قال الباحث في الفكر
الإسلامي السياسي، توماس باركر، إن تفكير بعض العلماء المسلمين المقربين من الحكام
تشوبه ازدواجية كبيرة، ضاربا على ذلك مثالا بالشيخ عبد الله بن بيه، وتلميذه الشيخ
حمزة يوسف.
وفي مقاله على
"
تي أر تي وورلد"، قال باركز إنه في الأسبوع الماضي ، اختتمت
الإمارات
العربية المتحدة المنتدى السنوي الخامس لتعزيز السلام في المجتمعات الإسلامية ، مع
عدد من العلماء المسلمين ، والزعماء الدينيين من مختلف الأديان وصانعي السياسة الغربيين.
وشار إلى أن "المفارقة في منتدى للسلام في
الإمارات كانت واضحة. الإمارات جزء من تحالف يجوع حاليا اليمن ، مما تسبب في مجاعة
تصل إلى 12 مليون شخص ، وفقا للأمم المتحدة ، إلى جانب اتهامات بارتكاب جرائم حرب
هناك".
وتركزت العديد من ردود الأفعال عبر الإنترنت
حول التعليقات التي لا تصدق التي أدلى بها الشيخ الأمريكي الشهير حمزة يوسف من
الذي أشاد بالتزام الإمارات العربية المتحدة بالتسامح ، أشار إلى أن "لديهم
وزارة التسامح ... إنهم ملتزمون بالمجتمع المدني".
إن الأمر الأكثر إثارة للصدمة حول هذا الاقتباس
بالنسبة للكثيرين ليس الازدواجية
فحسب، بل الشخص الذي قال هذا الكلام.
كيف يمكن للشيخ حمزة يوسف، وهو رجل كبرنا ونحن
نستمع لكلماته ويحظى باحترام كبير، هو وأستاذه عبدالله بن بيه، وهو باحث إسلامي
رفيع، أن يكون مرتاحا بهذا الشكل وهو يكيل المدح لدولة مثل الإمارات.
وتابع: "بالنسبة لكثيرين فالوضع الافتراضي هو فصل هذه الشخصيات
الدينية عن السياسية، لكن هذا يعني تجاهل الخبرة الطويلة للشيخ بن بيه في السياسة".
ويضيف: "لقد كان الشيخ عضوا في مجلس الوزراء واللجنة الدائمة
لحزب الشعب الموريتاني، ثم الحزب الحاكم لثماني سنوات، وتولى عددا من المناصب في
الدولة، ثلاثة منها كانت بمستوى وزير".
ولم يكن نجل الشيخ بن بيه بعيدا عن السياسية، إذا تم تقديمه في
المنتدى السابق بأنه "سياسي".
ولا يمكن في حالة الشيخ بن بيه عزل حديثه عن فكره السياسي وسياق
حياته، فهو رجل يتمتع بخبر عميقة في السياسة، وهو مدرك تماما لآثارها الواقعية.
ويتابع باركر: "ترتبط الكثير من
لهجته بعالم ما بعد الربيع العربي ، وتركز دعوات الشيخ بن بيه على "السلام
قبل العدالة" ورفع مبدأ "لا خروج على الحاكم".
وفي المنتدى الأخير، قال بن بيه إنه: "في
المجتمعات غير المستعدة، الدعوة إلى الديموقراطية، هي دعوة للحرب"، ولو أتى
هذا التصريح من معلق غربي، لكن وسم على الفور بأنه "مستبد".
ويريد بن بيه القول في الأساس أنه لو أدركت
شعوب المنطقة أنها غير مستعدة للديموقراطية، وأطاعوا حكامهم الذين يحكمون منذ زمن
طويل، لما حدث أي من هذه الفوضى وسفك الدماء.
ويتابع: "يسيء كلام بن بيه للأسباب التي
انطلق من أجلها ما سمي بالربيع العربي، ويضيف الشرعية الدينية للثورات المضادة
الخفية التي شنتها الأنظمة الاستبدادية".
ويشبه السلام الذي يتحدث عنه المؤتمر تماما
السلام الإسرائيلي بما يخص الفلسطينيين، "سلام عنيف مضلل"، بحسب المقال.
ويرى بن بيه في أحد كتبه أن العنف مرده شيء
واحد هو "الأيديولوجيا"، ويُقصد بالأيديولوجية هنا شيء واحد "الإسلام
السياسي".
أما الشيخ حمزة، بحسب باركر، فيرى أن الإسلام
السياسي تأثر بالماركسية، فجعل المؤمنين به يبحثون عن "اليوتوبيا"
والمثالية على الأرض، رغم أن المسلم "الحقيقي" يعرف أن الكمال موجود في
الجنة فقط، وليس على الأرض.
وبطبيعة الحال، هذا التفكير مناسب للغاية
للسلطات، إذا يمكننها بهذه الطريقة مناقشة أضرار تنظيم الدولة في العراق، دون
وضعها في سياق الغزو الأمريكي للبلاد.
ويتابع: "هذا التركيز على الأيدولوجية
باعتبارها مصدر العنف، لتقويض فكرة الربيع العربي، يفسر تحالف الإمارات العربية
المتحدة، والمملكة العربية السعودية مع إدارة ترامب".
وعودة إلى الازدواجية، وصف الشيخ حمزة يوسف
ترامب بأنه خادم لله، لكنه لم يعلق بنفس الوقت على منع المسلمين من الدخول
للولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي أيدته الإمارات.
ويضيف: "على جانب آخر، يستخدم غول
"الإسلاميين" لتبرير الانتهاكات التي تحدث ضد المسلمين في الغرب".
ويختم الكاتب بأن بن بيه يؤمن بأفكاره بأن
السلام في المنطقة لا يمكن تحقيقه إلا عبر "الاستبداد" الذي يبديه
الحكام.