هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا ملك الغابة برلمان الغابة إلى جلسة طارئة. وكانت الغابة قد انتخبت ممثلاً لكل جنس من أجناس الحيوان والطير فهم يوزعون، بالتصويت الطبيعي، وفقاً لقانون البقاء للأقوى، الذئب من الذئاب والظبي من الظباء، وليس مثل البلاد العربية التي انتخبت رؤساءً عجباً حسب قانون الصعود للأقبح: رئيس علوي لشعب من السنة! ملك فاسق لشعب تقي! جنرال مغرور متقاعد لشعب طيب واقف! رئيس في أرذل العمر لشعب في ريعان الشباب!
فتداعت وحوش الغابة وطيورها من ضباع وذئاب وبنات آوى ونسور قشاعم وبلابل ونعام، واجتمعت، وقررت تأسياً بخليفة الله في الأرض، مواكبةَ تطورات المعاش والمعاد، تأسيس وزارة جديدة في الغابة.
قدّم الهدهد تقريراً بحال البشر فنهض، وقال:
تحوّل الخيال إلى واقع عندما حذت بلدان عدة حذو دولة "الأخ الأكبر" في رواية جورج أورويل، وظهرت وزارات غريبة مثل "وزارة السعادة" في مملكة بوتان، على مبادئ البوذية، بعدها بأربعة عقود تقريباً اقتدت دولة الإمارات العربية المتحدة بوزارة دولة البوتان السعيدة، وأنشأت الهند "وزارة اليوجا"، وبورما "وزارة القانون والنظام" في ميانمار لتحسين صورة المجلس العسكري في الخارج بعد مجازر الروهينغيا، وأسست كوريا الشمالية "وزارة الدعاية والتحريض"، عملها استهداف المعارضة السياسية، وشنَّ الحرب على الأقليات العرقية. وقد تكون "هيئة الترفيه" السعودية التي يشرف عليها سليل الأسرة الدينية، مؤشراً للفردوس الأرضي الذي سعت إليه أوروبا. وكان رئيس الهيئة قد دعا نجوم المصارعة والطرب والسينما وخفة اليد، إلى مهرجانات في البلاد المقدسة، كي تنسي الشعب ثقل يد السلطة، في الشارع والقنصليات.
نهض الثعلب وفي ذيله سبع لفات، وقال: نجوم خفة اليد؟ هل المقصود هو تعليم فنّ النشل من الشعب؟ فأمره ملك الغابة بالجلوس لحين دوره في الكلام، وحذره من الإخلال بقواعد النظام.
تابع الهدهد سرد تقريره، فذكر انقراض الدب السوري، وأخبرهم أنّ الرئيس السوري أنشأ "وزارة المصالحة الوطنية" لتعتذر من خلالها الضحية من الجلاد وتطلب الغفران.
رفع الفهد يده، فسمح له ملك الغابة بالكلام، فأحسن النثر والنظام: لو قامت كل وزارة بعملها على أتم وجه، ما احتاج الأمر إلى وزارة للسعادة ولا إلى وزارة مصالحة ومسامحة.
رفع الفهد يده، فسمح له ملك الغابة بالكلام، فأحسن النثر والنظام: لو قامت كل وزارة بعملها على أتم وجه، ما احتاج الأمر إلى وزارة للسعادة ولا إلى وزارة مصالحة ومسامحة
رفع قرد القردوح يده، وطلب الإذن بالكلام، فأحسن النثر والنظام: هؤلاء البشر الذين ينكرون أباهم آدم، ويدّعون أني جدهم الأول، أولى بهم إنشاء وزارة للانتصار يكون عملها الرد على العدو في الوقت والزمان المناسبين
وسيلة الانتقال الوحيدة للرؤساء من العرش هي الدبابة في القدوم، وعربة المدفع في الرحيل
قال الثعلب: مولاي لن نقع على السعادة ونذوق أطايبها إلا بإعدام الإنسان. انظر إلى المآسي التي سببها هذا الكائن الشرير، الغابات تنحسر بمعدل ملعب كرة قدم كل ثانية، وثقب الأوزون يتسع، والأمراض الفتاكة تضرب الكوكب.. يجب أن نعدم الإنسان بعدها ستحس غابتنا بالسعادة والسرور، لننشئ وزارة تكون مهمتها إعدام الإنسان.
أعجبت الفكرة الجميع، وطلب الملك التصويت برفع الأيدي، فرفع الجميع أيديهم موافقين باستثناء حيوان الكسلان الذي كان نائماً مثل أعضاء مجلس الشعب السوري، فأيقظوه، فوافق برفع يده، واستغرق رفع اليد عشر دقائق كاملة.
تعاونت مجموعة من الحيوانات والطيور، فخطفوا إنسانين، أحدهما من الشعب، والثاني من السلطة، وأحضروهما مكبلين أمام ملك الغابة، الذي حكم عليهما بالإعدام.
قال الملك لهما: نحن غابة عادلة، ويحكمنا قانون منصف اسمه قانون الغابة، ولسنا مثلكم أيها البشر، وهو قانون ثابت وليس مثل قوانينكم المطاطة، أنتم لا تستخدمون الرصاص المطاطي ضد الشعب، لكن تستخدمون الدساتير المطاطية للرؤساء.
تحكمون بالوطنية وتتهمون الوطنيين بتوهين روح الأمة وإضعاف الشعور القومي، وتقتلون المصلحين والصالحين بقانون مكافحة الإرهاب. سنعدمكم من غير تعذيب، ولكل واحد منكم رغبة أخيرة.
سأل ملكُ الغابة المواطن عن رغبته الأخيرة، وأقسم في نفسه أنه لو طلب العفو لعفا عنه.
نظر المواطن وقال بهدوء: أمنيتي هي أن أتوضأ من هذا النهر العذب، وأصلي ركعتين لله قبل الموت، في قلب الطبيعة.
نظر المواطن وقال بهدوء: أمنيتي هي أن أتوضأ من هذا النهر العذب، وأصلي ركعتين لله قبل الموت، في قلب الطبيعة
سأل الملكُ وزير المصالحة الوطنية عن رغبته الأخيرة فقال: رغبتي الأخيرة هي أن تحرم هذا المواطن الذي أوهن نفسية الأمة وأضعف الشعور القومي؛ من الصلاة.
كتبت سلحفاة، تضع نظارة "شرم برم كعب الفنجان"، وكانت أكبر الأعضاء سناً في برلمان الغابة، هذه الحكمة في فصل "الأحكام الذهبية في الجريدة الرسمية"، ملخصة الوقائع: إنّ حطب وزارات السعادة هو الحسد، وغاية وزارات المصالحة والمسامحة هي الانتقام. وقالت: كان الحسد سبباً في الهلاك والإهلاك فصار غاية نبيلة في عالم الإنسان الفتّاك.