هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وقعت ملاسنة بين الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، في مستهل اجتماع مجلس الأمن القومي في قصر قرطاج، ما يسلط الضوء أكثر على عمق الخلاف، وتصاعد التوتر بين رأسي السلطة التنفيذية في البلاد.
ونشرت رئاسة الجمهورية كواليس الاجتماع، الذي استهله السبسي بتوجيه اللوم للشاهد، محملا إياه مسؤولية تأخير موعد الاجتماع الذي كان مبرمجا قبل ذلك بأيام، ليرد الشاهد بأنه لم يعلم بالموعد إلا قبل يوم واحد.
وبحسب الفيديو، فإن السبسي طوال حديثه في اجتماع مجلس الأمن القومي، لم يفوت الفرصة لتوجيه رسائل نقدية مباشرة، ومشفرة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، تتعلق أساسا بحدود صلاحياته ومسؤولياته.
حيث قال السبسي في معرض تثمينه لاستقالة وزير الصحة عبد الرؤوف الشريف، على خلفية وفاة 15 رضيعا بأحد المستشفيات: "الرجال تمر، والحكومات تمر، وتبقى الدولة".
وأكد مصدر من رئاسة الجمهورية لـ"عربي21" أن نشر كواليس اللقاء عبر الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية دون عملية مونتاج للملاسنة بين الرجلين، كانت مقصودة، لتمرير رسالة للتونسيين، بوجود خلاف حقيقي بين السبسي والشاهد.
وأوضح المصدر ذاته أن رئاسة الجمهورية تعمدت مصارحة الشعب التونسي بحقيقة العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية في البلاد، والتي يشوبها التوتر.
وتتهم قيادات في حزب السبسي الشاهد بالانقلاب على الرئيس وعلى الحزب، من خلال افتكاك نواب الكتلة البرلمانية لنداء تونس الذين انضم أغلبهم لكتلة "الائتلاف الوطني"، وحزب "تحيا تونس" الداعمة للشاهد.
وسبق أن طالب السبسي الشاهد بالاستقالة، بعد أن عينه رئيسا للحكومة في 2016، محملا إياه مسؤولية الفشل الاقتصادي والسياسي الذي ترزح تحت وطأته البلاد.
ويرى كثيرون أن القطيعة المعلنة بين السبسي والشاهد، لم تقف عند الجانب السياسي أو الخلاف الحزبي بين الرجلين، بل تجاوزتها لمجالات تتعلق بتسيير دواليب الدولة، حيث تغيب الشاهد عن اللقاءات الدورية التشاورية بين الرئاستين لفترات طويلة.
ووصف رئيس الحكومة في حوار أجراه منذ أسابيع مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية علاقته بالسبسي بـ"المعقد أحيانا"، مشددا على أنه يتعامل معه "في إطار احترام الدستور".
"تناحر" بين رأسي السلطة
واعتبر الإعلامي المتخصص في الشأن السياسي، محمد اليوسفي، أن ما حصل بين رأسي السلطة التنفيذية "دليل على اهتراء منظومة الحكم الحالية، واحتداد الأزمة بين أجنحة السلطة".
وأضاف لـ"عربي21": "اليوم هناك معركة كسر عظم بين الطرفين، مدارها التموقع استعدادا للانتخابات القادمة، وهي تؤشر على نهاية مرحلة سياسية".
وحذر اليوسفي من "مؤشرات الأزمة الخانقة التي تمر بها تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، التي انعكست، سلبا على أداء مؤسسات الدولة، وقد تساهم في نفور المواطنين من الشأن السياسي قبل أشهر من الموعد الانتخابي الحاسم".
من جانبه، وصف عضو مجلس شورى حركة النهضة، زبير الشهودي، عرض رئاسة الجمهورية المشادة الكلامية بين السبسي والشاهد بـ"غير اللائقة لصورة الدولة التونسية".
وتابع لـ"عربي21": "الثابت أن العلاقة بين الرجلين يشوبها التوتر على مستوى الأداء السياسي، لكن هذا لا ينفي وجود دستور يوضح حدود العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية، وكان على الطرفين الترفع عن الخلافات الشخصية، وتغليب مصلحة الدولة".
وشدد الشهودي على ضرورة إدارة الخلاف بين السبسي والشاهد بشكل أكثر تعقلا، بعيدا عن التجاذبات الحزبية والمطامع السياسية الضيقة، وبعيدا عن توظيف مؤسسات الدولة ومنصاتها الإعلامية.