يبدو لي أن الجنرال
عبد الفتاح السيسي قد دخل مرحلة جديدة من مراحل العته والجنون وهو ليس جنون العظمة
فقد فاته قطار العظمة منذ دخوله إلى معترك السياسة ورغبته الملحة والشديدة في أن
ينصب نفسه طبيبا للفلاسفة وحكيما للعرب ومجددا للدين وخبيرا في الاقتصاد ومستشارا
عائليا في مجال تحديد النسل وتقليل نسبة الخصوبة ... فشل السيسي في إقناع حتى نفسه
بأن لديه القدرة على أن يكون طبيبا وعالما وفقيها وخبيرا ومستشارا وأصبحنا نراه
اليوم مجرد رجل ضاع ظله وهو على وشك الانتحار.
لو تابعت خطابات
السيسي منذ بداية الانقلاب إلى اليوم فسوف تجد تحولا عجيبا فمن "بكرة
تشوفوا العجب والجن سيتعجب مما يحدث في
مصر" ... إلى "انتظروا التحسن خلال سنتين" حتى أن المذيعة التي تحاوره وقتها استغربت قصر الفترة وقالت له مش
فترة قصيرة يا فندم فأعاد إليها القول ايوة سنتين ...
ومن نور عينينا إلى إنتو
هتاكلوا مصر .. ومن بكرة تشوفوا مصر أد الدنيا ....إلى إحنا فقرا قوي قوي قوي ...
ومن أدوني فرصة سنة إلى فرصة سنتين إلى ثلاثة أشهر إلى انتظرونا في 2020 ...
وحين تضيق عليه
الحلقات ويشعر بأنه فاشل يدير ظهره للناس ويلقي عليهم باللائمة ويذكرهم بأنه لم
يكن راغبا .. بس انتوا اللي جيبتوني .. ومش تجيبوني وتسيبوني ... وأنا مش رئيس ..
ولا زعيم.
ثم تدهورت الحالة حين
أراد أن يبدو ديمقراطيا قبل انتخابات 2018 حين قال الانتخابات جايه وهاتوا اللي
تجيبوه .. وفجأة وحين ظهر الفريق عنان جادا في ترشحه صرخ في الملأ من حوله .. مش
هاسيبها ومش هاسمح .. وما تخلوش حد يلعب في أدمغتكم ...ثم فجأة اعتقل الرجل وألقى
به وهو ثاني أرفع رتبة عسكرية في الجيش المصري في غيابات السجون وهدده وتوعده
بالويل والثبور ...
ثم وبعد أن دانت له
السلطة في انتخابات مزورة جديدة ضحك العالم واستلقى على قفاه من عبثية المشهد
والكوميديا السوداء والإخراج السيئ للمنافسة الكرتونية التي اضطر السيسي لصنعها
قبيل أيام من إجراء الانتخابات حين استدعى الأمن موسى مصطفى موسى لكي يقوم بدور
بديل الكومبارس الذي قام به من قبل شخصية كرتونية أخرى في 2014 هو حمدين صباحي،
بعد أن تم تمرير السيسي لفترة جديدة ... وبدلا من أن يقدم خطته للناس وينفذ وعوده
بالرخاء والعيش الكريم إذا به يرفع الأسعار ويذيق الشعب وبال أمره ويضغط عليه
وبقوة غير مسبوقة ثم يطلع على الناس مطالبهم كما فعل عبد الناصر من قبل بالصبر على
الجوع والعطش وأنه هو مستعد شخصيا لأكل وجبة واحدة من أجل بناء الأمة، وأنه صبر
عشر سنوات وليس في ثلاجته إلا الماء ولم يتغير شيء في واقع مصر، ونسي أنه أخذ من
الشعب 120 مليار لحفر التفريعة ثم قال للناس إنها كانت مشروع لرفع المعنويات وليس
للنفع الاقتصادي ..
