هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أنهت التظاهرات
الشعبية في السودان احتجاجا على الأوضاع الاقتصادي في البلاد، والتي تطالب برحيل
نظام الرئيس عمر البشير الذي تحمله المسؤولية، شهرين من الحراك في الشارع ودخلت في
الثالث.
وتطالب الاحتجاجات برحيل
البشير الذي يحكم البلاد من ثلاثة عقود على رأس حزب المؤتمر الوطني السوداني.
وانطلقت عدة احتجاجات
في عدد من المدن السودانية، الثلاثاء، رافعة شعارات "الحرية والعدالة
والسلام"، تلبية لدعوات "تجمع المهنيين السودانيين".
وفيما يرى البعض أن
الاحتجاجات السودانية صمدت لشهرين كاملين في وجه التعنت من طرف النظام، رأى آخرون
أن الزخم على الأرض لم يعد يذكر.
عضو القطاع السياسي
بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، علي الشايب، قال لـ"عربي21" إن هنالك وجهة
نظر أخرى في مقولة أن الاحتجاجات استمرت لشهرين كاملين، مؤكدا على أن الاحتجاجات
التي انطلقت في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2018 انحسرت.
وتابع بأن الاحتجاجات
التي بدأت مطلبية، تم توظيفها لاحقا لغايات سياسية، وإن ما يعرضه الإعلام عن الزخم
في الشارع أكبر بكثير من الواقع على الأرض.
وأشار إلى أن
التظاهرات انطلقت سابقا في عدد من الولايات وانتقلت لأخرى، إلا أنها اليوم لا توجد
إلا في أماكن محدودة من العاصمة الخرطوم.
وتابع بأن الولايات
التي امتنعت عن الخروج علمت واقتنعت أن أحزاب اليسار، ومن وصفهم بـ"أصحاب
الأجندات من المعارضة" حاولوا توظيف التظاهرات لصالحهم.
اقرأ أيضا: الحكومة السودانية تحذر الأحزاب من ممارسات خارج الدستور
وأكد الشايب أن
التظاهر من أجل الأوضاع الاقتصادية محمود، ومكفول بالدستور والقانون، لكن الأحزاب
السياسية التي لم تكن ضمن منظومة الحوار الوطني تعمل على إثارة البلبلة.
ولفت إلى أن الإعلام
يتناول الحكومة السودانية على أنها حكومة نظام البشير، مع أن حزب المؤتمر شريك
بنسبة 44% فيها، وإن عددا كبيرا من الأحزاب (60 حزبا) والحركات المسلحة (37 حركة)
انخرطوا في الحوار الوطني الذي استمر لعام كامل وأفرز حكومة وفاق وطني.
وأضاف أن الذي يراهن
على التغيير بهذه الوسيلة عليه أن يعلم أن التغير لا يأتي سوى عن طريق صناديق
الاقتراع، لكنهم يعلمون أن ثقلهم السياسي يجعل دخولهم الانتخابات انتحارا سياسيا،
بحسب تعبيره.
وختم بأن المجتمع
الدولي الذي يعول عليه المعارضون أدرك الآن أن التدخل في دول كانت مستقرة من فترة
قريبة أفرز جماعات إرهابية يعاني منها العالم اليوم، وإن السودان بلد مستقر، وإن
من حاول خطف الاحتجاجات الآن أصبح معزولا.
وقبل أيام، دعا الرئيس
عمر البشير قيادات وأعضاء الحركة الإسلامية لقيادة "نفرة كبرى" في كل
ولايات ومحليات السودان "لتصميم برامج وأنشطة دعوية تزكوية للشباب والطلاب،
وقيادة مبادرات داخل المجتمع وتمتين وتقوية وحدة الصف".
وتمثل الحركة
الإسلامية المرجعية الفكرية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، ويترأس
البشير، الهيئة القيادية العليا للحركة، في حين يتولى نائبه بكري حسن صالح، منصب
نائب الأمين العام.
من جهة أخرى، رأى رئيس
مكتب حزب الأمة القومي في بريطانيا، محمد الأنصاري، في حديث لـ"عربي21" أن
السودان مر بمراحل مختلفة على مدار ستين يوما من الاحتجاج، من مرحلة مطالبة البشير
بالتنحي، إلى مرحلة كشف البرنامج الهش للحزب الحاكم، وكشف ضعف كوادره.
وقال الأنصاري إن
الشعب السوداني كان مخدوعا لثلاثين عاما في الحزب الذي أثبت أن كوادره غير مؤهلة،
وليس له مقدرة فكرية أو عملية لمجابهة مشاكل السودان.
وتابع بأن الأزمة
الاقتصادية مستمرة، ولا يوجد سيولة في البنوك، والحزب الحاكم لم يستطع حتى الآن
تجاوز المشاكل التي خرج من أجلها الشعب السوداني.
وعن مستقبل الحراك على
الأرض، قال إن الأيام الماضية شهدت إعلان ما يعرف بـ"قوى الحرية
والتغيير" التي ألقت بيانا من دار حزب الأمة.
وأشار إلى أنه ولأول
مرة تظهر قيادات المعارضة للسطح، وأصبحت الحكومة الآن تعرف من يقود الحراك في
الشارع.
ولفت إلى أن الحراك
الآن موحد خلف إعلان الحرية والتغيير، وخلف هذا التوحد المزيد من دعم المجتمع
الدولي، ذاكرا عددا من التصريحات الأمريكية والأوروبية، لا سيما البريطانية، حول
التغيير في السودان، ومطالبة السلطات بعدم التعرض للمتظاهرين.
وأشار إلى أن الشعب السوداني وجد صعوبة في إيصال
صوته، لكن المجتمع الدولي الآن لديه نفس الإحساس الموجود لدى الشعب السوداني.
وقال إن المطلوب الآن
هو أن يسلم الحزب الحاكم السلطة، وأن يسمح بتشكيل حكومة انتقالية لأربع سنوات يقام
في نهايتها انتخابات حرة ونزيهة يكون الشعب السوداني فيها صاحب الكلمة.
وختم بأن نظام الحزب
الواحد ليس النظام المناسب لحكم السودان، وإن الأيام القادمة حبلى بالأخبار، وإن
الشعب السوداني سيقدم تجربة فريدة ومختلفة للتغيير وسيكون سلسا يخرج بحكومة
منتخبة.