نشرت مجلة "
ناشيونال إنترست" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن اقتراب الشرق الأوسط من حرب ضروس بين الدول التي تقع في حوض
نهر الأردن، على غرار فلسطين والأردن وسوريا ولبنان. ويبدو أن شح الموارد المائية سيكون السبب الرئيس لاندلاع هذه الحرب.
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن منطقة الشرق الأوسط شهدت ستة صراعات ذهب ضحيتها أكثر من 10 آلاف شخص منذ بداية القرن الـ21. وإلى جانب خطورة هذه الصراعات، فإن المنطقة على وشك مواجهة خطر حرب على المياه. ويرى رئيس جامعة الأمم المتحدة، هانز فان جينكل، أن الصراع حول المياه سيصبح جزءا رئيسيا من المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
وذكرت المجلة أنه ما لم يتم القضاء على العوامل المسببة للصراع، فستجد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في منطقة الشرق الأوسط أنفسهم في خضم حرب جديدة. وعند التمعن في تاريخ المنطقة، نجد أن الدول التي تتمركز على روافد النهر ومساره الرئيسي تمتلك تاريخا من الصراعات الثنائية فيما بينها نظرا لتعويلها على مياهه بشكل كبير.
وأشارت المجلة إلى أن منطقة حوض نهر الأردن كانت تحتوي على موارد مائية وفيرة حتى حلول منتصف القرن الماضي، ناهيك عن استنزاف هذه الموارد من طرف السكان الذين ازداد عددهم بشكل كبير في المنطقة منذ ذلك الوقت. وإن لم يكن ذلك كافيا، فقد زاد عدم الاستقرار الإقليمي والاحتباس الحراري الطين بلة وتسبب في مزيد تناقص هذه الموارد.
ونوهت المجلة بوقائع تاريخية سابقة أدت خلالها النزاعات حول الإمدادات المائية إلى نشوب حروب وصراعات مسلحة بين دول المنطقة، على غرار حرب 1967 التي أوعز رئيس الوزراء
الإسرائيلي السابق أرئيل شارون سبب مشاركة بلاده بها إلى سعي البلدان المجاورة إلى تحويل مجرى نهر الأردن بعيدا عن أراضيها.
وذكرت المجلة أنه سبق لحركة التحرير الوطني الفلسطيني، التي باتت تعرف باسم حركة "فتح"، أن عملت على قيادة هجمات على الناقل القُطري الإسرائيلي للمياه. ويهدف هذا المشروع الإسرائيلي إلى نقل المياه من بحيرة طبريا إلى مركز وجنوب إسرائيل.
وأكدت المجلة أن منطقة الشرق الأوسط شهدت 92 صراعا على المياه منذ ستينيات القرن الماضي. ويرتبط معظم هذه الصراعات بقيام بعض الأطراف بإحداث ضرر على مستوى منشآت مائية أو استخدام المياه كأداة عسكرية أو اعتمادها كهدف عسكري في معظم الأحيان.
وأوضحت المجلة أن عدد الصراعات على المياه في الشرق الأوسط أقل من الصراعات التي اندلعت بسبب موارد طبيعية أخرى مثل النفط، وهو ما يتحدى توقع الدبلوماسي المصري بطرس بطرس غالي سنة 1985 بأن الحرب القادمة في الشرق الأوسط ستُخاض بسبب المياه وليس لدواع سياسية.
وأضافت المجلة أن تغير المناخ سيخل بتوازن القوى في منطقة حوض نهر الأردن، حيث تنبأت بعض النماذج المتقدمة بأن شح المياه في الشرق الأوسط سيبلغ مستويات كارثية. وتظهر دراسة أُجريت سنة 2010 أن المنطقة ستشهد انخفاضا سنويا يقدر بنسبة 25 بالمائة على مستوى كميات الأمطار.
ومن المتوقع أن يتضاءل نصيب المواطن الأردني من المياه بحوالي النصف، في حين ستعاني الدول التي أضعفها عدم الاستقرار السياسي مثل سوريا من ندرة المياه. وتجدر الإشارة إلى أنه سبق لتقرير التنمية البشرية 2007/ 2008 توقع حدوث انخفاض بنسبة 50 بالمائة في الموارد المائية المتاحة في سوريا بحلول سنة 2025.
وأوردت المجلة أن الدول التي تعاني من شح الموارد المائية في المنطقة من المنتظر أن تعتمد طرق بديلة تساهم في مزيد تدهور النظام البيئي، على غرار استنزاف الأردن وإسرائيل للأنهار والروافد المغذية للبحر الميت. نتيجة لذلك، فإنه سيتناقص مستوى مياه البحر الميت بمعدل متر واحد سنويا.
وأوضحت المجلة أن الولايات المتحدة الأمريكية معنية بشكل كبير بحل الصراعات بين دول المنطقة وإيجاد حلول دبلوماسية قبل تحولها إلى معارك وحروب حقيقية. ويمكن للحكومة الأمريكية استغلال نفوذها العسكري في المنطقة لإبرام عدة اتفاقيات تنظم التقاسم السلمي للمياه في حوض نهر الأردن.
وأكدت المجلة أنه يتوجب على الولايات المتحدة أن تساند مساعي إنشاء اتفاقيات جديدة تعنى بتقاسم المياه، ومساعدة بلدان المنطقة على إيجاد طرق فاعلة لتقليل الاعتماد على المياه، فضلا عن دفع هذه الدول لتعزيز أمن منشآتها المائية.
وفي الختام، حذرت المجلة من أن اندلاع حرب في منطقة حوض نهر الأردن لن يؤثر على الدول المشاركة فيها فحسب، بل على الولايات المتحدة أيضا، لأنها في هذه الحالة ستكون مضطرة لتقديم الدعم العسكري اللازم لحلفائها.