ملفات وتقارير

تيار "الصحوة" بالسعودية ما خياراته بعد حملات قمعه؟

وجهت النيابة العامة السعودية للدكتور محمد الهبدان المشرف العام على مؤسسة نور الإسلام عدة تهم- أرشيفية
وجهت النيابة العامة السعودية للدكتور محمد الهبدان المشرف العام على مؤسسة نور الإسلام عدة تهم- أرشيفية

تُوالي "المحكمة الجزائية المتخصصة" في السعودية عقد محاكمتها السرية لرموز وشيوخ ما أطلق عليه "تيار الصحوة"، وأكاديميين شرعيين آخرين وجهت لهم تهم "الخروج على ولي الأمر" و  "التعاطف مع الإخوان".


ووفقا لحساب "معتقلي الرأي" على تويتر فقد  عقدت محاكم سرية في أوقات مختلفة من الشهر الجاري لكل من الدعاة الدكتور عوض القرني، والدكتور سلمان العودة، والدكتور علي العمري، الذين طالبت النيابة العامة السعودية "قتلهم تعزيرا".


كما وجهت النيابة العامة للدكتور محمد الهبدان، المشرف العام على مؤسسة نور الإسلام عدة تهم من بينها "التعاطف مع الإخوان"، وطالبت بالحكم عليه بالسجن 20 سنة، ووجهت للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف، الأستاذ المشارك بقسم العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود، عدة تهم منها "التعاطف مع الإخوان" و "الخروج على ولي الأمر".


ويرى باحثون ومراقبون أن النظام السعودي الحالي بعد تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، وعلى وقع حملات الاعتقالات التي طالت عشرات الدعاة والأكاديميين والنشطاء الحقوقيين والكتاب والصحفيين، وما تبعها من محاكمات سرية لرموز ومشايخ "التيار الصحوي"، ومن يحسبون عليهم إنما يهدف إلى قمع التيار الصحوي وإسكات أصوات دعاته وشيوخه.


من جهته أبدى الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي، الدكتور أحمد بن راشد بن سعيّد تحفظه على استخدام تعبير "صحوي" و "صحويين"؛ لأن في ذلك إعادة إنتاج للدعاية المضادة للإسلاميين والمتدينين في السعودية، مفضلا استخدام مصطلحات أخرى كـ"التجديد" أو "الانبعاث" أو "الإحياء الإسلامي"، لا سيما بعد تشويه ما تسمى بـ"الصحوة"، والحرب المنظمة عليهم ممن ينتسبون إلى الليبرالية في السعودية، ومنهم على سبيل المثال، د. عبد الله الغذامي".


ولفت ابن سعيّد إلى أن ما تُسمى بـ"الصحوة" كانت بشكل عام ظاهرة تربوية وتوعوية، وكانت تحظى بدعم العلماء، لا سيما الشيخ عبد العزيز بن باز، الذي طالما شارك في برامجها ومخيماتها، كما كانت تحظى بدعم الدولة، وقد أثنى عليها الملك فهد في تصريح شهير".


وتابع الأكاديمي السعودي المقيم في تركيا حديثه لـ"عربي21" بالقول "إن الأمير سلطان داعما لها، ولم يعرف عن الصحوة أنها لجأت إلى العنف إلا في حالات قليلة، وأصحاب هذه الحالات هم الآن أكبر أعداء هذه الظاهرة، ومنهم عبد الله بجاد، ومشاري الذايدي، ومنصور النقيدان".


وقال ابن سعيّد إن "الحملة الراهنة على التيار الإسلامي تبدو "كبش فداء" عن أخطاء أو نتائج غير مرغوبة لا علاقة له بها" مشيرا إلى أن "هذه الحملة التي يراد لها أن تكون استئصالية بدت كلاسيكية وتقليدية، ومستلهمة فيما يبدو من ميراث عبد الناصر، وممارسات السيسي، وهي تفتقد أي أفق سياسي، وتعتمد على مفهوم الاجتثاث الذي لم تحقق ممارسته أي نجاح من قبل، سواء في مصر أم في غيرها".


