هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ظهرت تساؤلات عن الصراعات الداخلية في الأديرة المصرية، إن كانت دينية أم مادية، لا سيما بعد واقعتين شهيرتين حدثتا مؤخرا في مصر، تتمثلان بموت راهبين بشكل غامض، الأربعاء الماضي.
وأثارت مطالب الإصلاحات في الكنيسة بعد الحادثتين، فضائح اتهامات للرهبان بالانخراط بالسمسرة والاستثمار، وجمع النذور والتبرعات، والانخراط في "البيزنس".
فقد توفي الراهب "زينون المقاري" في دير المحرق في أسيوط جنوب مصر، بشكل غامض، وأثار الكثير من التكهنات بشأن ما يعتري "عالم الأديرة" من صراعات داخلية.
وكان الراهب زينون واحدا من ستة رهبان تقرر نقلهم من دير أبو مقار بوادي النطرون (غرب القاهرة) بعد مقتل رئيس الدير الأنبا أبيفانيوس، في حادث هز الكنيسة القبطية بعد العثور على جثته وعليها آثار ضرب من آلة حادة قرب "قلايته" في مقر إقامته في الدير فجر 29 تموز/ يوليو الماضي.
وإثر الحادثتين، أصدرت لجنة الرهبنة وشؤون الأديرة برئاسة الأنبا تواضروس، قرارات في محاولة لضبط الرهبنة، تحظر خروج الرهبان من الأديرة، والتورط في أي تعاملات مالية، وطالب المسيحيين بعدم الدخول في أي معاملات مالية أو مشروعات مع الرهبان. ولم يعرف الرابط بين الحادثتين والتورط بالتعاملات المالية وفق ما أشارت له اللجنة المذكورة، إلا أنها أثارت التكهنات حول الأمر.
وخرجت اللجنة ببيان آخر جاء فيه "تدعو اللجنة المجمعية للرهبنة وشؤون الأديرة القبطية الأرثوذكسية، كافة الأماكن غير المعترف بها كأديرة بتصحيح أوضاعها، وذلك بالخضوع لإشراف البطريركية عليها روحيا ورهبانيا وإدرايا وماليا في هدوء وسلام".
اقرأ أيضا: النيابة في مصر تحقق في وفاة راهب بعد نقله من دير أبو مقار
شهادة الأنبا شنودة
وفي تعليقه على ما يجري، قال الصحفي المصري، الكاتب في الشؤون القبطية، بيتر مجدي، إنه "مع تطور الزمن والتوسع في إنشاء الإيبارشيات والأديرة خارج مصر، خرج على أثرها الرهبان من الصحراء المصرية إلى دول أخرى، فأصبح بعضهم يمتلكون سيارات فارهة وحسابات في البنوك، والبعض الآخر لديه ثروات تخطت 30 مليون جنيه من أموال التبرعات بدعوى بناء أديرة جديدة".
وأضاف، في تحليل صحفي له بصحيفة التحرير، أن "واقعة مقتل الأنبا إبيفانيوس على يد الراهب المجرد أشعياء المقاري واشتراك راهب آخر يدعى فلتاؤس في الجريمة كانت بمثابة شرارة انطلاق إجراءات إصلاحية داخل الرهبنة، خاصة ما أثير حول تجارة الراهب في شراء الأراضي، وجمعه لتبرعات، وأصبح خارج سيطرة الدير".
وأعاد نشطاء أقباط تداول مقطع فيديو لبابا الأقباط السابق، شنودة الثاني، في مطلع تسعينيات القرن الماضي، الذي كان يجيب فيه على سبب الخلاف بينه وبين رئيس ورهبان دير أبو مقار، الذي أكد فيه أن الدير يمتلك آلاف الأفدنة الزراعية، ويدر دخلا بملايين الجنيهات سنويا.
لا رهبنة في الكنيسة
من جهته، قال الناشط القبطي، هاني سوريال: "بداية، لا يوجد شيء اسمه رهبنة في المسيحية، لقد ظلت الكنيسة مئات السنين لا تعرف الرهبنة، ولكن بوجود الأديرة والرهبنة انحرفت الأهداف المعلنة، وتحول الرهبان إلى سماسرة، ومستثمرين، وجامعي نذور وتبرعات، وانخرطوا في بيزنس لا يعرف مداه أحد".
وأضاف لـ"عربي21" أن "الأديرة دولة داخل دولة في مصر، وهناك بعض الأديرة لا سيطرة للكنيسة نفسها عليها، كما كان الحال مع دير أبو مقار بوادي النطرون، وغيره من الأديرة"، واصفا عالم الرهبنة بـ "المريب والغريب والبدعة في الوقت ذاته".
اقرأ أيضا: انشقاق في الكنيسة المصرية.. هل خرجت الأمور عن السيطرة؟
وكشف أن "الأديرة في مصر تتمتع بخصوصية بل بحصانة تحميها من التفتيش ومراقبة ومراجعة الحسابات والدفاتر، في حين أن فروعها في الخارج في أمريكا وأستراليا تخضع للتفتيش والمراقبة والحسابات والضرائب أيضا"، متسائلا: "لماذا يقبلون بذلك في الخارج ولا يقبلون به في الداخل؟".
خلافات مادية
ونفى سوريال أن يكون الخلاف سببه "صراع مدارس دينية أو فكرية، إنما هو خلافات مادية على مصالح شخصية، تخفي وراءها قضايا فساد كبيرة، وتلاعب، وباسم الدين على حساب المواطنين الأقباط البسطاء في الصعيد والريف"، مطالبا بوقف "أنشطة الأديرة وما يحدث فيها من مهازل"، وفق تعبيره.
وعلق القيادي في تيار أقباط 25 يناير، كمال صباغ، بالقول إن "هناك شريحة من الرهبان دخلوا سلك الرهبنة على أمل أن يبتعدوا عن العالم وصخبه، ويتفرغوا للخلاص الروحي، ليكتشفوا بعد ذلك أنهم فريسة لمؤسسات رأسمالية، تدير مزارع ومزارع إنتاج دواجن، وثروة حيوانية، وتوظف آلاف العمال من الخارج، وتورد إنتاجها للفنادق وللتصدير أحيانا".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "الربح أصبح هو المحرك الوحيد، وبسببه استقطبوا عداوات مع الغير بحكم المنافسة الوظيفية والسوقية أحيانا، وغياب المناخ الروحي المفترض"، مضيفا: "هذه ليست أديرة بل شركات تعمل بعيدا عن المنظومة القانونية تماما، وتحت ظروف غير طبيعية تنتج هذا الخبل الذي أفجعنا في الأيام الأخيرة"، بحسب وصفه.
اقرأ أيضا: هذه هي الرواية المسكوت عنها في قضية مقتل رئيس دير بمصر