مستندة على معلومات استقتها من مصادر مختلفة.
ماهر الأسد
في صمت، وبعيدا عن أعين الإعلام، يقود اللواء
ماهر الأسد (52 عاما) الشقيق الأصغر لبشار الأسد، الفرقة الرابعة رسميا منذ مطلع
العام 2017، عندما تم ترفيعه إلى رتبة لواء.
وبحسب مصادر عسكرية معارضة، فإن ماهر يقود
الفرقة الرابعة بشكل فعلي منذ العام 2011، وذلك عندما كان يقود "اللواء
42" التابع للفرقة ذاتها، برتبة عميد.
ولا يختلف اثنان على أهمية "الفرقة
الرابعة"، حيث تعتبر المهمة الأبرز لها تأمين العاصمة دمشق ومحيطها من
القلمون وصولا إلى درعا جنوب البلاد.
ووفق تقديرات عسكرية، فإنه يبلغ تعداد عناصر الفرقة
الرابعة نحو 25 ألف مقاتل، وإلى جانب ذلك، تشرف الفرقة على عدد كبير من التشكيلات
العسكرية غير النظامية (القوات الرديفة)، لتتربع بذلك في صدارة تشكيلات النظام
العسكرية، عدة وعتادا.
وكان للفرقة الرابعة دور كبير في حسم المعارك
في المناطق القريبة من دمشق، وتحديدا في الغوطة الشرقية التي استعادها النظام
العام الماضي.
ويُعتقد أن ماهر الأسد هو الرجل المفضل لدى
طهران حليفة النظام، استنادا إلى مؤشرات عديدة من بينها التنسيق العالي بين الفرقة
الرابعة وحزب الله اللبناني، الذراع الإيرانية الأقوى في سوريا.
وبحسب ما نشرته صحيفة "المدن"
اللبنانية، فإن تعيين ماهر الأسد في قيادة "الرابعة"، جاء بموافقة
روسية، وسط اتفاق روسي-إيراني على تقاسم دمشق عسكريا، حيث يسيطر الروس بشكل كامل
على وزارة الدفاع وهيئة الأركان، فيما تتسلم "الفرقة الرابعة" والقوات
الرديفة لها (الشبيحة) و"الحرس الجمهوري"، المهام العسكرية وحماية حدود
دمشق بتنسيق مع الجانب الروسي.
ومؤخرا، برزت تسريبات عن خلاف بين الأشقاء بشار
الأسد وماهر، حول إدارة معالجة أزمة الصراع بين قادة الأجهزة الأمنية.
العميد سهيل الحسن (النمر)
برز اسم العقيد سهيل الحسن "النمر"
للمرة الأولى ما بعد الثورة السورية، في حلب في العام 2014، ودائما ما يقرن اسمه
بالسلاح الأكثر رعبا (البراميل المتفجرة) الذي استخدمه نظام الأسد للفتك بالمناطق
الخارجة عن سيطرته.
والحسن (48 عاما) ابن ريف مدينة جبلة، من أبناء
الطائفة العلوية، كان ضابطا في الاستخبارات التابعة للقوات الجوية، قبل أن يقود مع
بداية الثورة السورية الحملات العسكرية للنظام ضد المعارضة في غالبية المحافظات
السورية، من حلب إلى دمشق، والساحل السوري، ودرعا، ودير الزور.
وفضلا عن دمويته، يثير الحسن بظهوره الإعلامي
سخرية واستهزاء المعارضة، وذلك بسبب التعابير غير الواضحة التي يستخدمها.
ووفق المعطيات التي جمعتها "عربي21"،
فإن الحسن يعتبر رجل روسيا الأول في سوريا، وما يؤكد ذلك تكريمه من الروس ثلاث
مرات على التوالي، في الأعوام 2016، 2017، 2018.
واللافت أن الحسن كان الضابط الوحيد الذي رافق
الأسد حين التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم الجوية نهاية عام
2017.
وتذهب الكثير من التحليلات الغربية، إلى أن
روسيا تعد الحسن لحكم سوريا، في حال أُجبرت على تنحية بشار الأسد، الأمر الذي يجعل
الحسن خطرا على حكم آل الأسد.
ويتهم الحسن بارتكاب جرائم حرب، وعلى رأسها المسؤولية
عن مجزرة "التريمسة" بريف حماة، منتصف العام 2012، والتي راح ضحيتها نحو
220 قتيلا، حسب أرقام وثقتها المعارضة.
اللواء علي مملوك
كان، ولا زال للواء علي مملوك (74 عاما)، كغيره
من ضباط الأسد، دور كبير في تثبيت حكم الأسد، فالجنرال السبعيني المولود في حي
دمشقي (البحصة) لأسرة وافدة على العاصمة السورية من لواء إسكندرون (إقليم هاتاي)،
يعد من أبرز أركان ما يعرف بـ"نظام الأسد الأمني".
