هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حملت جماعة العدل والإحسان (كبرى تنظيمات المعارضة السياسية في المغرب)، الملك والمؤسسة الملكية مسؤولية تردي الأوضاع بسبب احتكار السلطة والمنافع الاقتصادية وخلق مؤسسات صورية تنفذ التعليمات.
جاء ذلك في وثيقة أصدرتها جماعة العدل والإحسان الثلاثاء 6 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وقدمتها للصحافة على أساس أنها تقرير سياسي قدم للدورة 22 للمجلس القطري للدائرة السياسية للجماعة التي عقدت يومي السبت والأحد نهاية الأسبوع الماضي.
وشمل التقرير السياسي الذي جاء في حوالي 20 صفحة من الحجم المتوسط، حصلت "عربي21" على نسخة منه، مختلف المناشط السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والتعليمية، والثقافية، والحقوقية.
اقرأ أيضا: العدل والإحسان: المغرب على أبواب الانفجار.. وخاشقجي قتل غدرا
الحكم لي والمسؤولية عليكم
قال التقرير إن "جوهر الطبيعة الاستبدادية لنظام الحكم؛ متمثلة في استفراد حاكم فرد غير منتخب بالسلطة، إلى جانب حاشيته ومستشاريه، دون إمكانية أية مساءلة أو محاسبة، مقابل منتخبين يوضعون في الواجهة دون قدرة حقيقية على ممارسة السلطة".
وزادت الجماعة أن الملمح الأول لهذا التحليل "يتجسد في تضخم ثروة الملك وعائلته، وهو ما يعكسه، من جهة، حجم الأرباح الضخمة التي تحققها شركاتهم المهيمنة على الكثير من القطاعات الاستراتيجية، والتي تجد تفسيرها في حجم الريع والامتيازات التي يتمتعون بها".
وأضافت: "ومن جهة ثانية حجم الميزانية المرصودة لهم والمقررة رسميا في ميزانية الدولة والتي لا تخضع لأي نقاش لا في قيمتها ولا في تدبيرها".
وأوضحت: "ولعل الرتبة المتقدمة التي يتبوؤها رئيس الدولة، وتتعزز كل عام، بين أغنى ملوك ورؤساء الدول بحسب مجلة (فوربيس) المتخصصة، تكشف حجم الاختلال وعمق التسلط في بلد يعيش الملايين من مواطنيه تحت عتبة الفقر ويرزح في أواخر سلم التنمية البشرية بحسب كافة التقارير الدولية وحتى المحلية. كما أن الصمت المفروض اتجاه هذه الكلفة العالية والثروة المتزايدة على حساب مقدرات البلد ومواطنيه، يؤكد طبيعة النظام ونوعية العلاقة التي تربطه بـ(مؤسسات الرقابة)".
وأفادت: "الملمح الثاني يتمثل في نزوع خطابات الملك اتجاه باقي الفاعلين نحو تصدير المسؤولية إليهم، فرغم أنه رئيس السلطة التنفيذية وصاحب القول التشريعي النهائي ورأس العديد من أذرع الدولة ومؤسساتها وهياكلها، لا يتردد في التنصل من مسؤوليته تجاه الاختلالات المتعددة ويحملها لتلك المؤسسات التي تتبع له، حتى أصبح من سمات الخطب الملكية إدانة تهاون الأحزاب وتباطؤ البرلمان وتراخي الحكومة وفساد الإدارة... هذا الخطاب -الذي يبدو وكأنه صادر عن المعارضة- يعكس قواعد اللعبة السياسية المنغلقة: الحكم لي والمسؤولية عليكم".
دبلوماسية الإخفاق
وأكدت الجماعة: "تعرف العلاقات الخارجية المغربية ضعفا مؤسساتيا وبطئا في الأداء، ويرجع ذلك إلى مشكل بنيوي مزمن ظلت الدبلوماسية المغربية تعاني منه نتيجة تدبير احتكاري من طرف المؤسسة الملكية ومحيطها، مع السماح لبعض الفاعلين السياسيين بلعب أدوار ثانوية".
ومضت تقول: "ففي الوقت الذي تغيب فيه معايير الكفاءة في توزيع مناصب السفراء يحضر منطق الريع والتسويات الحزبية، وفي الوقت الذي يضعف فيه الأداء الاحترافي والتخطيط الاستراتيجي يحضر منطق شراء الولاء الدبلوماسي بالمال أو عبر تقديم الامتيازات الاقتصادية على حساب مصلحة الوطن والمواطن".
