هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "هارفارد يزنس ريفيو" الأمريكية مقال رأي للمحررة أليسون بيرد، تحدثت فيه عن الحيرة التي تشعر بها النساء إزاء خلق توازن بين وظائفهن وإيلاء الاهتمام الكافي لأطفالهن.
وقالت الكاتبة في مقالها الذي ترجمته
"عربي21"، إن الملايين من الأمهات العاملات حول العالم يعشن صراعا
مستمرا للتوفيق بين عملهن وواجبات الأمومة، وهو الأمر الذي يستنزف طاقتهن بشكل
كبير، وغالبا ما تطرح هذه الفئة من الأمهات أسئلة عما إذا بإمكانهن القيام بواجباتهن
كأمهات على أكمل وجه والتفوق في عملهن أيضا، فضلا عن السبيل لتحقيق هذه الغاية
المنشودة.
وأفادت بيرد أنه في الآونة الأخيرة، صدرت كتب تناولت
هذه المسألة الشائكة من وجهة نظر غير تقليدية، حيث أنها لم تسع إلى توفير النصائح
اللازمة لإدارة الوقت بشكل فعال أو كيفية توزيع المهام بين المنزل والعمل، خلافا
لذلك، فضلت هذه الإصدارات الحديثة الكشف عن إسهامات المعايير الثقافية والسياسات
الحكومية في تشكيل حياة الأمهات العاملات عبر الزمن وعبر المناطق الجغرافية
المختلفة.
وأوضحت
المحررة أن هذه الكتب قدمت رؤى عميقة للتحديات التي تواجهها الأم العاملة، وفي بعض
الحالات، توصيات حول طرق تسمح بتحسين الوضع عن طريق تظافر جهود كل الأطراف المعنية
بالأمر، وفي هذا الصدد، أشارت بيرد إلى كتاب "ماكينغ ماذرهود وورك" الذي
ألفته أخصائية علم الاجتماع، كيتلين كولينز، وقد أجرت هذه الأخصائية مقابلات مع
135 امرأة في العديد من الدول الغربية، على غرار السويد وألمانيا وإيطاليا
والولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرت بيرد أنه خلال هذه المقابلات، كشفت كولينز عن
هشاشة الوضع التي يعيشه عدد كبير من النساء، فعلى سبيل المثال، تقول سامانثا، وهي
محامية تعمل في العاصمة واشنطن: "قبل أن أنجب أطفالي، كنت أعتقد أن بإمكاني
القيام بكل شيء ويمكنني أن أكون في القمة، لكن، اتضح في نهاية الأمر أنني لا
أستطيع الحصول على كل شيء"، أما بالنسبة لدونيتا، وهي أستاذة تعمل في العاصمة
الإيطالية، روما، فقد ذكرت أن مستشارها المشرف على رسالة الدكتوراه نصحها بعدم
إنجاب أطفال، لأن ذلك سيعيق مسيرتها المهنية في المستقبل.
اقرأ أيضا: 8 ممارسات قد تدمر علاقتك بمولودك الجديد
وعلى الرغم من أن الأم السويدية تستفيد بشكل كبير من
إجازة الأبوة التي تمنحها الحكومة، وخيارات العمل بدوام جزئي، والثقافة التي تعزز
التوازن بين العمل والواجبات العائلية، إلا أن مهندسة تعمل في مدينة ستوكهولم
تعترف بتعرضها "لضغوط داخلية".
ونقلت بيرد عن كولينز أن هناك مصطلحات جديدة
استخدمتها النساء اللاتي أجرت معهن مقابلات في المدن الألمانية، على غرار ميونيخ،
وشتوتغارت، وهايلبرون، من بينها "مسيرة مهنية متغيرة" التي تشير إلى تغيير
الأم لمهنتها بصفة مستمرة، أو "الأم الغراب" وهو مصطلح يشير إلى الأم
التي تضطر إلى ترك صغارها في العش.
وكشفت بيرد أنه على الرغم من السياسات الحكومية
التقدمية التي تسعى إلى تحسين حياة الأمهات العاملات، بيد أن المعتقدات الثقافية
الموروثة لم تواكب هذه السياسات، وبالتالي، ينبغي أن تتماشى هذه المعتقدات جنبا
إلى جنب مع السياسات المتطورة، من جهة أخرى، ينبغي للمشرعين والمنظمات أن
يحذروا من العواقب غير المتعمدة لهذه السياسات، فعلى سبيل المثال، تعزز إجازات
الأمومة طويلة المدى فكرة أن النساء هن بالأساس الأطراف المسؤولة عن رعاية الأطفال.
وأوردت بيرد في هذا الخصوص أن الأستاذة في كلية لندن
للاقتصاد، شاني أورغاد، ضمنت كتابها الجديد "هيدنغ هوم" دراسة متعمقة
أجرتها مع 35 امرأة في المملكة المتحدة اضطررن للتخلي عن وظائفهن الواعدة لصالح
الأمومة وهن الآن يشعرن بالندم الشديد، وتعتقد أورغاد أن هذه الفئة من النساء تجسد
"أزمة واسعة النطاق تتعلق بالنوع الاجتماعي، والعمل، والأسرة في النظام
الرأسمالي المعاصر".
وتطرقت بيرد إلى كتابين جديدين وهما "إنسي
الحصول على كل شيء" لإيمي ويسترفلت، و"ميد" لستيفاني لاند اللذين
سلطا الضوء على القضايا المتعلقة بعمل النساء الأمريكيات ومحاولتهن توسيع نطاق هذه
القضايا لتشمل الأقليات والمثليين والأمهات اللاتي ينتمين إلى طبقات اجتماعية
مختلفة، والأهم من ذلك، يتضمن كلا الكتابين الرسالة نفسها وهي أن الأمهات
العاملات، لا سيما اللاتي ينتمين إلى الطبقة الفقيرة، غير قادرات على إحداث توازن
بين عملهن وأمومتهن دون تلقي الكثير من المساعدة من قبل الحكومة وأفراد العائلة
على حد السواء.
وفي الختام، شددت بيرد على أن التوتر والشعور بالذنب
الذي تشعر به الأم العاملة مسألة لا يمكن للمرأة حلها بمفردها أو حتى بدعم من زوجها،
ومساعدة المربية، والدائرة المحيطة بها من الأمهات، ورب العمل المتعاطف، أو
زملائها فحسب، بل يتطلب الأمر تظافر جهود مجتمع بأكمله (كما هو الحال في السويد)
لتخفيف الأعباء التي تثقل كاهل المرأة.