هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أربكت صفحات على موقع "فيسبوك" السلطات الأردنية بعد نشر أخبار حول تورط مسؤولين أردنيين في "قضية الدخان"، الأمر الذي دفع الحكومة الأردنية للكشف عن هوية صاحب ومكان صدور إحدى الصفحات، واتهامها بتقديم أخبار "مفبركة".
ولوحت مديرية الأمن العام الأردني باتخاذ إجراءات قانونية بحق صفحة Jordan law على موقع "فيسبوك"، التي يملكها شخص يدعى عبد قطيشات، وهو مواطن أردني يقيم في ألمانيا، كما تقدم محامو رئيس الوزراء الأسبق عبدالله النسور بدعوى قضائية بحق صاحب الصفحة.
حرب على الشائعات
بدأت الشائعات في الانتشار في منتصف تموز/ يوليو 2018، بعدما كشفت السلطات الأردنية النقاب عن قضية "تهريب وتزوير السجائر"، ورغم خروج الحكومة والحديث عن تفاصيل القضية، إلا أن الشائعات لم تهدأ عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتداول أردنيون أخبارا عن امتلاك المتهم الأول الهارب في القضية لمقاطع فيديو ماجنة لمسؤولين أردنيين.
وخاضت السلطات الأردنية حربا ضد الإشاعات، وتنشئ منصات رسمية "حقك تعرف"، "بخدمتك"؛ لدحض الإشاعات وتقديم الأخبار للمواطنين، إلا أن الشائعات بقيت مستمرة، وطالت مسؤولين في مواقع مختلفة.
اقرأ أيضا: الشائعات تضرب الأردن.. والملك يدعو لمواجهتها
وتحاول الحكومة تغليظ العقوبات القانونية على مروجي الإشاعات، إذ يتضمن المشروع المعدل لقانون الجرائم الإلكترونية بندا يجرم نشر الأخبار الكاذبة والإشاعات، إلى جانب بنود أخرى في قانون العقوبات.
المحامي محمد قطيشات، مدير هيئة الإعلام، المستشار القانوني لرئيس الوزراء، يرى أن السلطات الأردنية تملك الحق قانونيا لمحاسبة مروجي الإشاعات من خارج البلد؛ لما تسببه من إساءة لبعض الأشخاص، إلى جانب التأثير على سير العدالة، سواء في أثناء التحقيق أو خلال سير المحاكمة لانتهاك قانون حرمة المحاكم.
وقال القطيشات لـ"عربي21": "قانون العقوبات الأردني لم يعاقب على نشر الشائعات والأخبار الكاذبة التي تنشر داخل المملكة في أوقات السلم، لكنه يعاقب على نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة في زمن الحرب، أو عند توقع نشوبها، أو الذي ينشر أخبارا خارج المملكة. وقانون الجرائم الإلكترونية أيضا لا يعاقب على الشائعات في مثل ما ذكرت سابقا، لكن التعديل الجديد يعاقب على ذلك، ويمكن الحصول على حكم وتنفيذه إذا وجدت اتفاقيات تسليم مجرمين واتفاقيات قضائية أو إنتربول" .
مصادر خارجية
ولجأ أردنيون لاستقاء المعلومات عن بلادهم من معارضين يعيشون في الخارج، بعد أن لامس هؤلاء المعارضون خطوطا طالما اعتبرت حُمرا في الأردن، ووجهوا سيلا من الانتقادات لسياسات البلاد الداخلية والخارجية وطريقة الحكم، مستخدمين منصات التواصل الاجتماعي، خصوصا "فيسبوك"، ومحققين مشاهدات كبيرة.
اقرأ أيضا: شخصيات أردنية في الخارج ترفع السقف.. معارضة أم "نشطاء"
أزمة ثقة
وتعتبر الكاتبة عطاف الروضان، أن إقبال الناس على المصادر الخارجية في الأخبار يأتي بسبب "وجود قناعة لدى أردنيين أن الفساد في البلاد وصل إلى مستويات عليا، وبالتالي هم فاقدون للثقة بأي تصرف إيجابي أو محاولات من الحكومة لإظهار حسن النية في مكافحة الفساد".