واعتبرت أن "عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، اعتراف ضمني بفشل سياسة الكرسي الفارغ التي انتهجها منذ 1984".
وسجلت أن "لجنة القدس تعرف جمودا غير مسبوق، وانتكاسة في مهمتها المحددة في حماية القدس الشريف من خلال التصدي للمخططات الصهيونية الرامية إلى طمس الطابع العربي الإسلامي لهذه المدينة المباركة".
اقرأ أيضا: موقع فرنسي. مرض الملك وغياب "الهمة" يخيمان على المغرب
مؤسسات تحت الطلب
واستطرد التقرير "هذا المشهد الذي يتحكم فيه فاعل مركزي رئيس يحتكر السلطة ويصدر المسؤولية، تستكمل صورته بفاعلين ثانويين يمنحون هامشا من السلطة ويوضعون بقوة القانون والواقع في موقع اللاحق والتابع والخادم. هي هياكل تحت الطلب، تتسابق لخدمة السيد، ولا تستنكف عن تبرير سلطويته وتعزيزها وتثبيتها".
وتابع "وهو ما اتضح بشكل لا لبس فيه بعد إقرار دستور 2011؛ عبر الانحياز الواضح نحو تنزيل وتأويل وتفسير يرسخ الاستبداد وينتصر للملكية التنفيذية ويبتعد عن فصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو ما كرسته وما تزال القوانين والقواعد والممارسة".
وسجلت أن "الحكومة عاجزة عن ممارسة سلطتها التنفيذية خارج منطق التعليمات والخطط التي تؤشر عليها الجهات العليا، حيث أن البرنامج الحكومي تنتهي صلاحيته بمجرد عرضه على البرلمان، لتصبح الأجندة الحكومية تابعة للبرامج والخطب والتعليمات الملكية".
وشدد "على المستوى التشريعي يظل البرلمان مجرد غرفة لرجع الصدى، ذلك أن بلادنا تعيش سلطة تشريعية برأسين متفاوتين في الدرجة؛ فالعديد من مشاريع القوانين تمر عبر المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك، كما هو حال مشروع قانون الخدمة العسكرية ومشروع قانون -إطار يتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي اللذين صادق عليهما المجلس الوزاري بتاريخ 20 غشت 2018، مما يجعل مرورها خلال المسطرة التشريعية أمام البرلمان مرورا شكليا ليس إلا".
وعن "السلطة القضائية، اعتبر أنه، تم ترسيم إبعاد النيابة العامة عن المساءلة أمام البرلمان بدعوى الاستقلالية وهو ما أكدته المحكمة الدستورية في قرارها عدد 110 بعلة أن رئيس النيابة العامة أصبح مسؤولا أمام الملك باعتباره السلطة التي عينته، مما سجل على هذا التوجه عدة ملاحظات سلبية، تتمثل في السقوط فيما كان يتخوف منه كثيرون".
وأفاد أن ما تعيشه المؤسسات الدستورية على المستوى المركزي من سحب للاختصاصات وبطء في الأداء يمتد ليشمل أيضا مجالس الجهات، والأمر نفسه يطبع عددا من مؤسسات الحكامة وباقي المؤسسات الدستورية الرسمية، فالمجلس الأعلى للحسابات ومجلس المنافسة.
وسجل التقرير على مستوى السياسات الاقتصادية، فشل التنمية وضعف التنافسية، وشدد على أن حملة المقاطعة الاقتصادية، كانت صرخة جديدة في وجه الريع".
وفي المحور الاجتماعي، تساءل التقرير عن "ماذا بعد إعلان الفشل؟"، مردفا، أن قطاع الصحة يعيش "جرحا مزمنا"، فيما تم تعليق الحوار الاجتماعي وغابت المأسسة ".
وشدد التقرير على مستوى الشأن الديني والثقافي، حيث جرى، احتكار وتأميم الأول، فيما يعيش الثاني التمييع والتسطيح.
حقوقيا قال التقرير، عرف الحراك الشعبي اعتقالات واسعة ومحاكمات جائرة، فيما يعاني الإعلام من التضييق على حرية الرأي والصحافة، ويخضع الحق في العمل الجمعوي لثنائية المنع والريع".
وختم التقرير بالتشديد على أن أوضاع المرأة والشباب لم تخرج من دائرة سوء التدبير والتفاعل.