هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تباينت ردود الفعل السودانية ما بين النفي والتشكيك والتأكيد حول ما كشفته الصحافة الإسرائيلية بأن بنيامين نتنياهو يعتزم زيارة الخرطوم قريبا في إطار خطته لإنجاز ملف التطبيع مع الدول العربية والأفريقية، تمهيدا لإدخال صفقة القرن حيز التنفيذ.
وكانت هيئة البث الإذاعي الإسرائيلية كشفت في تقرير لها، أن وجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبلة للسودان، بعد أن استطاع إقرار التطبيع مع جارتها تشاد التي زار رئيسها تل أبيب ليدشن العلاقات السياسية والاقتصادية بين بلاده وإسرائيل.
وطبقا للإعلام الإسرائيلي، فإن نتنياهو يعمل على استغلال التحركات السودانية لشطب اسمها من القائمة الأمريكية الخاصة بالدول الراعية للإرهاب، في دفع نظام البشير للدخول في علاقات سياسية واقتصادية مع إسرائيل، وأنه يسعي من وراء ذلك تأمين خطوط طيران أسرع بين تل أبيب ودول أمريكا اللاتينية.
من جانبه، نفي رئيس القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم عبد الرحمن الخضر، عبر "عربي21"، وجود أي ترتيبات لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي للخرطوم، مؤكدا أن كل دوائر حزبه لم تناقش أي موضوع يتعلق بالتقارب مع إسرائيل، نافيا أن يكون هناك أمور تحدث في الغرف المغلقة، حيث يعد الحزب هو المحرك الأساسي للحكومة السودانية.
ويضيف الخضر أن موقف حزب المؤتمر من الاحتلال الإسرائيلي قديم وثابت، وهو موقف مؤيد ومساند للقضية الفلسطينية، ورافض للتطبيع مع إسرائيل، تحت أي مسميات.
وحول الأسباب التي دفعت الإعلام الإسرائيلي للكشف عن زيارة نتنياهو للخرطوم، أكد القيادي بالمؤتمر الحاكم بأنهم أحرار في رغباتهم وآمالهم، كما أن السودان حكومة وشعبا أحرار في مواقفهم، مستبعدا بشكل قاطع أن تستقبل الخرطوم نتنياهو أو أيا من المسؤولين الإسرائيليين.
ما المانع؟
على جانب آخر، لا يستبعد القيادي بالحركة الشعبية السودانية الجنرال هاشم بدر الدين، وجود اتصالات بين النظامين السوداني والإسرائيلي من أجل تطبيع العلاقات بينهما.
وأوضح بدر الدين في تعليقه لـ "عربي21" أن ما يجري في السر أكثر مما يحدث في العلن، وأن نظام البشير منذ استسلامه للإدارة الأمريكية بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، وافق على التطبيع، لكنه طلب مهلة يقوم فيها بترتيب جبهته الداخلية.
ويشير القيادي بالجيش الشعبي أن تأجيل التطبيع كانت رغبة للنظام السوداني الذي كان بحاجة لفترة زمنية لاحتواء من يعتبرهم أصحاب الفكر المتشدد داخل مؤسسات النظام وحزب المؤتمر الحاكم وجبهة الإنقاذ الإسلامية، ولكن بعد التغيرات الأخيرة في مؤسسات النظام فإن كل شيء وارد.
وهو ما ذهب إليه كذلك رئيس حزب العدالة بالسودان أمين بناني، الذي أكد في تصريح مقتضب لـ"عربي21" أن فكرة التطبيع قائمة، مستدلا بزيارة رئيس نظام الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي للخرطوم، والتي تبعها زيارة الرئيس السوداني لتشاد، ثم زيارة الرئيس التشادي لتل أبيب وإعلانه التطبيع مع إسرائيل.
ولا يستبعد بناني أن يكون السيسي عرابا لهذه الخطوة، خاصة أن تحسن العلاقات مع السودان كانت سريعة، ولا تعكس شدة الأزمة بين البلدين، والتي كادت أن تصل لحالة الحرب، موضحا أن المسألة يمكن أن تبدأ فعلا بموضوع خطوط الطيران وضمان المرور الآمن والسريع للخطوط الإسرائيلية المتجهة للبرازيل وأمريكا الجنوبية عبر الأجواء السودانية، ثم تتبعها خطوات أخري حتى يكون التطبيع أمرا واقعا.
وفي تعليقه لـ "عربي21" على هذه التطورات، يؤكد الخبير السياسي والمستشار السابق بالخارجية السودانية أمية أبو فداية، أن هناك موجات تطبيع سرية وعلنية مع إسرائيل تجتاح المنطقة العربية والأفريقية، سواء بشكل رسمي واضح كما جري مع سلطة عمان وتشاد، أو من خلال غطاء رياضي أو فني كما يحدث مع الإمارات وقطر والبحرين، أو تطبيع بدعم دولي كما هو الحال مع السعودية.
ويضيف أبو فداية أن الهرولة العربية نحو تل أبيب لا ترتبط للأسف بأي تنازلات من الجانب الإسرائيلي، ولكنها سوف تظل في النهاية خيارا للأنظمة وليس له علاقة بالشعوب الرافضة لوجود إسرائيل، مشيرا إلى أن أي دولة تضطر للتطبيع، لديها غالبا مشاكل وأزمات اقتصادية داخلية تحاول الهروب منها بالقفز الخطأ للأمام، أو لديها أزمات سياسية تحاول من خلالها قمع معارضيها دون لوم من المجتمع الدولd.
ويضيف المستشار السابق بالخارجية أن الحكومة السودانية في أضعف حالاتها منذ ثورة الإنقاذ عام 1989، نتيجة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة والضغط والحصار الأمريكي الخانق والتخاذل العربي الواضح، ورغم ذلك فإنها لن تلجأ للتطبيع مع إسرائيل بشكل رسمي ومباشر، مهما كانت الضغوط الدولية عليها.
وتوقع أبو فداية أن يكون أقصي تعاون بين الجانبين في المجال الأمني وعبر وسيط كالولايات المتحدة أو الجيش المصري أو الاثنين معا، في ظل العلاقات القوية بين المخابرات والأمن السوداني مع المخابرات الأمريكية، مستبعدا في الوقت نفسه وجود أي دور لرئيس الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي في هذا الملف، باعتباره لا يمثل ثقلا لدي الخرطوم على عكس ما يتم تصديره في الإعلام المصري.