واحد من أبرز رواد الأعمال والتسويق عبر شبكة الإنترنت الذين شهدهم التاريخ حتى اللحظة، ففي نحو 24 عاما تمكن من أن يصبح الرجل الأغنى في الكون في قائمة "فوربس".
صاحب أكبر متاجر التجزئة على الإنترنت في العالم من ناحية المبيعات والقيمة السوقية.
كان مهووسا بالعلوم منذ بداية طفولته حتى أنه أنشأ مختبرا صغيرا في "كراج " المنزل لتنفيذ أفكاره في الابتكار.
حتى هو لم يكن متأكدا من إمكانية نجاحه في مشروعه الغريب وغير المتوقع آنذاك، لكنه رغم الصعوبات وتردد المستثمرين أصر على قناعته وقال :"سأفعل هذا الشيء الطائش، سأبدأ نشاط هذه الشركة ببيع الكتب على الإنترنت".
كانت والدة جيفري بريستن
بيزوس، المولود في عام 1964، في ولاية نيو مكسيكو بالولايات المتحدة، مراهقة عندما تزوجت من والده، وبعد فترة قصيرة انفصلت عن والده البيولوجي وتزوجت من مهاجر كوبي الذي قام بتبني جيف ليحمل اسم عائلته بيزوس.
عمل جيف بيزوس بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب من جامعة "برينستون" في ولاية نيوجيرسي في عام 1986، محللا ماليا في مؤسسات عدة في شارع المال "وول ستريت" ، وبدا أن مسيرة بيزوس المالية واعدة ومربحة بشكل مذهل، لكنه فجأة قرر التوقف عن العمل في هذا المجال.
بدأ بيزوس في البحث عن فرص استثمارية في شبكة الإنترنت، واتجه إلى وادي السيليكون لتأسيس موقع "
أمازون.كوم" الذي يقتصر عمله على بيع الكتب عبر الإنترنت.
لم يكن من السهل إقناع كبار المستثمرين باستثمار مليون دولار في إطلاق شركة ليس لها مثيل في التاريخ، وكان أكبر تحد في نظر بيزوس، جمع رأس مال لإطلاق شركته، وضمان استمرارها في العمل، ويعبر بيزوس عن ذلك بقوله: "مرت علي أوقات كان يمكن أن تتلاشى فيها الشركة حتى قبل أن تبدأ أعمالها".
وأضاف: "كنت أعلم أنني لن أندم إذا فشلت، وكنت أعلم أيضا أن الشيء الوحيد الذي كنت سوف أندم عليه هو عدم المحاولة أبدا".
غير أنه وجد في حوزته مبلغ مائة ألف دولار حصل عليه من والديه، الذي يصفه بيزوس بـ"البذرة الكلاسيكية التي تأتي من الأشخاص المراهنين على منظم العمل، وليس على فكرة الشركة"، وبالاعتماد على القليل من معارفه الذين ارتبط بهم في علاقات عمل أيام " وول ستريت" بدأ مشروعه المغامر.
ولم تكن خياراته وقتها سهلة وكانت على عكس ما توقع، وبحسب قوله: "كان أصعب مما توقعنا"، كان فهم المستثمرين وإيمانهم بإمكانيات شبكة الإنترنت لا يزال مبكرا وسابقا لأوانه لدرجة التشكيك في نجاح مشروع مثل موقع "أمازون".
وبدأ جيف بيزوس رحلته مع "أمازون" في عام 1994، حينما بدأ في تكوين أسس الموقع في "كراج" المنزل رفقة عدد قليل من الموظفين، قبل أن يطلب من أصدقائه تجربة الموقع للمرة الأولى الذي أطلقه بشكل رسمي في عام 1995.
حقق الموقع انتشارا كبيرا، وأصبح موقعا معروفا مع دخول عام 1997، ليقوم في العام التالي بتنويع بضائعه بإضافة الأقراص المدمجة وشرائط الفيديو، وفي عام 2002 بدأ ببيع الملابس، كما أنشأ الموقع محرك البحث "A9" في عام 2003، وهو محرك متخصص في مواقع التجارة الإلكترونية.
وتوسع بيزوس في أعماله، ففي عام 2010 وقع اتفاقية مع وكالة "Wylie" التي منحته الحقوق الرقمية لأعمال الكثير من المؤلفين، ما زاد بشكل كبير في أرباح الموقع والمبيعات، بالتالي أرباح المؤلفين رغم اعتراض بعض دور النشر الورقية.
"واشنطن بوست"
وواصل بيزوس التنويع في استثماراته ففي عام 2013 اشترى صحيفة "واشنطن بوست" العريقة، وكل مؤسساتها لصالح موقع "أمازون" بمبلغ 250 مليون دولار، منهيا سيطرة عائلة غراهام على المؤسسة لأكثر من أربعة عقود.
وتخطت "أمازون" العام الماضي حاجز التريليون دولار، لتصبح ثاني شركة في التاريخ تصل قيمتها السوقية لهذا الرقم بعد شركة "آبل".