تقول لـ"عربي21" إن "سبب التشكيك في الرواية الحكومية يأتي بعد سنوات من الإجراءات الحكومية التي سببت وجود هوة ما بين المواطن الأردني وما بين الحكومة، حتى ما بين أعلى المستويات في صنع القرار وصولا إلى الديوان، الذي كان دائما ملاذ الأردنيين والحائط الذي يستند عليه المواطن الأردني مهما كان شكه من فساد الحكومات، لكن للأسف نتيجة كثرة الإشاعات وكثرة الأخبار فقد الناس الثقة، ولم يعودوا يعرفون ما هو الصحيح".
وتستغرب "عندما الحكومة حاولت أن توجد منصات تبرر أو تشرح
أعمالها، وتشرح إنجازاتها كانت هذه المنصات غير متابعة؛ لأنه الثقة غير موجودة،
فكيف لك أن تجلب مواطنا لصفحة أو منصة، وتقول له إنك فعلت كذا، وأساسا الثقة بك
معدومة، خصوصا أن الأخبار التي تسربت خلال صفحات فيسبوك الخارجية تتقاطع تماما مع
توقعات الناس وشكوكهم".
الحكومة
الأردنية وعدت المواطنين بالشفافية والعلانية في قضية تهريب وتزوير علامات تجارية
للسجائر، ونشرت محكمة أمن الدولة الخميس الماضي تفاصيل مثيرة في لائحة الاتهام
للمتورطين في ما يعرف بـ"قضية إنتاج وتزوير الدخان"، وبينت اللائحة تلقي
مسؤولين سابقين آلاف الدنانير رشاوى أثناء فترة عملهم؛ للتغطية على المتهم الأول في
القضية عوني مطيع.
إلا
أن ذلك لم يرو عطش الأردنيين لمزيد من المعلومات، والمطالبة بمزيد من المحاسبة، في
ظل أزمة الثقة بالرواية الحكومية.
الإعلامية
عروب صبح من أبرز الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن، تتفق مع
الروضان في وجود أزمة ثقة قامت صفحات فيسبوك بسد هذه الفجوة، حتى لو لم تكن أخبارها
موثوقة.
تقول
لـ"عربي21": "الناس أقبلت على تلك المنصات الإخبارية؛ كون
الأخبار التي تخرج من الحكومة ليست كافية وشافية لهم، خصوصا أن كبر الفساد في قضية
الدخان توحي أن عدد المتورطين كبير جدا، لكن هذا لا يعني أن تداول الناس لهذه الأخبار أنهم يثقون بهذه الصفحات بقدر ما هو يأتي أيضا في محاولة للضغط على الحكومة وصانع
القرار لبث مزيد من المعلومات".
وكان
رجل الأعمال، عوني مطيع، غادر الأردن في تموز/ يوليو الماضي إلى لبنان، ومنها إلى
تركيا، وذلك بعد إحالته إلى محكمة أمن الدولة في قضية تهريب وتصنيع دخان وتزييف
علامات تجارية، في قضية تعد الأضخم من هذا النوع في المملكة.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أدرج الأردن عوني مطيع على لائحة
"الإنتربول"، وجاء الإدراج بناء على مذكرة حمراء وجهها مدعي عام محكمة
أمن الدولة الأردنية لإدارة الإنتربول، من أجل إدراج مطيع على قوائمه، وجلبه للمثول
أمام القضاء ضمن لائحة اتهام تضم 30 شخصا.
وأعلنت الحكومة الأردنية تسلّم المتهم البارز عوني مطيع، من قبل
السلطات التركية، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد ملاحقة قضائية دامت عدة شهور.