هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تداول ناشطون يمنيون في مواقع التواصل الاجتماعي، تسجيلا مصورا، يظهر مندوبا تابعا لمنظمة "الهلال الأحمر الإماراتي" يقوم بتلقين أطفال في جزيرة سقطرى ـ الواقعة في المحيط الهندي قبالة سواحل البلاد الجنوبيةـ هتافات تمجد الإمارات وتشتم أطرافا سياسية بالبلاد.
وبحسب الفيديو الذي تم تداوله الجمعة، يظهر فيه حشد من الأطفال بجزيرة سقطرى، ينادي عليهم مندوب المنظمة الإماراتية بالقول: من تحبون يا أطفال سقطرى؟ فيردون عليه: الإمارات. والله يدمر من؟ فيجيبون: الإصلاح (حزب التجمع اليمني للإصلاح).
ثم دعا مندوب المنظمة الإماراتية بالقول: آمين إن شاء الله، ليرد الأطفال بالعبارة نفسها.
كما ردد الأطفال كما يظهره الفيديو عبارة "تعيش الإمارات" أكثر من مرة، بعدما طالبهم بذلك مندوب "الهلال الإماراتي" هناك.
دعاية وانتهاك
وتعليقا على ما ورد في التسجيل، قال رئيس مركز "أبعاد" للدراسات، عبدالسلام محمد، إن هذه ليست دعاية للإمارات فحسب، بل اعتبره "انتهاكا للسيادة اليمنية وتحريضا على حزب سياسي مشارك في الحكومة اليمنية.
وأضاف عبر صفحته بموقع "فيسبوك"، أنه انتهاك لحقوق الانسان، بـ"استخدام الأطفال المحتاجين ودون السن القانونية في عمل دعائي للهلال الأحمر الإماراتي وللإمارات".
وتساءل قائلا: تعتقد أبو ظبي أن هذه التصرفات تربي جيلا مطيعا لها يسهل استعماره؟
ولفت محمد إلى أنه بإمكان أبوظبي التعلم من طهران حول كيفية استقطاب المجتمعات بدلا من الغباء الذي يفجر الاحتقان. مؤكدا أن إيران لها سنوات في اليمن ولَم يدس حلفاؤها على علمها كما داس حلفاء أبوظبي على صور أمرائها بعد أشهر من وجودها في اليمن فقط.
واتهم رئيس مركز "أبعاد"، السلطات الإماراتية بأنها تربي الفوضى ومشاريع العنف في اليمن، لأن ليس لها حدود مباشرة معها.
تجنيد يهدد الطفولة
من جهته، أفاد مصدر خاص من داخل سقطرى بأن هذا السلوك دأب عليه الإماراتيون والموالون لهم، منذ فترة ليست بالقصيرة، في محاولة لزرع الكراهية في أطفال الجزيرة، وتعبئتهم بعناوين تشتم من يعارض أجندتها.
وأضاف المصدر لـ"عربي21"، مشترطا عدم الافصاح عن اسمه، أنه من كل حملة توزيع معونات تقوم بها المنظمة الإماراتية، يقومون بالتصوير مع الأطفال وهم يهتفون بالتحية للإمارات.
وأشار إلى أن هذا المقطع المصور، يعود تاريخه إلى قبل أشهر، في منطقة "ديحمض" وهي مسقط رأس حاكم الجزيرة الراحل، أحمد بن حمدون، الذي عرف بولائه الشديد لأبوظبي.
ووفقا للمصدر الخاص، فإن المعونات المقدمة من الإماراتيين عبر مؤسساتهم، في الغالب "مسيسة"، حيث يتركز هذا النشاط في القرى والمناطق التي تتماهى معها، بينما يتجنبون الوصول إلى مناطق وقرى أخرى، بحجة أنها "موالية للسلطات المحلية ومناوئة لهم".
وأكد المصدر أن هناك منطقتين يكثف الوكلاء الإماراتيون نشاطهم في "ديحمض"، و"قلنسية" التي يعدونها الرافد الأساسي لهم في خطة العداء لسلطة حاكم سقطرى الحالي، رمزي بن محروس.
وحذر من هذا السلوك، وعده بأنه "تجنيد سياسي للطفولة"، لا يقل خطورة عن "التجنيد العسكري"، ولاشك أنهما جريمتان، تهددان الطفولة، نظرا للمخاطر التي يمكن أن تؤثر على نفسيات الأطفال وثقافتهم، وتفخخ عقولهم بمفاهيم الكراهية وبث الفرقة بين أبناء المجتمع السقطري. وفق تعبيره
بموازاة ذلك، قال المصدر ذاته إن هناك استياء سعوديا إزاء هذا الاستغلال من قبل الإمارات للطفولة في سقطرى، لكنه تحول إلى حالة تنافس بينهما. على حد قوله
وتابع حديثه أن هذا الأمر بدا مفاجئا للجانب الإغاثي السعودي بالجزيرة، عندما قاموا بتوزيع معونات عيدية قبل شهرين تقريبا، على أطفال بالجزيرة، ليتفاجؤوا بهتافاتهم للإمارات.
ونقل المصدر،عن شهود عيان أن أحد المندوبين السعوديين عاتب الأطفال، قائلا: نحن نوزع لكم عيديات، وأنتم تقولوا : شكرا للإمارات.
وذكر المصدر من سقطرى، أن "استغلال الطفولة" دخلت دائرة "التنافس والسباق" بين السعوديين والإماراتيين. موضحا أنه قبل ثلاثة أيام، قام أحد الجنود السعوديين بتوزيع مبالغ مالية على أطفال بالجزيرة، وسألهم من تحبون أكثر السعودية أو الإمارات؟
ومنتصف آب/أغسطس الفائت، أعلنت سلطات الجزيرة ومصادر محلية أخرى أنها تواجه تمردا مسلحا تقوده شخصيات مدعومة من دولة الإمارات، وبإشراف من ضباط إماراتيين يقودهم مندوب مؤسسة "خليفة الخيرية"، في محاولة لتنفيذ انقلاب على السلطات المحلية.
أقرأ ايضا: تمرد مسلح مدعوم إماراتيا في جزيرة سقطرى باليمن
جاء ذلك، بعد أشهر من اندلاع أزمة غير مسبوقة بين الحكومة اليمنية الشرعية مع الإماراتيين، نهاية نيسان/ إبريل الماضي، بعد إرسالها قوات للسيطرة على الجزيرة الاستراتيجية، وصلت إلى أروقة الأمم المتحدة. لكنها انتهت بوساطة سعودية قضت "بعودة عمل القوات الأمنية (اليمنية) في المطار والميناء". وفقا لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ".
وينص أيضا على "سحب كل القوات التي قدمت إلى الجزيرة بعد وصول الحكومة (نهاية نيسان/ أبريل الماضي )، وتطبيع الحياة في مناطق وجزر الأرخبيل كافة، الواقعة على بعد 360 كيلومترا في المحيط الهندي من السواحل اليمنية".
وكانت "عربي21" قد كشفت في تقرير لها في 29 أيار/ مايو الماضي، عن تحركات إماراتية جديدة لإعادة ترتيب أوراقها داخل الجزيرة، بعد نجاح الحكومة الشرعية في تجميد وانتزاع كثير منها في الأزمة التي اندلعت نهاية نيسان/إبريل الماضي، واستمرت حتى منتصف أيار/ مايو الماضي.