هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال المعارض السوداني،
والقيادي بالجبهة الوطنية للتغيير، فرح العقار، إن "الحكومة السودانية يمكنها
احتواء الاحتجاجات التي اندلعت مؤخرا إذا ما نظرت إليها بمنظور المسؤولية الوطنية
التي تتجاوز الذات والمصالح الضيقة، وأدركت واعترفت أن الوطن في منعرج خطر يهدد
البناء الوطني في وحدته وبقائه".
وأكد، العقار في
تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن "عناصر الأزمة حقيقية وفعلية، وقد
ضربت كل أرجاء الوطن، وأرهقت المواطنين وأثقلت كاهلهم، وأن الراهن السوداني الماثل
الآن نتيجة إخفاقات متراكمة، وسياسات فاشلة، وفكرة آحادية، ومشروع سياسي آحادي
تكلس وانغلق وفقد القدرة على الإبداع والإنتاج".
وطالب الحكومة بسرعة
"العودة إلى منصة الحوار الوطني عبر مخرجاته ووثيقته الوطنية التي أصبحت عهدا
وعقدا بين مكونات الشعب السوداني التي وقعت على الوثيقة وشاركت مشاركة صادقة
وأمينة فيه إيمانا منها بأنه المخرج للبلاد من المعضلات والأزمات ".
وأضاف العقار: "هناك
عدّة أسباب وقضايا تجعل هذه التظاهرات مختلفة عن سابقاتها، أهمها الأزمة السياسية
وفي مقدمتها قضية الحرب التي تستنزف موارد كبيرة ومقدرة من الدخل القومي التي
تُصرف على تجييش الشعب بمسمياته المختلفة والتسليح والمعدات والمهمات والتدريب
والبدلات، وتوسعة قوات الشرطة واحتياجاتها وقوات الأمن الوطني التي تضخمت هي
الأخرى".
إقرأ أيضا: سفير الرياض بالقاهرة ينفي حديثا أيد فيه احتجاجات السودان
كما أرجع أسباب الأزمة
إلى أن "مناطق الإنتاج تحولت إلى مسارح عمليات والمنتجين إلى نازحين ولاجئين
وأرامل وأيتام وجرحي ومعاقين، وقوانين الطوارئ التي عانت منها مناطق النزاع في
النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور.
وهو الأمر الذي دفع
بالمواطنين للهجرة إلى مدن السودان الأخرى خاصة العاصمة القومية، والتي يعيشون
فيها حياة استثنائية غاية في الصعوبة يفتقرون فيها مقومات الحياة اليومية الأساسية
مع ضيق فرص العمل والكسب المعقول، مما دفع بهم للأعمال الهامشية وأعمال أخرى تهدر
كرامة الإنسان وتحط من قدره".
وأردف القعار : "هذه
الظروف خلقت حالة من الغبن والإحباط والشعور بالظلم والفوارق الطبقية بينهم وبين
الأخرين، وكذلك قضايا الأراضي، والحواكير، وضحايا السدود، والمهجرين، وضحايا
الصالح العام، والبطالة والعطالة، وضحايا الخصخصة، وانهيار مشاريع مؤسسات الدولة
الريعية والفساد الذي ضرب مفاصل الدولة، وتقييد الحريات العامة والأساسية بما يحفظ
للنظام الانفراد بالساحة السياسية واحتكار القرار السياسي، وضحايا التعدين الأهلي،
والشح في النقود والخبز والوقود والدواء، والغلاء الفاحش الذي هزم الشعب".
وحول وصف البعض
للمظاهرات الحالية بأنها ثورة حقيقية، قال العقار: "هي ما زالت احتجاجات،
ولكن عناصر ومكونات الثورة متوفرة إذا تجاهلت الحكومة مطالب الشعب لتغيير الراهن
السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي".
وانتقد طريقة تعامل
السلطات السودانية مع المحتجين، مؤكدا أنها "طريقة تنقصها الحصافة، وغلب
عليها التوتر وضيق الصدر والانفعال والإسهاب في توزيع الاتهامات والتقريع
والاستهانة بشركاء الوطن".
ولفت إلى أن
"المعالجة الأمنية لم ولن تجدي، لأن المشكلة سياسية وحلها سياسي، وأي حديث عن
وجود مؤامرة خارجية محاولة لنفي أن أسباب الأزمة حقيقية وواقعية"، واصفا موقف
الجيش السوداني بأنه "موقف طبيعي وعادي ودون ذلك استثناء".
وشدّد على أن "أي
وعود للإصلاح من الحكومة لوحدها لن تجد ثقة أو قبول من الشعب، لأن الشعب يدرك أن
الحكومة عاجزة عن القيام بالإصلاح لوحدها، ولا تستطيع بمفردها تغيير هذا الواقع
المأزوم"، مؤكدا أن خطاب الرئيس عمر البشير لم يجد تفاعلا أو تجاوبا من
الشعب، بحسب قوله.
ورفض بشدة وصف البشير
للقائمين على المظاهرات بأنهم "خونة وعملاء ومرتزقة"، قائلا:"
بالقطع هم ليسوا كما وصفهم الرئيس، بل هم شركاؤه في الوطن، ولهم رؤية مختلفة عنه
في كيفية حكم وإدارة الوطن، وهذا الاختلاف لا يرقي إلى درجة الخيانة والعمالة
والارتزاق".
إقرأ أيضا: الحزب الحاكم بالسودان: سحب ترشح البشير أمر يخصنا وحدنا
وأوضح العقار أن
"القوي السياسية المعارضة والمؤيدة للنظام تؤكد بأن الأزمة حقيقية، ولكنها
تختلف في رؤيتها النهائية، من حيث الإسقاط أو التغيير أو بقاء الوضع على ما هو
عليه".
ونفى ما تردد حول وجود
صفقة بين رئيس حزب الأمة المعارض، الصادق المهدي، والنظام، مؤكدا أن المذكرة التي
تقدم بها "المهدي" لإنهاء الأزمة تعبر عن موقف تحالف "نداء
السودان"، الذي يترأسه، وهو موقف للتغيير وليس لإسقاط النظام بالقوة.
وبشأن استمرار بقاء
عبد الرحمن، نجل الصادق المهدي، كمساعد للرئيس السوداني، قال:" وجود
عبدالرحمن في المنصب ليس بقرار من حزب الأمة القومي إنما بقرار شخصي وقناعة شخصية
من عبدالرحمن نفسه، وهو من يحدد بقاءه في المنصب أو مغادرته".
وأشار المعارض
السوداني إلى أنه "ليست هناك رؤية مشتركة بين القوى السياسية لنظام بديل؛ فكل
تحالف أو جبهة لها رؤية، ولكن المساعي مستمرة لتوحيد الرؤى في رؤية مشتركة".
وذكر أن
"الإجراءات التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني ساهمت في تفاقم الأزمة، وخاصة
إبرازها ميزانية العام السابق وما ترتب عليها، وأداء هذه الحكومة ضعيف والدليل على
ذلك هذا الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد الآن".
وأكد أن "من أبرز
إنجازات حكم عمر البشير تأسيسه لنظام الحكم اللا مركزي رغم نقاط الضعف التي تعتري
هذه التجربة، وأن من أبرز نقاط ضعفه استمرار الحروب والنزاعات القبلية وتفشي
الفساد".
ورأى العقار أن
"المسار الأفضل للخروج من الأزمة الحالية هو مسار الحوار والتفاوض لإحداث
التغيير المنشود"، مشدّدا على أن "تلك الاحتجاجات ستؤدي إلى تغيير في
المشهد والأداء خلال الفترة المقبلة".