تناول كاتب
إسرائيلي،
تفاصيل مثيرة لما أطلق عليها "صفقة الشقاق"، والتي تخص النزاع الأردني
السعودي على الوصاية على الأماكن المقدسة في مدينة
القدس المحتلة، وكيف اجتمعت
الرياض وعمان ومعهما إسرائيل على مواجهة النشاط التركي في القدس.
وأوضح الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، نداف
شرغاي، أن هناك "حدثا ذا معنى كبير يختبئ خلف كواليس المساعي الأمريكية
للترويج لـ"صفقة القرن"، كاشفا أن "السعودية طلبت لنفسها موطئ قدم
ومكانة في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس (المسجد الأقصى)".
وأكد أن إدارة الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب، التي "ترى في السعودية الحجر الأساس في محور الدول
العربية المعتدلة، والتي بدونها لن تقوم تسوية؛ لن ترفض الطلب السعودي"،
لافتا أن الطلب السعودي تسبب بحالة "صخب" لدى الأردن الوصية على
الأماكن المقدسة في القدس، والتي أصبحت وفق الكاتب "بشكل عملي شريك إسرائيل
الهادئ في إدارة الأقصى".
وأشار شرغاي، إلى أن
"الأردن توجهت لإسرائيل التي حاولت تهدئة روعها"، موضحة أن ملك الأردن
عبدالله الثاني "رفض أن يهدأ، وطلب من الإسرائيليين أن يتحدثوا مع الأمريكيين".
وذكر أن "إسرائيل
تحدثت مع واشنطن، وشددت على أهمية الأردن كذخر استراتيجي وإقليمي وأمني لإسرائيل،
وكشريك يمكن العمل معه في مسألة الحرم المتفجرة"، كاشفا أن "الأجوبة
التي جاءت من ترامب لم ترض عبدالله؛ الذي أراد تعهدا لا لبس فيه بأن مكانته كوصي
على الأقصى لن تتضرر".
ومن الناحية الأردنية،
فـ"الوصاية المنصوص عليها في معاهدة السلام مع إسرائيل، هي أحد مراسي القوة
لمواصلة وجود المملكة، التي يتضعضع وضعها الاقتصادي؛ حيث يشكل البدو والقبائل
الموالية للملك أقلية بين السكان؛ في الوقت الذي يشكل فيه الفلسطينيون مصدر قلق مستمر
للحكم".
ويضاف إلى هذا وفق
الكاتب الإسرائيلي، "الشحنة التاريخية والخصومة طويلة السنين بين عمان
والرياض، بالنسبة للهيمنة على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس"، منوها
أنه "بعد الحرب العالمية الأولى خسرت السلالة الهاشمية للسعوديين منصب حامي
الأماكن الإسلامية بمكة والمدينة، وواست نفسها بالوصاية الفرعية على مقدسات القدس".
ولفت شرغاي، إلى رعاية
الأردن للمسجد الأقصى، واستثمارها الكثير من الأموال في ترميمه، ودفع أجور
العاملين في الأوقاف الإسلامية بالقدس، مشيرا إلى أن "واشنطن تعرف هذا، ولكن
عندما تلبثت الإيضاحات من واشنطن بالوصول، قرر عبدالله العمل بطريقة عدو عدوي هو
صديقي".
فخلال الأشهر الأخيرة،
"كلف ملك الأردن نفسه عناء السفر إلى تركيا مرتين، حيث شارك في اجتماعات
الطوارئ لمنظمة التعاون الإسلامي التي دعا لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،
للاحتجاج على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس".
وأضاف: "الملك
عبدالله افترض بأن أردوغان، قلق مثله من إمكانية أن تتركهما السعودية بدعم من
ترامب في الخلف"، موضحا أن "اللامبالاة السعودية مقارنة بالغضب التركي في
ضوء نقل السفارة الأمريكية، إلى جانب البلاغ السعودي لتركيا بأنها تلغي صفقة سلاح
معها بمبلغ 2 مليار دولار، خلق نقاط التفاهم بين الاثنين (أردوغان والملك عبدالله)".
وأكد الكاتب، أن
"تلميح عبدالله للأمريكيين شديد الوضوح مفاده، أن الأردن لا يوجد في جيب
ترامب، وهو ليس شريكا تلقائيا للمحور العربي المعتدل، ووصلت الرسالة، وكانت
النتيجة أن السعودية خفضت بعدة مستويات الحديث عن وصايتها على الأقصى، وتخلت عن
الفكرة مؤقتا؛ كجزء من صفقة القرن".
وتابع: "للسعودية
حدود طويلة مع الأردن، والمصلحة السعودية في وجود المملكة الهاشمية ذات الوضع الاقتصادي
الصعب كبيرة، ولا تقل عن مصلحة إسرائيل"، منوها أن المظاهرات التي اندلعت في
الأردن بسبب الأزمة الاقتصادية العميقة شجعت السعوديين على عقد قمة في مكة لحل
مشاكل الأردن الاقتصادية العسيرة".
وأكد شرغاي، أن "مظاهرات الأردن إلى جانب لقاءات عبدالله في تركيا،
أدت إلى أن تحصل عمان على إقرار متجدد من إسرائيل والولايات المتحدة بالنسبة
لمكانتها في الأقصى".
ومع ذلك، "فقد
طلبت عمان أيضا دفع الثمن، فالأردن يدفع الثمن لإسرائيل في التسليم العملي
بالارتفاع الهائل في عدد الزوار (المقتحمين) اليهود إلى الأقصى، فيما أن تحفظ
الأردن على هذه الموافقة واضح؛ الزيارات نعم، الصلوات لا".
وكشف أن الأردن
"لا يزال مطالبا بالتخلي عن معارضة فكرة إقامة عاصمة فلسطينية في أبو ديس،
كما أنه مطالب بالابتعاد عن محور تركيا".
وكشف أن كلتيهما
(السعودية والأردن) أعربتا أمام إسرائيل عن قلقهما من المكانة التي يكتسبها
أردوغان وتركيا في القدس والمسجد الأقصى؛ عبر ضخ الأموال من خلال جمعية "تيكا"،
حيث بات من الواضح أن إسرائيل تعمل على استهداف أي نشاط تركي إنساني أو إغاثي في
مدنية القدس المحتلة.
وزعم الكاتب، أن الأجهزة الإسرائيلية المختلفة،
تعمل على جمعة الأدلة ضد الجمعيات التركية التي تتعامل مع الحركة الإسلامية التي
صنفتها إسرائيل "خارجة عن القانون"، وحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
وأضاف: "هذه المعلومات، لا تقض مضاجع محافل الأمن الإسرائيلية فقط بل
وتقلق جدا الأسرة المالكة الأردنية، التي تحاول العمل مع إسرائيل والسعودية ضد
المحاولات التركية لكسب معقل في القدس".