قررت جنايات القاهرة سماع أقوال مبارك بجلسة 26 كانون الأول/ ديسمبر- جيتي
لم تكتب للمواجهة الأولى بين الرئيس المخلوع حسني مبارك كـ"شاهد"، والرئيس محمد مرسي كـ"متهم"، والتي تحدثت عنها الصحافة المصرية طويلا، أن تتم؛ حيث تخلف مبارك عن شهادته بجلسة محاكمة مرسي، وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بالقضية المعروفة إعلاميا بـ"اقتحام السجون".
وحضر المحامي فريد الديب، وكيلا عن مبارك، أمام محكمة جنايات القاهرة ظهر الأحد، وادعى بطلان إعلان المثول أمام المحكمة، وقال إن موكله رجل عسكري ولا يجوز استدعاءه للشهادة إلا بأمر القضاء العسكري، وأن الحضور للشهادة أمر شخصي ومسألة متروكة لمبارك.
وقررت جنايات القاهرة سماع أقوال مبارك بجلسة 26 كانون الأول/ ديسمبر، وإعادة إعلانه وفقا لقانون المرافعات المدنية، بالقضية التي كانت محكمة النقض قد ألغت أحكامها، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، بـ"إعدام الرئيس مرسي، والمرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع، ونائبه رشاد البيومي، وعضو مكتب الإرشاد محيي حامد، ورئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني، والقيادي عصام العريان، ومعاقبة 20 متهما آخرين بالسجن المؤبد".
وأطاحت ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، التي شارك فيها الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، بحسني مبارك بعد 30 عاما من الحكم، وظل قيد المحاكمة بعدة قضايا بينها قتل المتظاهرين والتربح والفساد المالي، لمدة 6 سنوات قضى أغلبها بجناح بمستشفى المعادي العسكري، ليعود إلى منزله في آذار/ مارس 2017.
وعلى الرغم من علاقة العداء بين مبارك والإخوان إلا أن إعلام النظام العسكري الحاكم دأب مؤخرا على اتهام الجماعة بمساندة جمال مبارك كمرشح رئاسي محتمل بالبلاد بالانتخابات الرئاسية المحتملة في 2020، وكانت إحدى تلك الدعايات على لسان الكاتب الصحفي ياسر رزق، الذي قال في أيلول/ سبتمبر الماضي بأحد البرامج المتلفزة: "أخشى وجود صفقة بين جمال مبارك والإخوان لخوض انتخابات الرئاسة".
غياب مبارك عن الشهادة، وتقديم الديب الحجج التي ساقها، يدعو للتساؤل حول دلالات ذلك؟ وهل خالف القانون ويجوز القبض عليه لحضور جلسة المحاكمة وفقا للقانون؟ وهل يعتبر ذلك في صالح مرسي وقيادات الإخوان بالقضية؟
وهم المحاكمة وفي رده على تلك التساؤلات، يرى المستشار محمد سليمان، أن "تذرع الديب بطريقة الإعلان هو ذريعة لعدم رغبة مبارك في المثول أمام المحكمة ربما لأسباب صحية أو غيرها".
وحول الاجراءات المحتملة قال سليمان لـ"عربي21": "من الممكن للمحكمة أن تأمر بتغريمه لعدم المثول للشهادة، وبعدها إن لم يحضر تأمر بضبطه وإحضاره"، مشيرا إلى أن "هذه أمور شكلية ليست هي سبب عدم الحضور، ولو أراد لحضر".
القاضي سليمان، أضاف "أما كون حضور مبارك في مصلحة الرئيس مرسي من عدمه، فأقول: لا يوجد قانون ولا محكمة ولا محاكمة، وكله مشهد عبثي ومسلسل للإيهام أن هناك محاكمة".
وأوضح أن "الأمر كله بالنهاية نتيجته معروفة مسبقا، فيما يتعلق بأي محاكمة"، متسائلا: "هل ترى أن بإمكان محكمة الآن أن تقضي ببراءة الرئيس مرسي؟"، مجيبا: "مستحيل. هذه ليست محاكم، ولا تطبق القوانين، بل هي تعليمات وإملاءات تفرض عليهم من وراء ستار".
حقه الامتناع من جانبه، قال المحامي والبرلماني السابق، عاطف عواد، إن "الشاهد لا يجبر على شهادته. ومن حق مبارك الامتناع إلا في حال صدور أمر من القضاء العسكري. كما أن مبارك في وضع صحي يعفيه من الحضور والإدلاء بشهادته".
عواد، يعتقد في حديثه لـ"عربي21"، أن "مبارك، وإن أدان الإخوان من قبل؛ إلا أنه لم يرد إدانتهم الآن لصالح النظام الحالي"، مشيرا إلى أنه "آثر عدم الحضور بعد أن نصحه المقربون بعدم الدخول في صدام مع النظام الحالي".
وفي تعليقه، أشار المستشار والباحث القانوني، محمد أبوإسماعيل، إلى ضعف منظومة العدالة وتراجع دور القضاء، متسائلا بحديثه لـ"عربي21": "وهل ترجى عدالة من نظام تستر على كل جرائم نظام مبارك؟".
مخاوف مبارك ومن الجانب السياسي، يعتقد الكاتب والمحلل سيد أمين، أن "مبارك خاف أن يذهب للإدلاء بشهادته من أن يتم التنكيل بأولاده لأنه قطعا سيشهد لصالح مرسي، خاصة أن مبارك ومرسي كلاهما أعداء للسلطة الحالية، ولا يمكن له أن يشهد زورا ليضرب عدوا ضعيفا وهو مرسي والإخوان لكي ينصر عليه عدو قوي وهو نظام السيسي".
أمين أوضح لـ"عربي21"، أن "مبارك يدرك تماما أن من قام بثورة يناير 2011، هم العسكر، وأنهم كانوا يريدونها كانقلاب عليه ليعينوا عسكريا آخر بدلا منه وهو السيسي، إلا ان دخول الإخوان في المشهد حولها لثورة شعبية".
وقال المحلل السياسي: "وبالتالي فمبارك يعادي العسكر أكثر من عدائه للإخوان"، مضيفا "وأعتقد أن العسكر لن يجبروا مبارك للذهاب للمحكمة ربما هم كانوا يجسون نبضه لاستبيان موقفه وهم الآن أدركوه، وانتظر مستقبلا تنكيلبا وضغطا على أولاده لأنه هو شخصيا محمي بضمانات غربية، ولن يقترب العسكر منه".
وأعاد نشطاء اليوم نشر مقطع فيديو للرئيس مرسي يوم 30 كانون الثاني/ يناير2011، أثناء حديثه للجزيرة ينسف تلك القضية عندما خاطب السلطات المصرية بأنه ومجموعة من قيادات الجماعة كانوا قيد الحبس في سجن وادي النطرون، وأن هناك مجموعات مدنية قامت بتهريب المسجونين، وأنه يطلب من السلطات المصرية معرفة موقفه القانوني، مؤكدا أنه لم يهرب من السجن ولا يعرف تلك العناصر المدنية.