أغنى رجل بالعالم
ورافق نجاح "أمازون" تربع بيزوس على عرش الرجل الأكثر ثراء في العالم بثروة، وصلت إلى 137.2 مليار دولار.
ثروة ونجاح بيزوس في التسويق الإلكتروني لم يكونا العامل الوحيد المثير في سيرة الرجل، فقد برزت أخيرا قصتان وضعتا الرجل في بؤرة الحدث على الصفحة الأولى: قصة طلاقه التي ستصبح أكبر عملية طلاق مكلفة في التاريخ.
قضية طلاقه
وهنا ينشغل عالم المال والأعمال منذ أيام بأحدث حلقة في سلسلة طلاق أغنى أغنياء العالم، بعد أن أعلن بيزوس وزوجته ماكينزي بيزوس عزمهما الانفصال في تغريدة على "تويتر"، وقعاها باسميهما.
ومع ثروة ضخمة كتلك التي يمتلكها بيزوس، فإن اقتسام الثروة بالتساوي بين الزوجين سيجعل من ماكنزي، وهي روائية، وكانت من أوائل الموظفين في "أمازون"، أغنى امرأة بثروة تبلغ حوالي 69 مليار دولار.
ابتزاز بيزوس
والقصة الثانية، ما قاله بيزوس بأنها "محاولة ابتزاز" من صحيفة "ذا ناشونال إنكوايرر"، مدفوعة بتحريض من حكومات لتشويه سمعته، وهي تتبع الصحيفة ذاتها التي ارتبطت بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ودفعت أموال لامرأة تقول بأنها كانت على علاقة جنسية مع ترامب مقابل التستر على القصة بمنع نشرها او دفنها وإخفائها إلى الأبد.
وكان خلاف قد تطور خلال الأيام الماضية، بين بيزوس، وبين رئيس شركة "أمريكان ميديا"، وناشر مجلة "ناشونال إنكويرر" ديفيد بيكر، الذي هدد بنشر صور فاضحة لبيزوس ما لم يوقف التحقيق في كيفية حصول مجلة الفضائح على لقاءاته الخاصة مع صديقته.
وألمح بيزوس، في تدوينة موقع "ميديم"، إلى أن الهجمة التي طالته من قبل بيكر تعود إلى انتقادات صحيفته "واشنطن بوست" للرئيس ترامب وللسعودية، معتبرا أن رئيس "أميركان ميديا" عمد إلى إنتاج "صحيفة موالية للسعودية"، وفق توصيفه.
واتهم في المنشور المذكور "أمريكان ميديا" بتهديده بنشر صور خاصة به، ما لم يقم بالإدلاء بتصريح علني يؤكد فيه أن الدافع وراء ما نشرته "إنكويرر" لا يرجع إلى مخاوف سياسية.
وتخضع "أمريكان ميديا إنك"إلى اتفاق مع السلطات الأمريكية، يقضي بتجنيب الشركة أي ملاحقات قانونية لمدة ثلاث سنوات، في مقابل تعاونها الكامل مع المحققين في قضايا تتعلق بترامب. لكن هذا الاتفاق ينص بوضوح على أنه في حال تورط الشركة مرة أخرى في أي أعمال غير قانونية فستتعرض للملاحقة.
لكن محامي "أمريكان ميديا"، قال في لقاء مع شبكة "أيه بي سي" الأمريكية، إن القضية ليست سياسية بالمرة، وأن الشخص الذي سرب تلك المقاطع الحميمية والجنسية لجيف بيزوس، والرسائل النصية المتبادلة شخص معروف جدا لهما، وبأنه لن يكشف من المصدر.
وقال المحامي: "أمريكان ميديا، لا تخوض أبدا حروبا بالوكالة سواء عن السعودية أو حتى بسبب موقف "واشنطن بوست" من أي قضية لها علاقة بالسعودية (أزمة مقتل جمال خاشقجي)". وهو ما نفته السعودية أيضا على لسان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير.
وتشير قضية تسريب صور خاصة من هاتف بيزوس إلى أنه "لا أحد بمنأى عن الاستغلال الإلكتروني"، بحسب خبراء، مهما وصلت ثروته ونفوذه وتأثيره، وبأن الدول والسياسيين سيلاحقون من يكشف عيوبهم وانتهاكاتها، وينتهكون خصوصيته لجره من جديد إلى "بيت الطاعة".
لكن رجل بثراء ونفوذ بيزوس لم يتوقف كثيرا أمام "ناشونال إنكويرر" وبدأ بالرد وبإطلاق النار بكثافة باتجاه من يقف وراء التسريب، ولم يكن بوابل من الرصاص، لكن عبر صفحات وموقع صحيفته "واشنطن بوست".
وبدا بأن بيزوس اتخذ موقفا شجاعا برفضه الخضوع لشروط "ناشيونال إنكوايرر" ومن يقف خلفها، حين توجه نحو شبكة الإنترنت للدفاع عن نفسه، وهو يتمتع بموارد وقدرات هائلة، ولذلك فهو مستعد للدخول في مواجهة مع المجلة، من أجل اكتشاف الطريقة التي حصلت بها على رسائله الشخصية وصوره.