هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يحبس كثير من اللبنانيين أنفاسهم عند كل موجة عقوبات تُطلق ضد حزب الله، ويجدون أن هدفها الحقيقي يتجاوز مسألة عقوبات أو تصنيفات تبثها الولايات المتحدة و حلفاؤها وَاسِمَة حزبا لبنانيا أساسيا بالإرهاب والإجرام، بل باتت العقوبات المتخذة في أروقة البيت الأبيض تلبس أشكالا أكثر قسوة عبر موجة جديدة من التضييقات المالية على كل من يرتبط بهذا الحزب "ومن ورائه إيران" بأي شكل من الأشكال قريبا كانت هذه الصلة أم بعيدة.
القانون الجديد
الذي وقع عليه ترامب أعاد بعثرة التوقعات السياسية في لبنان، في ظل الخشية من أن
تصاب الحكومة اللبنانية المرتقبة والتي يعمل على تشكيلها الرئيس المكلف سعد
الحريري بـ"التقهقر" المبكر وبسبب أن أحد أبرز مكوناتها هو حزب الله.
والمفارقة أن الحضور الثقيل لحزب لله في لبنان على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية
والاجتماعية وحتى الرياضية، يقابله عزل مالي وتجاوب من مصرف لبنان التابع للدولة
مع التوجهات الأمريكية و القرارات العقابية، حيث بات حزب الله الآن منعدم الحسابات
المصرفية إلا من خلال تحركات التفافية هي الأخرى معرضة للملاحقة والاستهداف.
خطوات عقابية
واعتبر أمين عام
حزب البعث في لبنان عاصم قانصو أن "ما يتم اتخاذه حاليا هو امتداد لسلسلة
طويلة من حملات استهداف لكل من يعارض المصالح الأمريكية والإسرائيلية"، مضيفا:
"لم تقتصر الخطوات العقابية الأخيرة على محور واتجاه واحد فقط بل تنطلق
واشنطن في خطوات منفصلة بهدف الهيمنة على العالم ".
ورأى قانصو في
تصريحات لـ"عربي21" أن "الأوضاع الاقتصادية في لبنان لا تحتمل أي
خضة حتى وإن بدت العقوبات غير مؤثرة بشكل مباشر"، وذَكّر "قانصو بما
قاله الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن أن "الحزب قادر على مواجهة
العقوبات وأن التاثيرات ستقع على أفراد مدنيين وهيئات إنسانية".
وعن احتمالية تعرض
حزب الله لحملة داخلية، قال: "من الطبيعي أن يجيّش عملاء الولايات المتحدة
طاقاتهم في لبنان والمنطقة لاستهداف حزب الله ضمن مواكبة منهم للعقوبات و سعيا لتحقيق
مكاسب سياسية"، وأتمّ كلامه: "سيذهبون إلى مزبلة التاريخ ولن تنجح
مساعيهم في ضرب المحور الممانع لإسرائيل والداعم للقضية الفلسطينية".
البدائل
وخلص الباحث في
العلاقات الدولية الدكتور حسين غربية إلى أنّ"العقوبات الدولية الموجهة ضد
حزب الله أو إيران وجهتها واحدة وتهدف إلى إضعاف هذا المحور قدر الإمكان"،
موضحا: "شنّت الولايات المتحدة منذ حرب عام 2006 حملة على حزب الله وإيران مستخدمة
سلاحا اعتبرته أكثر نجاعة من الحرب الميدانية وهو العقوبات الاقتصادية"، وأردف:
"حزب الله وإيران أثبتا عن حنكة سياسة مالية وامتلاكهما بدائل بدليل صمود الطرفين
طوال السنوات الماضية في مواجهة ما يفرض عليها من إجراءات وتضييقات".
وأشار غربيةفي
تصريحات خاصة لـ"عربي21" إلى أن "الحرب الاقتصادية على إيران بدأت
منذ عام 1979 لكن ذلك لم يمنع طهران من تحقيق
قفزات مهمة في مجالات مختلفة".
وحول شكل
الضغوطات التي ستفرض على الحكومة
اللبنانية المرتقبة بخصوص حزب الله، قال: "الحزب مستفيد من الصيغة السياسية
المتبعة في لبنان"، مفسرا: "لا أعني أنّ الرئيس الحريري وتياره هما في
الجهة الحامية له، بيد أن جميع الأطراف اللبنانية تحرص على منع ثقل التأثيرات إلى
البلاد برمتها نتيجة أي خطوة عقابية تتخذ ضد الحزب"، لافتا إلى أن "الدول
الكبرى تدرك هذه النقطة ولذلك تعمل على استهداف شخصيات تابعة لحزب الله من خلال
إجراءاتها ومحاصرتها المالية، وكذلك من خلال محاصرة مالية لمؤسسات حزب الله وهي غير
مرتبطة بعلاقات بنكيّة ما يؤكد عدم تأثرها أيضا بأي إجراء ضدها".
حصانة لبنانية
وذهب مراقبون إلى
التأكيد بأن حزب الله محصن لبنانيا من خلال حضوره السياسي والوزاري، وأكد الكاتب
والمحلل السياسي الدكتور عماد شمعون أن "تأثير التضييقات سيكون ضئيلا على
المستوى الوطني قويا أو مباشرا، لكون حزب الله جزء من النسيج المجتمعي
اللبناني السياسي"، موضحا في تصريحات خاصة لـ"عربي21":" حزب
الله مُمثل في مجلس النواب ولديه وزراء في الحكومة، وبالتالي لا يمكن الاستفراد
به على الساحة اللبنانية".
وأردف: "حزب
الله يدرك جيدا ومنذ سنوات أنه مستهدف ماليا، ولذلك فإن العقوبات ليست فجائية ولن
تربكه"، غير أنه لفت إلى أن "التأثيرات ستكون حاضرة على مستوى الأفراد
من خلال بعض الممولين أو على بعض المستويات الاجتماعية والاقتصادية"، مشددا
على أن "حزب الله وإيران على خط واحد إيجابيا أو سلبيا".
وعن الخطوات
المتوقعة من قبل الجانب الرسمي في لبنان، قال: "الدولة اللبنانية تنصاع لغاية
الآن للأوامر الأمريكية بما يتعلق في الإجراءات المالية أو بخصوص إيقاف حسابات مصرفية،
حتى أن ميزانية الحملة الانتخابية الأخيرة لحزب الله وضعت ضمن حساب خاص لتجنب خرق
الإجراءات المفروضة أميركيا"، مؤكدا تداول وتشاور القوى المحلية في مخارج
سياسية ومالية "لعدم تحميل الحكومة اللبنانية بشكل عام المسؤولية خصوصا في ظل
التهديدات الإسرائيلية المتواصلة".