هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خرجت بعض الأصوات من جهاز النيابة العامة للرد على حزب العدالة والتنمية (يقود حكومة المغرب)، بعد أن رفض الحزب قرار متابعة القيادي في صفوفه عبد العالي حامي الدين بتهمة "المساهمة في القتل العمد"، لتعلن دخول الملف مرحلة جديدة من التوتر.
وكانت قيادة العدالة والتنمية قد أعلنت في بلاغ رسمي هذا القرار "شكل مسا بليغا بقواعد المحاكمة العادلة وسابقة تهدد استقرار وسيادة الأحكام القضائية وتمس في العمق بالأمن القضائي".
وهبي.. الملف انتهى قانونا
وعلق رئيس السابق لفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب عبد اللطيف وهبي، على هجوم النيابة العامة على حزب العدالة والتنمية، "لا وجود لموقف رسمي للنيابة العامة، ما يجري تصريحات فردية وتسريبات من مصادر قضائية، لكن الأصل أن هذا الملف عرف حكما نهائيا حائزا لقوة لاشيء المقضي به وعلى الجميع احترامه".
وتابع في تصريح لـ"عربي21"، "لي خلاف سياسي مع عبد العالي حامي الدين، ولكن هذا لا يعني الانتصار لغير القانون، فالقانون وجد لحماية حقوق الجميع، بغض النظر عن الموقف السياسي منهم والقانون قال كلمته في النازلة، لذلك علينا احترام القانون".
اقرأ أيضا: وزير الدولة المغربي: متابعة حامي الدين انقلاب على العدالة
وسبق لوهبي تصريح لجريدة "العمق المغربي"، أن أعلن أنه"فوجئ وصدم بقرار متابعة حامي الدين بتهمة المساهمة في القتل العمد من طرف قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمدينة فاس".
وأوضح "أن قاضي التحقيق تحول إلى طرف في القضية، والمحامون سينازعون في مدى قانونية المتابعة".
وشدد على أن "تعليل قاضي التحقيق مخالف لدوره الأساسي كقاضي التحقيق في مراقبة حسن تطبيق القانون وحماية المتهم".
وبخصوص السؤال الذي وجهه لوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، اعتبر وهبي، أنه "متعلق بقضية حامي في جزء من السؤال، لكنه يشمل مبدأ احترام الأحكام القضائية في عدد من القضايا المشابهة بما يحتم على الحكومة الجواب عن سؤال أين يسير الوضع الحقوقي في البلاد".
وقدم القيادي في الأصالة والمعاصرة البرلماني عبداللطيف وهبي، سؤالا شفويا آنيا لوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان تحت عنوان "الوضع الحقوقي ببلادنا".
وسائل وهبي وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان عن "تقييمه للوضع الحقوقي ببلادنا، في ظل بعض المنزلقات القانونية التي تمس بمبدأ الحق في المحاكمة العادلة المبنية على مجموعة من المبادئ المتعارف عليها دوليا لحماية الحريات والحقوق، وخاصة في حق أولئك المواطنين الماثلين أمام القضاء".
خروج على الحياد
واعتبر عضو هيئة الدفاع عن عبد العالي حامي الدين، المحامي عبد الصمد الإدريسي، إن "حكيم الوردي نائب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء المكلف بملف حراك الريف يراد له الظهور المتواتر والذي اختار أن يوقع مقالاته السياسية بصفته عضو نادي قضاة المغرب، وهي إساءة لهذه الجمعية المحترمة، يسمح لنفسه أو تعطى له الإشارة ليرد مرتين متتالين على نفس الحزب السياسي كما يرد على وزير في الحكومة وعضو السلطة التنفيذية، وهو يعلم جيدا أن صفته وحساسية منصبه تلزمه الحياد وعدم التحيز لا مع ولا ضد أي جهة سياسية".
وتابع الإدريسي في تصريح حصل "عربي21" على نسخة منه، "فهل أصبحنا أمام منصب جديد اسمه نائب الوكيل العام مكلف بحزب العدالة والتنمية يقدم خدماته ويستكتب عند الحاجة إليه.. أم هي مجرد خفة غير محسوبة من الأستاذ الوردي؟".
