هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وصف سياسيون ومختصون عام 2018 بأنه كان عام التصفيات السياسية لخصوم رئيس نظام الإنقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي، مؤكدين أن العام الذي بدأ هادئا سرعان ما شهد سخونة تلو الآخرى، ليصل السيسي لمحطة الربع الأخير من 2018 وقد تخلص من إزعاج خصومه السياسيين والعسكرين.
ويرى المختصون الذين حللوا أحداث 2018 لـ "عربي 21" أن اعتماد السيسي على قوته الغاشمة المتمثلة في المخابرات الحربية ووزارة الداخلية، وسيطرته الكاملة على الإعلام، أمور مكنته من تصفية خصومه سياسيا واعلاميا، وساعده في ذلك حالة التشرذم التي تعيشها اللأحزاب والقوي السياسية.
ويحدد الباحث والكاتب السياسي أحمد الشافعي لـ "عربي 21" أبرز المحطات التي قام بها السيسي تجاه تصفية خصومه، والتي بدأت قبل الذكرى السابعة لثورة 25 يناير بيومين، باعتقال الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، والذي كان وقتها مرشحا محتملا للانتخابات الرئاسية، وبعده بأيام اعتقال نائبه المحتمل المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق.
ويري الشافعي أن السيسي اختار التوقيت بعناية فائقة، وبشكل أعاد للأذهان العهد الذهبي لحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق الذي استخدم البلطجية كسلاح فاعل في مواجهة خصوم نظام مبارك، موضحا أن اختيار توقيت تصفية عنان، تزامن مع ذكرى ثورة يناير التي يعاديها السيسي بشكل كبير، وهو أراد بذلك أن يغلق صفحة التغيير الثوري التي كان يعول عليها البعض.
اقرأ أيضا: أبو الفتوح يصل إلى النيابة في حالة إعياء شديد
ويستكمل الباحث السياسي بأن المحطة الثانية كانت في منتصف شباط/ فبراير باعتقال رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح واتهامه بالدعاية لجماعة الإخوان المسلمين ونشر أخبار كاذبة في وسائل معارضة، وقد أراد السيسي بهذا الاعتقال غلق الباب أمام أي تحرك شعبي أو جماهيري يكون تيار الإسلام السياسي طرفا فيه، حتى لو كان هذا التيار من مؤيدي انقلابه في السابق.
ووفقا للشافعي فإن الضربة القاضية لمنافسي السيسي كانت بإقالة وزير الدفاع صدقي صبحي في مخالفة واضحة للدستور الذي وضعه السيسي من أجل تحصين منصب وزير الدفاع، وهي الإقالة التي استتبعها عزل صبحي عن الحياة السياسية والعسكرية رغم تعيينه مساعدا للسيسي.
ويري الشافعي أن اعتقال صدقي صبحي تحديدا كان بمثابة رسالة واضحة من السيسي بأنه الأوحد داخل المؤسسة العسكرية، بعد الحياة السياسية، وأن الولاية الثانية له ستكون بلا مجاملات أو دفع فواتير لصالح شركائه بالإنقلاب، ومن هنا كان ضربته الأخيرة في هذا العام وتحديدا في 23 آب/ أغسطس باعتقال السفير السابق ورئيس التيار الشعبي معصوم مرزوق لدعوته بالتواجد بميدان التحرير للبحث عن مخرج، من خلال مبادرة طرحها للرأي العام لحلحلة للوضع السياسي المتأزم.
عام الحسم
وطبقا لتقييم الباحث في علم الاجتماع السياسي سيف المرصفاوي لـ "عربي 21"، فإن السيسي كان واضحا منذ البداية في خوض الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية بشكل منفرد، ولم يتلفت للانتقادات السياسية الداخلية والخارجية التي كانت تري أن الانتخابات عبارة عن ديكور، ولم تكن بها منافسة حقيقية.
اقرأ أيضا: كاتب مصري يكشف مصير "سامي عنان".. يصارع الموت
ووفقا للمرصفاوي فإن الأحزاب والشخصيات السياسية التي أرادت المنافسة، قرأت المشهد بطريقة خاطئة أو ساذجة، في ظل قناعتها بأن هناك ما يمكن تسميته بمنافسة انتخابية حقيقية، وأن السيسي يمكن أن يتنازل عن منصبه لصالح آخرين، ويضع قبل اسمه لقب رئيس سابق، بينما كانت كل الدلائل تشير إلي أنه باق ليس لعام 2022 وإنما لما بعده أيضا.
وحسب الباحث بعلم الاجتماع السياسي فإن السيسي عندما قرر تصفية خصومه ومنافسيه السياسيين لم يكن ينظر فقط لانتخابات 2018، وإنما كان يؤسس للمرحلة التي بعدها بما يضمن استمراراه في منصبه إلي ما لا نهاية، وبالتالي فإنه يدخل لعام 2019، وقد هندس طريق التعديلات الدستورية بالشكل الذي يجعله يتجاوز بأريحية المواد الخاصة بمدد الرئاسة أو فتراتها المحددة وفقا للدستور.
ويتوقع المرصفاوي أن يكون 2019 حاسما فيما يتعلق باستمرار السيسي في منصبه لما بعد 2022، بأشكال مختلفة، حتي لو أدى ذلك لتعطيل العمل بالدستور وليس فقط تعديله، باعتبارها معركة مصيرية لبقاء السيسي، إلا أن ذلك بالوقت ذاته قد يدفع الخيارات الآخرى لمسارات يمكن أن تهدد هذه المخططات، ويكون لها تأثيرات واسعة على الحياة السياسية والمجتمعية بمصر.
اقرأ أيضا: حكم عسكري بالسجن 5 سنوات ضد هشام جنينه.. وهذه تهمته
وحول تلك الخيارات التي يتوقعها يشير المرصفاوي إلى أن تجريف الحياة السياسية من الرموز السياسية، أو الشخصيات المؤثرة، والمنافسة للسيسي، لا شك أنها تمثل مكسبا خاصا له، ولكن غيابها يجعل أي حركة احتجاج بدون وجود رأس توجهها، حركة لا إرادية، يمكن أن تؤدي للفوضى والتدمير، وهو ما سيكون له تأثيرات على السيسي قبل غيره، وبالتالي فإن ما يحذر منه السيسي باستمرار بأنه قام بانقلابه حتي لا تتحول مصر لسوريا أو ليبيا أو اليمن، لن يكون لها محل من الإعراب وسيكون هو من أكبر الخاسرين نتيجة حالة الانسداد السياسي التي صنعها بنفسه.