نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على
فضيحة الفساد التي هزت عالم
كرة القدم البلجيكية، والتي تورطت فيها أطراف معروفة في هذا المجال.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه، بعد تعيينه مدربا لنادي موناكو الفرنسي إثر مغادرته للمنتخب البلجيكي (الذي شغل فيه خطة مساعد مدرب)، انتقل تييري هنري إلى
بلجيكا للعب مقابلة ضد نادي كلوب بروج، يوم الأربعاء، في إطار منافسات دوري أبطال أوروبا. ويُشتبه في تورط هذا الفريق المنافس في قضية فساد هزت البطولة المحلية في البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ أن بدأ 180 شرطيا التحقيق في معاملات 9 أندية بلجيكية يوم الأربعاء 10 تشرين الأول/ أكتوبر، أصبح الدوري البلجيكي الممتاز محل ضغوط عديدة. وقد عجّل ذلك بسقوط موجي بيات، أبرز الأطراف الفاعلة والنافذة في الدوري، والمعروف بتدخله في عدد هام من انتقالات اللاعبين في أبرز الأندية في هذه المنافسة، وفي نادي نانت كذلك.
وذكرت الصحيفة أن عالم كرة القدم البلجيكية قد يرحب ببقاء موجي بيات ورجل الأعمال الفرنسي الإيراني، المتهم بغسيل الأموال وجرائم أخرى، رهن الاحتجاز. لكن التحقيق، الذي تم فتحه قبل سنة تقريبا، طرح مشكلة أكبر. فمن بين المتهمين في هذه القضية الذين يبلغ عددهم 21 شخصا، نجد وكلاء آخرين، وحكام، ورؤساء نوادي، ومدربين، ولاعب (يدعى أوليفير ميني)، وصحفيين.
وأفادت الصحيفة أنه تم سجن أول اللاعبين المتورطين في هذه القضية. ويدعى هذا اللاعب فابيان كاموس، وهو فرنسي تونسي الجنسية، لعب مع نادي كيه في ميخيلين، في الفترة الممتدة ما بين شهري كانون الثاني / يناير وتموز / يوليو من سنة 2018. ووفقا للنيابة العامة الفيدرالية "اتهم قاضي التحقيق صباح الأربعاء اللاعب بالمشاركة في منظمة إجرامية وغسيل الأموال".
وتعاني كرة القدم البلجيكية من تراجع مستمر في الوقت الذي قدم فيه أبناؤها مردودا متميزا في كأس العالم وفي الفرق الأوروبية الكبرى. كما تعيش صعوبات اقتصادية في ظل إفلاس ثلاثة أندية من الدرجة الأولى في غضون عشر سنوات. وبناء على ذلك، إذا ثبتت شكوك المحققين، فسيتضح أن انحرافات عديدة تشوب عالم كرة القدم البلجيكية، على غرار تضخم العمولات الممنوحة للوسطاء في عمليات انتقال اللاعبين، وتحكم عدد من الوكلاء بالسياسة الرياضية للنوادي، وغسيل أموال وتلاعب بنتائج المباريات.
وأردفت الصحيفة أن تحقيق الشرطة البلجيكية استهدف أندية الدرجة الأولى في البطولة فقط. وقد تم اتهام مدرب نادي كلوب بروج، الكرواتي إيفان ليكو، بغسيل الأموال. كما تورط أفضل الحكام البلجيكيين في التلاعب بنتائج المباريات. كما يُشتبه في تلاعب الوكيل الصربي، ديان فيليكوفيتش، ذو النفوذ الواسع داخل الأندية البلجيكية الكبرى، بنتائج مباراتين، وإشرافه على عمليات غسيل الأموال المتأتية من العمولات.
وسلطت هذه الفضيحة الضوء على الانتهاكات التي يشهدها مجال تتعدد فيه الصراعات على المصالح، التي لا تتعلق بالوكلاء فقط وإنما بالدوري البلجيكي الممتاز. وحين سئل عن هذه القضية، أورد مارك كووك، مالك نادي رويال أندرلخت، الذي سيترك منصبه مستقبلا، قائلا إن "الأمر الذي يحدث ليس طبيعيا".
وأوضحت الصحيفة أن اللاعب الاحتياطي في تشكيلة منتخب بلجيكا لكرة القدم، فينسنت كومباني، قد دعا إلى ضرورة إضفاء الشفافية على سوق الانتقالات في بلجيكا. وقال كومباني إنه لم يفاجأ بهذه الفضيحة في ظل "بيئة كرة القدم" في بلجيكا، ذلك أن هذا المجال "على علاقة وثيقة بالممارسات المنتشرة في مجالات الاتجار بالبشر والمخدرات أو البغاء".
وردا على هذه القضية التي هزت الصحافة البلجيكية، اضطرت الحكومة للتحرك. في الأثناء، بات من المهم للغاية تنظيم مهنة "الوكيل" من خلال الحصول على ترخيص. وتجدر الإشارة إلى أنه تم تقديم مشروع قانون يتناول هذا الموضوع منذ سبع سنوات، ولازال على قائمة الانتظار. كما هددت وزيرة الشؤون الاجتماعية ماجي دي بلوك بمراجعة نظام الحد من الاشتراكات الاجتماعية الذي تتمتع به الأندية، في حال لم تقم بتسوية وضعيتها القانونية.
وأضافت الصحيفة أنه تم تكليف مجموعة من الخبراء لتقديم بعض الاقتراحات لحل هذه الأزمة، على غرار الحد من قيمة العمولات، وعدد اللاعبين المرتبطين بوكيل واحد داخل كل الفريق، وعدم السماح بتمثيل نادي ولاعب معا في نفس عملية الانتقال. ووصل الأمر ببلجيكا إلى التساؤل حول مدى نجاعة إرغام اللاعبين على دفع استحقاقات العملاء بأنفسهم.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن ضحايا مثل هذه الممارسات معروفون ومتحفظون للغاية في الوقت الراهن. ولا يزال اللاعبون في وضعية الانتظار. كما أجبرت هيئة إدارة الرياضة، في نهاية الأسبوع الماضي المشجعين على عدم التطرق إلى هذه القضايا من أجل استئناف البطولة.