هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكّل المعاش الاستثنائي لرئيس الحكومة المغربية السابق، عبد الإله بن كيران، مادة دسمة أسالت المداد بين نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، بين مدافع عن المعاش باعتباره أمرا خاصا ومنحة ملكية، وبين رافض له بحجة تكريسه لـ"الريع المخزني".
وكان ابن كيران تحدث في لقاء جمعه مع أعضاء من شبيبة حزبه، ببيته بالرباط، الاثنين الماضي، عن وضعيته المالية والأزمة التي عانى منها، وقال إنه مرَّ مؤخرا بضائقة مالية، علم بها عدد من قادة حزبه، ليصل الخبر في النهاية إلى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، الذي تدخل في القضية، لافتا إلى أن قرار المعاش الاستثنائي الذي يستفيد منه جاء بقرار من الملك.
وأضاف: "لو كان الملك يرى أنني لا أستحق ذلك المعاش لما فعل هذا معي. المعاش ليس أمرا محرجا بل مشرف لي وللحزب، فأين المشكل؟ هذه خطوة مشرفة أنا أعتز بها".
وخصص العاهل المغربي، الملك محمد السادس، معاشا شهريا استثنائيا لرئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، قدر بنحو 9 آلاف دولار، بحسب ما تداولته منابر إعلامية محلية.
ثقافة الاستجداء
اعتبر الإعلامي المغربي المقيم بفرنسا، محمد واموسي، في تدوينة له على حسابه بـ"فيسبوك"، تخصيص الملك محمد السادس لمعاش استثنائي لرئيس الحكومة السابق، "تكريس لثقافة الاستجداء، والتوسل، والتواكل، والمنح، والعطايا"، مشيرا إلى أن هذا الأمر "لا يخدم صورة الدولة التي يحتكم فيها الناس للقانون وتكافؤ الفرص".
استمرار للدولة السلطانية
من جانبه، قال الناشط الحقوقي، خالد البكاري، إن "المزعج في قضية المعاش الاستثنائي ليس هو قيمته المالية، فالمبالغ المحصلة من الريع والفساد ونهب المال العام تفوق بأرقام فلكية ما سيحصل عليه بنكيران، ولكن هو منهجية منح هذا المعاش، التي تبعدنا بسنوات عن الدولة الحديثة".
وأضاف البكاري في تدوينة له على حسابه بـ"فيسبوك": "طريقة منح المعاش باعتباره هبة من ولي الأمر، والفقه التبريري الذي تسلح به بنكيران، يجعلاننا أبعد حتى عن الملكية التنفيذية، إنه استمرار للدولة السلطانية، المرتكزة على الحكم الفردي. السلطان يمنح المعاشات، ويعين، ويعزل. يمنح الأراضي والضيعات. يتكلف بعلاج بعض الرعية، وبدفن أخرى. تتأثر قرارات الدولة برضاه عن البعض، وبغضباته عن آخرين. إنه نظام الرعايا، لا المواطنين. نظام حيث ولي الأمر له صفات ألوهية. فهو المانح والقابض. الواهب والممسك. القاهر والرحيم. يسعى العبيد لنيل رضاه وتجنب سخطه. لا يسأل (بضم الياء) عما يفعل، ويسأل (بفتحها) عما يشاء...".
اقرأ أيضا: المغرب.. بنكيران يتهم "مندسين" بقيادة حملة إعلامية ظالمة ضده
وتابع: "للأسف هذا الإرث السلطاني يقبله الأصولي والحداثي. ويجدان له المبررات، باسم الخصوصية أو إمارة المؤمنين. لذلك فهو مؤتمن على الدين والدنيا، وناصر الأصوليين حينا، وحامي الحداثيين طورا".
الملكية البرلمانية والتنفيذية
من جانبه، قال المحلل السياسي، عبد الرحيم العلام، إنه من الطبيعي أن يرفض رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، الملكية البرلمانية ويفضل عنها الملكية التنفيذية.
وأوضح في تدوينة مطولة على حسابه بـ"فيسبوك": "نعم طبيعي جدا، وأكثر من الطبيعي أيضا، لأنه في الأنظمة البرلمانية لا يمكن للملوك أو الرؤساء أن يمنحوا تقاعدات استثنائية أو يوزعوا العطايا خارج القانون، ولا يمكنهم أن يعطوا ملّيما واحدا من ميزانية دافعي الضرائب خارج المساطر القانونية أو في إطار الاستثناءات".
فعل لاحق لفعل سابق
عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، منير جوري، يرى في قبول ابن كيران لـ"ريع استثنائي" ظلما في حق شعب تعيش فئات واسعة منه التهميش والفقر والهشاشة.
وقال جوري في تدوينة على حسابه بـ"فيسبوك"، إن "قبوله فعل لاحق لفعل سابق هو "العطاء الاستثنائي/الانتقائي" وهو سمة تطبع النموذج السياسي والاقتصادي المغربي".
وأوضح: "فالأمر لا يتعلق بابن كيران لوحده بل هم آلاف المستفيدين من نظام قائم على منطق الريع والعطاء وشراء الذمم والأصوات وحتى السكوت، تجدهم في السياسة والاقتصاد والإعلام والثقافة وغيرها".
وسجل القيادي في الجماعة: "فالعيب إذن عيبان، الأول في نظام الريع، والثاني في وجود القابلية له. ويتعاظم الثاني عندما يُقرن بالتبرير والشرعنة التي تستند إلى الأول"، وفق قوله.
بالمقابل، انبرى عدد من النشطاء للدفاع عن الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، معتبرين معاشه الاستثنائي مكرمة وهدية ملكية لا ينبغي ردها.
هدية ملكية
وقالت سمية نجلة ابن كيران عبر تدوينة على حسابها بموقع "فيسبوك"، إن الملك محمد السادس كان أرفق بوالدها من إخوته، والذي ما فتئ يكرمه بطيب القول وحسن الوصل، مضيفة أن والدها "قرر أن لا يرد هدية الملك".
ووجهت خطابها لمن وصفتهم بـ"الحاسدين المتتبعين" لهذا المعاش، بالقول: "لاحقوا نهاب المال العام د بصح ونساو عليكم ابن كيران".
رضا الملك
بدوره، قال عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، حسن حمورو، في تدوينة على حسابه بـ"فيسبوك" إنه "إذا كانت من إيجابية لخروج الأخ عبد الإله بن كيران معلنا استفادته من معاش استثنائي، فهي أن الجميع داخل حزب العدالة والتنمية وخارجه، تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن جلالة الملك ليس غاضبا عليه".
وأضاف أن ابن كيران "لم يكن صداميا مع الملك، بالصورة التي روجها الكثيرون خلال معركة "الولاية الثالثة"...!!"، وفق تعبيره.