مملوك الذي يطلق عليه لقب "الصندوق الأسود
للأسد"، تدرج في المناصب الاستخباراتية، إلى أن عُيّن في العام 2012، في منصب
رئاسة مكتب الأمن القومي، برتبة وزير، خلفا للواء هشام بختيار الذي قتل في تفجير
"خلية الأزمة"، أثناء انعقادها في مكتب الأمن القومي بحي الروضة بدمشق.
وقبل ذلك، ومنذ العام 2005، كان مملوك يرأس
جهاز الاستخبارات العامة (أمن الدولة)، مما أتاح له أن يمسك بأكثر الملفات
الاستخباراتية تعقيدا، أي التنسيق مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية والأوروبية
والروسية والإيرانية.
إقرأ أيضا: عبر بوابة القضاء.. الأسد يلاحق "قادة المصالحات" بسوريا
يُحسب لمملوك جولاته الخارجية على عواصم عربية
وعالمية (القاهرة، عمّان، روما)، في الوقت الذي كان فيه نظام الأسد يمر بعزلة
دولية وعربية، وتقول مصادر مطلعة إن مملوك نسّق زيارة الرئيس السوداني عمر البشير
الذي أطاح به الجيش السوداني مؤخرا، إلى دمشق في نهايات العام 2018.
داخليا، لا يكاد يختفي اسم مملوك عن الواجهة
الإعلامية السورية، حتى يعود إليها، من إدارة الحوار الذي يجريه النظام السوري مع
ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية" الكردية، إلى الانفتاح على العشائر العربية
في المحافظات الشرقية السورية، إلى الاجتماع بوفود من درعا.
وفي آخر هذه التحركات، ترأس مملوك، مطلع الشهر
الجاري اجتماعا عقد في دمشق، بين مسؤولين عن النظام ووفد محلي من محافظة درعا.
وبحسب مصادر "عربي21" فإن الهدف من
الاجتماع كان التخفيف من حالة الاحتقان التي تسود المدينة التي سجلت فيها مظاهرات
وهتافات تطالب بإسقاط نظام الأسد، وذلك بعدما فجرها إعادة تمثال حافظ الأسد، إلى
مكانه في ساحة "تشرين" وسط المدينة.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، ترأس مملوك
اجتماعاً مع الآلاف من الشخصيات التي تمثل العشائر العربية في المناطق الخاضعة
لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" لبحث تداعيات الانسحاب الأمريكي.
يتهم مملوك بأنه من أكثر الضباط فتكا
بالمعارضة، الأمر الذي أدى بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي إلى فرض
عقوبات عليه، وتحميله جزءا من مسؤولية الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان، ومنها
استخدام العنف ضد المدنيين.
اللواء جميل الحسن
يوصف اللواء جميل الحسن (67 عاما) بأنه واحد من
أعتى مجرمي الحرب في سوريا، ويقود منذ العام 2009 إدارة فرع "المخابرات
الجوية" سيئ الصيت، خلفا للواء عبد الفتاح قدسية.
وإلى جانب الولاء الشديد لآل الأسد، فإن الحسن
يعد من أشد أنصار المشروع الإيراني في سوريا، وتحديدا المشاريع المذهبية المتعلقة
بنشر المذهب الشيعي في سوريا.
تدرج الحسن في المناصب قبل ترؤسه فرع المخابرات
الجوية، فبعد مشاركته في مجازر حماة التي ارتكبها نظام حافظ الأسد في بدايات
ثمانينيات القرن الماضي، عُهد إليه برئاسة سرية المهام الخاصة في المخابرات العامة،
ثم رئيسا لفرع المخابرات العامة في دير الزور (شرق البلاد)، وانتقل بعدها إلى دمشق
ليعين نائبا لرئيس جهاز المخابرات العامة.
وبحسب تقرير نشره موقع "زمان الوصل"
المعارض، فإن النظام السوري أصدر في العام الماضي أمرا يقضي بتمديد خدمة الحسن سنة
إضافية، بعد وصوله سن التقاعد.
وأوضح الموقع أن هذا التمديد هو السابع على
التوالي للواء "الحسن" منذ عام 2011، حيث يقضى نظام خدمة الضباط في جيش
الأسد التمديد بالخدمة لرتبة لواء لمدة عامين فقط في حال اقتضت الضرورة لإبقائه
اعتبارا من عمر 58 عاما إلى عمر 60 عاما، وفي حالات خاصة جداً يتم التمديد إلى عمر
62 عاما ثم يتم تسريح اللواء بقوة القانون.
ومن خلال تتبع "عربي21" لتحركات
الحسن، بدا أن ترتيب الوضع المعقد في الجنوب السوري هو على رأس أولوياته.
ويتهم الحسن بارتكاب مجازر بحق المعتقلين
السوريين، فضلا عن إشراف جهازه (المخابرات الجوية) على حركة سلاح الطيران في كامل
الجغرافيا السورية، وتتهمه المعارضة بالمسؤولية الكاملة عن تنفيذ مجزرة
الكيماوي في الغوطة، التي راح ضحيتها آلاف المدنيين في صيف عام 2013.