ثم عاد بالأمس معلنا أن المشروع جاب فلوسه رغم أنه أعلن بعد شهور قليلة من
تشغيل التفريعة في 2015 أنها جابت فلوسها
وذكر 20 مليار جنيه من أصل المبلغ الي تم جمعه من الناس وقتها وكان 60 مليار جنيه
فأين الباقي وأين صرف؟ لا إجابة بالطبع بل ضحكات هستيرية ونكات تشبه نكات البهلول
الذي كان يجوب الشوارع والأزقة في الماضي قبل نصف قرن ...
انتقل السيسي من توصية
أمه له برد الأمانات والتي مارس فيها حالة (استخفاف) للشعب المصري ثم فوجئنا به
وكأن الراحلة أمه قد أوصته ببيع الجزر المصرية تماما كما أوصى عبد الناصر ابنته
هدى في ورقة تركها لها تحت مخدة السرير بأن الجزر يا بنتي يا هدى ليست مصرية دي
أمانة عندنا ويجب نرجعها .. وقد فعل ولا ندري بكم بيعت ولا بكم أهديت ...
ثم وبعد أن ظن الناس
أن بيع الجزيرتين هو نهاية مطاف حالة الاستخفاف الرسمي فإذا بنا نسمع عن إهدائه أو
منحه محمد بن سلمان ألف كيلو متر مربع من أراضي سيناء ولا نعرف هل هذا من ميراث
أبيه أو أمه ...
يواصل السيسي لعب دور
المسكين الذي يضحك الناس من أفعاله ولا يجرؤون على محاسبته لأنه بسيط ومسكين.
ثم أخيرا ظهر السيسي
بدون غطاء من حكمة بعد أن ظن وأتباعه أنه حكيم زمانه، فقد خرج عن شعوره حينما علق
على هاشتاج #ارحل_يا_سيسي وعوضا عن أن يعلن للناس أنه ووفاء بوعده وعهده الذي قطع
على نفسه غير مرة بأنه لن ينتظر أن يقال له ارحل .. إذا به يمارس دور المسكين من
جديد حين يلوم الشعب المطالب برحيله ويقول لهم إنه زعلان ومن حقه يزعل ولا أعرف من
أين جاء بهذا التعبير.... الشعب يطالبك بالرحيل لأن الشعب مقهور وليس مجرد زعلان
وأنت ترد على الناس بأنك زعلان ... وكأنه في خلاف عائلي مع أهل بيته أو مع أصحابه..
والمهم ليس أن قال ما
قال ولكن السياق الذي قال فيه كلامه هو سياق مهين فهو يصور نفسه من جديد على أنه
الرجل الذي يريد أن يخرج الأمة بأسرها وليس الشعب من العوز والفقر إلى الغنى
والحقيقة التي يدركها هذا الجنرال الذي فاق في (جنون عظمته) العقيد القذافي أنه هو
الذي أعوز الناس وأثقل كاهل مصر بالديون ورفع الأسعار ولا يزال يريد رفعها على الرغم
من أنه حين انقلب وعد الناس بالتغيير نحو الأفضل فإذا بمصر على حافة الانهيار ...
في نفس الوقت
واستمرارا لمسلسل الاستخفاف أو استعباط الناس تقرر عصابة الانقلاب وعبر ما يسمى
بالمحاكم إدانة المعتصمين في رابعة والحكم بإعدام 75 مصريا من قيادات الإخوان
والجماعات الإسلامية بتهمة استخدام القوة في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني
أن "رابعة" كانت أكبر مجزرة
عرفتها مصر في تاريخها الحديث ....
1
شارك
التعليقات (1)
مصري جدا
الأربعاء، 01-08-201806:57 م
لا ادري لماذا لجآ الدكتور زوبع لعنوان بالعامية ولغتنا الفصحى تسع كل التغبيرات والصياغات ،،، فضلا عن توصية الامام البنا التحدث بالعربية الفصحى لانها من شعائر الاسلام ،،،، ولم اصل لمقصد الدكتور زوبع من هذا الكم من الرصد لما هو معلوم عن جنرال الانقلاب السيسي ،،، مقالاتك السابقة نسبة التركيز والافاده فيها عالية ،،، وطرحك لبعض الرؤى والحلول واضح فيها ،،، فما الذي حدث في هذا المقال ،،، ام انها طبيعة المرحلة ،،، عموما رصيدك يا دكتور يسمح ،،،