وتوقع أن تؤول هذه الحملة إلى الفشل "لأن العنف مهما يكن قاسيا، لا يمكن أن يقضي على فكرة، ولأن الروح الأممية ضاربة في تفاصيل الثقافة الإسلامية التي لا يحملها الإسلاميون المعتقلون فحسب، بل أيضا السواد الأعظم من المجتمع".


وردا على سؤال حول طبيعة هذه الحملة وأهدافها وصفها الأكاديمي السعودي بـأنها "غير حكيمة ولا منطقية، وربما تكون لها نتائج عكسية، وكان الأولى احترام الاختلاف والتنوع، والسعي إلى "الاحتواء" و "مد الجسور"بدلا من تدمير كل شيء بحجة القضاء على التطرف أو الإرهاب" بحسب تعبيره.  


وعن خيارات التيار الصحوي بالسعودية بعد اشتداد حملة الاعتقالات والمحاكمات ضده، رأى ابن سعيّد أن الخيار المتاح هو "الثبات على المواقف، والمطالبة باحترام الحقوق الإنسانية والمدينة، والتشديد على أهمية العدالة، ورفض كل ما يخالف النظام والدستور من انتهاكات واعتقالات واتهامات، بلا أدلة حقيقية ولا محاكمات عادلة، مع عدم الانجرار وراء أي دعوة إلى العنف، أخذا بقول موسى عليه السلام لقومه (استعينوا بالله واصبروا)، واقتداء بصيحة أتباع الرسل (ولنصبرن على ما آذيتمونا).


بدوره رأى أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، الدكتور محمد السعيدي أن "خيار الجميع في السعودية هو مد الجسور إلى الدولة والتعامل معها بعدل، فكما أننا نطالب الدولة بالعدل يجب علينا جميعا أن نجعل العدل يبدأ من عندنا".


وأضاف لـ"عربي21": الحقيقة أن الدولة والمجتمع معا عانيا من قلة العدل في ميزان مجموعة من النخب الفكرية المتدينة في السعودية، فبعض هذه النخب وقفوا طوال عقدين من الزمان من الدولة موقف المشكك المناهض المزدري الناقم على كل ما تقدمه الدولة، مع أن السعودية قدمت للدين وللتوجه السلفي الذي يحمله أكثريتهم ما لم تقدمه، ولا يمكن أن تقدمه أي دولة إسلامية منذ سبعة قرون ماضية وحتى اليوم" على حد قوله.


وتابع "ومع أنهم كانوا هم من يستفيد مما تقدمه الدولة من خدمات في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعليم الديني والإعلام الديني ومكاتب الدعوة والإغاثة في الداخل والخارج، إلا إنهم كانوا أكثر فئات المثقفين في البلاد نقمة ونقدا وتشويها لصورة الدولة، وترويجا لما يشاع عنها".


وأنهى السعيدي حديثه بالإشارة إلى أن "الظرف الحالي في السعودية مناسب جدا لإظهار العدل مع الدولة، الذي يعني ممارسة النقد في الموضع الصحيح له وذلك بعد التحقق والاستشارة والاستنارة والثناء أيضا على ما يستحق الثناء، وهو ما يرحب به، وترحب به الدولة كذلك".


يشار إلى أن الاعتقالات في السعودية لم تعد قاصرة على رموز ما يسمى بـ"التيار الصحوي"، بل توسعت لتشمل دعاة ومشايخ رسميين، كاعتقال كلا من الشيخ صالح آل طالب، والشيخ بندر عبد العزيز بليلة إمامي وخطيبي المسجد الحرام، وغيرهما من الشخصيات الأكاديمية والدعوية المحسوبة على النظام.

التعليقات (1)
عربي بلا هوية
الإثنين، 17-09-2018 10:50 م
بلا خيارات بلا خرابيط. (ما ترك قوم الجهاد الا اذلهم الله). النص واضح و قاطع و تم التدليل عليه تاريخيا عشرات المرات.