وزاد "ثم هل وكيف اطلع الأستاذ الوردي على وثائق وتفاصيل ملف معروض على قاضي التحقيق في استئنافية فاس وهو يستعرض ما ضمه بين دفتيه من وثائق ومعطيات؟".
وأفاد "لقد قدم أجوبة وتفاصيل أو قدمت باسمه في موضوع وقضية اكبر منه بل حسم النقاش بشكل فج مبتذل في إشكالية قانونية تورط فيها قرار قاضي التحقيق".
وتابع الإدريسي "يبدو أن السيد محمد عبد النبوي أصبح مطالبا بتنبيه الأستاذ حكيم الوردي نائب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء إلى التروي في التعليق على أمور لا علم له بتفاصيلها، وتجده إزاءها "يهرف بما لا يعرف" كما قالت العرب، وهذا يسقطه في "القذف".. وما دام الأمر يتعلق بوزير سابق ومسؤول النيابة العامة الحالي، فإن ما ذهب إليه الأستاذ الوردي يعتبر قذفا في حق الوزير وكذا رئيسه الحالي".
وأوضح "لذلك نقول له كان عليك أن تتشاور مع رئيسك في النيابة العامة الذي كان يشتغل إلى جانب وزير العدل والحريات الأستاذ المصطفى الرميد، فهو يعلم علم اليقين هل للوزير علاقة بقرار الحفظ المذكور أم لا..".
وختم "هل أصبح عند مؤسسة النيابة العامة المحترمة ناطق رسمي أو غير رسمي اسمه حكيم الوردي تسند إليه مهمة الجواب على كل مخالف لأي من القرارات أو التفسيرات؟".
هجوم القضاة والنيابة العامة
ورغم تجنب العدالة والتنمية توجيه الاتهام إلى طرف بعينه في تحريك المتابعة بحق حامي الدين، فقد خرجت باسم "ائتلاف الجمعيات المهنية القضائية بالمغرب"، وتحركت النيابة العامة للرد من خلال مقالات.
ودعا بلاغ لـ"هيئة" تسمى "ائتلاف الجمعيات المهنية القضائية بالمغرب"، تم تعميمه على الصحافة، حصل "عربي21" على نسخة منه، إلى ندوة للرد على تصريح وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان.
اقرأ أيضا: "العدالة" المغربي يرفض متابعة حامي الدين ويشكل لجنة متابعة
وقال "ائتلاف الجمعيات المهنية القضائية بالمغرب ينظم ندوة صحفية عقب تدوينة مصطفى الرميد الأخيرة وذلك يوم الجمعة 14 كانون الأول ديسمبر 2018 بأحد فنادق الدار البيضاء على الساعة الرابعة بعد الزوال".
من جهته هاجم نائب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حكيم الوردي، موقف مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وبلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية.
ووصف حكيم الوردي، موقف قيادة العدالة والتنمية في تصريحات للصحافة، "انتهاكا جسيما لكرامة ونزاهة القضاء فضلا عن أجواء الشحن التي خلقتها الهبة والنفير الحزبي في مواجهة قرار قضائي".
وأضاف "قاضي التحقيق مؤسسة مستقلة، ومن يقول العكس عليه الإتيان بالدليل، وإلا فكلامه هو والعدم سواء".
وزاد الوردي، "إن المساهمة في مشاجرة نتج عنها وفاة ليست هي المساهمة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.. والمادة369 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الثانية واضحة مادامت تمنع المتابعة من جديد عند البراءة أو الإعفاء".
وتابع على" جميع الفرقاء السياسيين النأي بالقضاء عن التجاذبات ومحاولة إقحامه في كل مناسبة في التراشقات السياسوية.. القضاء لا شأن له بالسياسة".
وسجل على "الجميع أن يحترم أحكام القضاء ترسيخا لاستقلاليته في مرحلة انتقالية مهمة لا يمكن التشويش عليها بمنطق فئوي".
وتعود تفاصيل القضية إلى سنة 1992، حيث أودى صراع طلابي بين الإسلاميين واليساريين إلى وفاة الطالب اليساري "بنعيسى آيت الجيد"، اعتقل حامي الدين وأدين بسنتين نافذتين، قبل أن يستفيد من "جبر الضرر" في مرحلة "الإنصاف والمصالحة" تجربة (العدالة الانتقالية) في المغرب.